قصة الخضر وموسى
علي - الكويت - 11/07/2005م
في القرآن الكريم في سورة الكهف في قصة نبي الله موسى عليه السلام والعبد الصالح لما قام العبد الصالح يخبر نبي الله موسى عن حكمة فعله
في الفعل الاول قال (فأردت أن أعيبهاا)
في الفعل الثاني قال (فخشينا)و(فأردنا)
في الفعل الثالث قال (فأراد ربك)
لماذا حصر الإرادة بنفسه في الفعل الأول؟
ومن هم الذين أرادوا في الفعل الثاني؟
ولماذا حصر الإرادة بالله جل جلاله في الفعل الثالث؟
الإجابة:
بعدما قام الخضر بتصرفات غير مقبولة للوهلة الأولى، واستنكار موسى لتلك التصرفات التي تبدو بحسب الظاهر أنها تصرفات منكرة ، وضح الخضر لموسى السر وراء تلك التصرفات، فبين في البداية السبب وراء خرق السفينة ، يقول تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ، فالذي قام بخرق السفينة هو الخضر ولذلك نسب الفعل لنفسه مباشرة .
أما من هم الذين أرادوا في الفعل الثاني في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً وقوله تعالى: ﴿فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً الذي قام بقتل الغلام (فأردنا) هو الخضر، والتعبير بصيغة الجمع مع العلم بأن المتكلم شخص واحد أمر سائغ وشائع في كلام العرب، فالأشخاص الكبار - عادة- يتحدثون عن أنفسهم بصيغة الجمع، وقد يكون الذي نفذ قتل الغلام شخص آخر بأمر الخضر نفسه، ولذلك جاء التعبير بصيغة الجمع.
أما السر الذي جعل الخضر يبني الجدار على الكنز فمن أجل الحفاظ عليه من السرقة أو الضياع، يقول تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ أما لماذا حصر الإرادة بالله جل جلاله في هذا الفعل فربما يكون إشارة إلى أن الحياة والموت هو بيد الله دون سواه في قوله تعالى: ﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا فوصول الغلامين لمرحلة الحلم والقوة والشباب بيد الله عز وجل دون سواه.
ثم أن كل مافعله الخضر هو بأمر من الله تعالى: ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي بل بأمر من الله تعالى.وبذلك يتضح أسرار مافعله الخضر ولم يستطع موسى عليه صبراً، ﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً
وفي هذه القصة الكثير من الدروس والعبر التي يجب الاستفادة منها، والتي أهمها عدم التسرع في إطلاق الأحكام على الأشياء، وأهمية النظر للأمور من جميع الجوانب، وعدم الغرور بتعلم بعض العلم ، فمهما تعلمت من أشياء فقد غابت عنك أشياء أخرى.
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف