الشيخ اليوسف : التثقيف الذاتي وسيلة مهمة في صياغة العقلية الثقافية للشباب
الأستاذ رضي منصور العسيف * - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
وأكد سماحته على ضرورة مرحلة الشباب في عملية التثقيف الذاتي والذي يعني الاستمرار في كسب العلم والاستزادة من المعرفة وتنمية القدرات العقلية.
وعن أهمية التثقيف الذاتي قال سماحته: أن هذه العملية ضرورية لكل إنسان وبالخصوص الشباب فهي خطوة على طريق النجاح وبناء الشخصية والتطوير الذاتي والاطلاع على العلوم الحديثة. كما أن التثقيف الذاتي مهم جداً في عملية الخدمة الاجتماعية فمن يكون واعياً فإنه بلا شك سيسهم في بناء وخدمة مجتمعه.
ومن أجل الوصول إلى أفضل الطرق وأقصرها في عملية التثقيف الذاتي ذكر سماحته عدة خطوات نوجزها في النقاط التالية:
1/ عود نفسك على القراءة والمطالعة .. فالخير عادة، والشر عادة، فعودوا أنفسكم على الخير.
2/ كون لك مكتبة خاصة بك في منزلك تحتوي على كل الكتب المهمة لك ولتكن في مختلف حقول العلم والمعرفة.
3/ اجعل لك برنامجاً يومياً للقراءة والمطالعة والكتابة ( ساعة على الأقل في كل يوم، والأفضل ثلاث ساعات يومياً ).
4 / تواصل مع الحركة الثقافية والعلمية، وذلك من خلال المراسلة، والاتصال بدور النشر والتوزيع، وزيارة المكتبات والحضور في معارض الكتاب الدولية وزيارة المواقع الثقافية والعلمية على الانترنت.
5/ جالس وصادق العلماء والمفكرين والمثقفين، واستفد مما لديهم من علم ومعرفة وفكر وذلك من خلال التحاور والتناقش والتثاقف في القضايا العلمية والثقافية.
6/ اقرأ أفضل ما تجد، واكتب أفضل ما تقرأ، واحفظ أفضل ما تكتب.
وبعد كلمة سماحة الشيخ فُتح النقاش والمحاورة ومما جاء في النقاش:
تعقيب الأستاذ/ رضي العسيف الذي أكد على ضرورة التزود بالعلم حيث أن أول آية نزلت في القرآن الكريم هي ( اقرأ ) وتكررت مرتين كما تكررت كلمة (علم ) ثلاث مرات في سورة ( العلق ) حيث يقول تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ()خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ()اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ()الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ()عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) كما أن كلمة اقرأ ليست هواية يدونها الشباب في سيرتهم الذاتية بل هي ( عملية فكرية عقلية يتفاعل القارئ معها، ويفهم ما يقر﴾ه وينفذه، ويستخدمه في كل ما يواجهه من مشكلات، والانتفاع بها في المواقف الحيوية) كما أنه من الضروري جداً أن نهتم بوقت القراءة والكتابة ونجعل لهما وقتاً خاصاً ونتفرغ تفرغاً كاملاً لهذه المسألة الحيوية.
كما أن على الشباب ضرورة عمل مسابقات ثقافية بعنوان أفضل عرض لكتاب أو ملخص كتاب، وعقد حوارات وندوات بعنوان مناقشة كتاب.
.كما عقب الأستاذ حسين العسيف بقوله بضرورة القدوة في عملية التثقيف الذاتي، و ذكر سماحة الشيخ بعض الأمثلة والتجارب حول هذه النقطة حيث قال : لقد قرأ العلامة السيد عبد الحسين الأمين عشرة آلاف كتاب كي يتمكن من تألف كتابه القيم موسوعة الغدير، كما تفرغ للبحث والتأليف، ومن أجل إنجاز هذه المهمة الصعبة ترك درسه وبحثه للتفرغ التام للكتابة. كما كان يقرأ ويكتب في اليوم الواحد أكثر من 16 ساعة. وذكر الشيخ محمد جواد مغنية في تجاربه أنه كان يعمل يومياً ما بين 14-18 ساعة، ولذلك أنتج الكثير من المؤلفات القيمة.
أما الأستاذ حيدر المحمد علي فقد سأل حول الرواية : (إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء ) هل المقصود بالعلم هو عالم الدين فقط ؟
الإجابة من سماحة الشيخ : يفهم الكثير من العلماء أن المقصود من كلمة (العالم) هو عالم الدين باعتبار أن العلوم الشرعية أشرف العلوم، وأن موته فيه خسارة للعلم والدين؛ لكن هذا لا يلغي أنه قد ينطبق على كل عالم يحمل علماً فيه فائدة للدين والحياة، فالدين نفسه يدعو لاكتساب العلوم المفيدة للبشرية وينهى عن العلوم المضرة كالسحر والتنجيم.
وسأل الأخ منتظر المحيشي حول كيفية البدء بالقراءة فأجاب سماحة الشيخ بضرورة التخصص والتركيز على الجوانب المهمة التي يحتاجها الشباب، ومن الجيد أن يخصص الشاب فترة زمنية معينة يقرأ فيها جانباً محدداً .
أما الأخ محمد المحسن فسأل عن بعض الكتب التي تخص الشباب. فأجاب سماحته : الكتب كثيرة لا يسعنا التطرق لها ولكن من الكتب الجيدة في مجال العقائد – مثلاً- كتاب ( أصول العقائد لآية الله العظمى المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، كتاب ( ألف باء الإسلام للعلامة السيد هادي المدرسي ) وغيرها. وفي كل حقل توجد كتب مفيدة.
أما الأستاذ حسن عرقان فكانت مداخلته حول أن للثقافة والتثقيف الذاتي تأثيراً على شخصية الإنسان وسلوكه... فكيف تؤثر هذه الثقافة على شخصية الإنسان؟ وكيف تكون لها الأثر الإيجابي على شخصيته؟ وكيف يحافظ عليه؟ وكيف تؤثر سلباً عليه؟
وأجاب سماحة الشيخ عن هذا التساؤل بقوله : للثقافة والتثقيف تأثير على شخصية الإنسان سواء بالإيجاب بأن يزيده تواضعاً, كلما أزداد الإنسان علماً أزداد تواضعاً... وعلى الإنسان أن يتواضع للعلم لكي يستفيد منه.
وكذلك يمكن أن يكون له الأثر السلبي على الإنسان مثل الغرور والعجب الذي قد يصاحب الإنسان المثقف مما تؤدي به إلى العزلة والابتعاد عن الناس.
أما الأستاذ صادق العسيف فاستفسر حول مدى الاستفادة من الانترنت في مجال الكتابة والقراءة، ومدى تعامل سماحة الشيخ مع هذه الوسيلة؟
وأجاب سماحته : ساهم الكمبيوتر في تسهيل البحث كثيراً، فبينما كنت في الماضي عندما أريد استخراج آية قرآنية لأعرف في أي سورة ورقمها أستغرق أكثر من نصف ساعة وأنا أبحث في كتاب المعجم المفهرس لآيات القرآن الكريم، لا أحتاج في الوقت الحالي إلى أكثر من نصف دقيقة لاستخراج أي آية شريفة من القرآن الكريم. وفي حين كنتُ في الماضي أستغرق ساعات طويلة لاستخراج حديث شريف من كتاب بحار الأنوار - مثلاًَ- الذي يحتوي على 110 مجلد من المجلدات الكبيرة، لا أحتاج في الوقت الحالي ـ وبفضل الكمبيوتر ـ سوى إلى دقائق قليلة لاستخراج أي حديث، ومعرفة في أي كتب الحديث موجود، وعلى ذلك قس بقية الأمثلة.
كما أكد سماحته على نقطة جوهرية في هذا المجال حيث قال إن الانترنت بمفرده لا يصنع شاباً مثقفاً، وإنما المثقف هو الذي يحاكي الكتاب والانترنت معاً، ولهذا علينا أن نتعامل مع هذه الوسيلة بصورة دقيقة حيث يجب اختيار الصفحات الثقافية الجيدة وتخصيص وقت محدد للتصفح والقراءة.
أما الأستاذ باسم البحراني فقد عقب بكلمة جاء فيها: لا شك بأن القراءة تعتبر رافداً مهما من روافد الثقافة والتنمية الفكرية، لكن ينبغي التفريق بين الثقافة السطحية والثقافة المتعمقة، فالعمق الثقافي مطلوب، فلا يكفي أن تقرأ وإنما ينبغي تدعيم ذلك بأن يكون هناك عمق فكري وثقافي يستطيع الوقوف أمام الإثارات والإشكالات التي تعج بها الساحة الفكرية والثقافية هذه الأيام.
وفي ختام الجلسة تقدمت اللجنة بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ عبدالله اليوسف لاستضافته وحسن استقباله، على أمل أن يتجدد اللقاء معه في المرات القادمة .
4/5/1429
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف