- بطاقة تعريفية:
ولد سماحة الشيخ (عبد الله أحمد اليوسف) في قرية حلة محيش في أطراف مدينة القطيف (المملكة العربية السعودية)، عام 1383هـ/1964م. وهو باحث إسلامي أصدر عدداً من المؤلفات، منها: (حياة الإمام الهادي عليه السلام)، (الشخصية الناجحة)، (الصعود إلى القمة)، (الشباب.. هموم الحاضر وتطلعات المستقبل)، (فلسفة الفكر الإسلامي)، (الاجتهاد والتجديد).
وقد أجرينا معه هذا الحوار، فيما يرتبط بموضوع الشباب، ومما قاله في هذا اللقاء: لا يمكن أن تتحقق أية نهضة في أي مجتمع من المجتمعات البشرية إلا بالاعتماد على جيل الشباب، كما أوضح أنه من الخطأ الاقتصار على وسيلة أو وسيلتين في العمل التبليغي، بل ينبغي الاستفادة من كل الوسائل المشروعة للتأثير على جيل الشباب. وهذا نص الحوار:
- من الأمور الملاحظة حول طبيعة العلاقة بين جيل الشيوخ وجيل الشباب، وجود هوة واسعة بين الجيلين، فعلى سبيل المثال: قد لا تجد علاقة صحبة بين الأب وابنه! فكيف نتمكن من تجسير هذه الفجوة؟ وما هي الآليات والوسائل المساعدة في ذلك؟
أوافقك الرأي على وجود هوة واسعة بين جيل الشيوخ وجيل الشباب، وتزداد هذه الهوة اتساعاً يوماً بعد آخر، والسبب في ذلك يعود إلى أن جيل الشباب في مجتمعنا جيل متعلم ومثقف في حين أن جيل الشيوخ -في الأغلب- جيل أمي. كما أن ما شهدته البشرية خلال العقود الأخيرة من تطورات مذهلة في عالم التكنولوجيا الفائقة، ووسائل الإعلام والاتصال، وثورة المعلومات وتدفقها، وتقلص المسافات بين شعوب العالم، الشيخ عبد الله اليوسف: على جيل الشباب أن يستفيد من التجارب الحياتية لجيل الشيوخ، كما أن على جليل الشيوح الاستفادة من المعارف العلمية والثقافية عند جيل الشباب..
لم تشهده البشرية خلال قرون متطاولة من الزمن، وجيل الشباب أكثر تأثراً وانفتاحاً على هذه التطورات والتغيرات، في حين أن تأثر جيل الشيوخ محدود بالمقارنة مع جيل الشباب.
ونتيجة لذلك، تزداد المسافة بُعداً بين جيل الشباب وجيل الشيوخ. ومن أجل تجسير هذه الهوة يمكننا أن نشير إلى النقاط التالية:
1- أن يتفهم جيل الشيوخ متطلبات جيل الشباب، وأن يتفهم الشباب قناعات جيل الشيوخ حتى لا يقع التصادم والتقاطع بين الجيلين.
2- أن يقترب جيل الشيوخ أكثر فأكثر من جيل الشباب، وأن يتعاملوا معهم كأصدقاء، فهذا هو الطريق الأقصر لمعرفة ما يدور في عقولهم من أفكار، وفي قلوبهم من عواطف وأحاسيس؛ إذ إن مد جسور الصداقة بين الجيلين يساهم بصورة فعالة في خلق التفاهم والتعاون.
3- أن يحترم كل جيل قناعات الجيل الآخر، وأن لا يسعى أي طرف لفرض قناعاته على الطرف الآخر؛ إذ إن لكل جيل من الأجيال ظروفه الخاصة، وهذه الظروف الموضوعية هي التي تساهم في صياغة قناعات أي جيل، وترسم خصائصه وسماته الحاضرة والمستقبلية.
4- لكل جيل من الأجيال تجاربه، فعلى جيل الشباب أن يستفيد من التجارب الحياتية لجيل الشيوخ، كما أن على جيل الشيوخ الاستفادة من المعارف العلمية والثقافية عند جيل الشباب.
5- على جيل الشيوخ إعطاء المزيد من الحرية لجيل الشباب كي يعبر عن أفكاره وقناعاته وتصوراته في جميع جوانب الحياة، وعلى جيل الشباب أن يبدي المزيد من الاحترام والتقدير والإحسان إلى جيل الشيوخ.
وبتطبيق هذه النقاط عملياً يمكن تقليص المسافة الواسعة بين جيل الشباب وجيل الشيوخ.

- يحاول البعض التأثير على جيل الشباب من خلال استخدام الأسلوب الوعظي النصائحي؛ فهل يجدي هذا العمل شيئاً؟ أم إننا بحاجة لأساليب أخرى؟
يجب استثمار كل الوسائل والأساليب المشروعة للتأثير على جيل الشباب، وعدم إلغاء أي أسلوب أو وسيلة مفيدة في عملية التغيير والتأثير على هذه الشريحة.. الأسلوب الوعظي النصائحي هو أحد الوسائل للتأثير على الشباب، إذ إن هذا الأسلوب يخاطب روح وقلب الإنسان، وبالتالي فهو وسيلة مهمة للتأثير على سلوكيات الشباب، فللموعظة والنصيحة الصادقة دور ملحوظ في التأثير والتغيير، ولكن ينبغي أن نطور هذا الأسلوب بما يتماشى مع منطق العصر ومفرداته.
وإذا كان الأسلوب الوعظي مفيداً فهو بالتأكيد غير كافٍ في التأثير على جيل الشباب؛ إذ إن المطلوب الاستفادة من مختلف الأساليب والوسائل التي تؤثر على جيل الشباب؛ كالاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة، ومن شبكات الاتصال العالمية عبر استثمارها في توجيه الشباب نحو الدين، كما يمكن توظيف الحقائق العلمية في جذب الشباب نحو الدين؛ إذ إن العلم الصحيح يدعو إلى الإيمان. ومن الممكن أيضاً استثمار وسائل الترويح المشروعة عن النفس في استقطاب الشباب والتأثير فيهم.
المهم هو أن نوظف كل وسيلة مفيدة ونافعة في التأثير الإيجابي على جيل الشباب، ومن الخطأ الاقتصار على وسيلة أو وسيلتين في العمل التبليغي، بل ينبغي الاستفادة من كل الوسائل المشروعة للتأثير على جيل الشباب.
وثمة ملاحظة يجب التركيز عليها وهي: ليس كل وسيلة مشروعة مفيدة مع كل الشباب، فقد يؤثر الأسلوب الوعظي في شاب بينما يفقد هذا الأسلوب أي تأثير له في شاب آخر، كما أنه يمكن التأثير في شاب من خلال استخدام الأسلوب الثقافي فيما لا ينفع هذا الأسلوب في شاب آخر... وعلى هذا فقس بقية الأمثلة.
وبناء على ذلك، يجب استثمار كل الوسائل والأساليب المشروعة للتأثير على جيل الشباب، وعدم إلغاء أي أسلوب أو وسيلة مفيدة في عملية التغيير والتأثير على هذه الشريحة.
- فضيلة الشيخ.. تناولتم موضوع بناء الشخصية، في كتاب جميل يحمل عنوان: (الشخصية الناجحة)، السؤال هنا: كيف يستطيع الشاب أن يجعل من نفسه شخصية ناجحة عظيمة؟
هذا سؤال كبير، ويحتاج إلى إجابة مفصلة، والتفصيل موجود في الكتاب نفسه، ولكن يمكنني التركيز على مجموعة من النقاط لكي يستطيع الشاب أن يجعل من نفسه شخصية ناجحة عظيمة وهي كالتالي:
1- بناء الذات: يجب في البداية أن يبني الشاب ذاته، وأن يؤهل نفسه علمياً وعملياً لكي ينجح في معركة الحياة، والتأهيل يجب أن يكون شاملاً لكل جوانب البناء الإنساني، كما يجب أن يشمل جميع مكونات الإنسان الروحية والعقلية والجسمية لكي يكتمل البناء، بحيث يكون الشاب قادراً على صناعة النجاح.
2- امتلاك مقومات النجاح: من أجل أن ينجح الشاب في حياته عليه امتلاك أهم مقومات النجاح، وهي كثيرة ولكن أبرزها: الثقة بالنفس ، الإرادة القوية، العمل الدائم، الطموح اللامحدود، الهمة العالية...الخ.
3- اتباع قواعد النجاح: من أجل تحقيق النجاح لابد من اتباع ما يمكن أن نسميه بـ(قواعد النجاح) من قبيل: تحديد أهدافك في الحياة، استثمار نقاط القوة الموجودة في شخصيتك، الاستفادة من التجارب، مقاومة التعب، التخطيط والنظام في كل شيء، استثمار الوقت بطريقة منظمة، التعامل مع الحياة بجدية واجتهاد، عدم تضييع الفرص، عدم التهاون في إنجاز الأعمال..
وقد فصلنا القول في كل ذلك في كتابنا (الشخصية الناجحة) إضافة إلى كتاب (الصعود إلى القمة) وكتاب (الشباب.. هموم الحاضر وتطلعات المستقبل)؛ فمن أراد التفصيل فعليه بالرجوع إلى هذه الكتب.
-لا يمكن أن تتحقق النهضة في مجتمعٍ من المجتمعات إلاَّ بالاعتماد على أكف وجهود الشباب، فما هي الإسهامات المطلوبة منهم، لتحقيق الطموحات والتطلعات؟
صحيح أنه لا يمكن أن تتحقق أية نهضة في أي مجتمع من المجتمعات البشرية إلا بالاعتماد على جيل الشباب، إذ إن هذا الجيل يمكنه أن يقدم إسهامات متعددة ومتنوعة لتحقيق طموحات وتطلعات الأمة، ويمكن الإشارة إلى بعضها ضمن النقاط التالية: جيل الشباب جيل متعلم ومثقف، وبالتالي يستطيع الشباب أن يساهموا في حركة التأليف والكتابة، ونشر الثقافة في المجتمع، وإنماء الوعي العام...
1- الإسهامات العلمية: يمكن للشباب أن يقدموا إسهامات علمية في مختلف الحقول العلمية؛ مما يعمل على تطوير العلوم، وتسارع خطأ الاكتشاف والاختراع العلمي، وتنشيط الإبداع والابتكار في مختلف الجوانب العلمية.
2- الإسهامات الثقافية: جيل الشباب جيل متعلم ومثقف، وبالتالي يستطيع الشباب أن يساهموا في حركة التأليف والكتابة، ونشر الثقافة في المجتمع، وإنماء الوعي العام، وتنمية الملتقيات الأدبية والثقافية.
3- الإسهامات الاجتماعية: من الفرص المتاحة لجيل الشباب القيام بالعديد من الإسهامات الاجتماعية، كالعمل على تقوية مؤسسات الخدمة الاجتماعية من جمعيات خيرية، ونواد رياضية، ولجان كافل اليتيم، وصناديق الزواج الخيرية...الخ، وتنشيط مؤسسات المجتمع الأهلي، والمشاركة في كل ما يؤدي إلى تنمية الفاعلية المجتمعية.
4- الإسهامات الاقتصادية: يتمكن جيل الشباب، بما يتميز به من خصائص، كالحيوية، والقوة، والصحة... من المشاركة في تنمية الاقتصاد الوطني؛ وذلك من خلال الإخلاص في العمل، وزيادة الإنتاج، والاتقان في الأداء الوظيفي. كما يمكن للشباب أن يساهموا في تطوير البرامج الاقتصادية، وأن يبدعوا في التجارة والأعمال الحرة... وغير ذلك كثير.
5- الإسهامات السياسية: للشباب دور مؤثر في الحركة السياسية؛ إذ يمكن للشباب أن يقدموا إسهامات كبيرة في القضايا السياسية من قبيل: المشاركة في البرامج السياسية، وتداول الآراء التحليلية حول قضايا الساعة، وتنمية الوعي السياسي في المجتمع، والمشاركة في الكتابة السياسية في المجلات والصحف...الخ.
هذه بعض الإشارات المهمة لما يمكن أن يساهم به جيل الشباب في سبيل تحقيق ما تتطلع إليه الأمة من طموحات كبيرة وأهداف استراتيجية.

اضف هذا الموضوع الى: