سماحة الشيخ عبدالله اليوسف والأستاذ أسعد النمر أثناء الندوة النقاشية حول كتاب العنف الأسري بمركز آفاق للدراسات والبحوث بسيهات 29 محرم1432هـ - 4يناير2011م
|
أقام منتدى آفاق الثقافي حلقة نقاشية في كتاب (العنف الأسري: دراسة منهجية في المسببات والنتائج والحلول) للشيخ الدكتور عبدالله اليوسف ، مساء الثلاثاء الموافق29/1/1432هـ بحضور جمع من المثقفين والمهتمين ، وبمشاركة مؤلف الكتاب ، والأستاذ أسعد النمر بورقة نقدية حول الكتاب ، وأدار الحوار الأستاذ السيد إبراهيم الزاكي .
وبين الشيخ الدكتور اليوسف في بداية حديثه أن ظاهرة العنف الأسري التي بدأت في الانتشار في مختلف المجتمعات العربية والعالمية ليست بالشيء الجديد؛ حيث أنها موجودة منذ الأزل ، إلا أنها اليوم تنتشر وتتطور بأساليب وصور متعددة، ودوافع وأشكال مختلفة تترافق مع انتشار العنف الأسري في المجتمعات.
وحصر الدكتور اليوسف دوافع كتابته لهذا الكتاب والبحث في موضوعه في ثلاثة دوافع وهي: وجود بعض القضايا الاجتماعية المتعلقة بالعنف الأسري في مجتمعنا.. شح الكتابات والدراسات في هذا الجانب .. عدم اهتمام الباحثين برؤية الإسلام بهذا الجانب ، في إشارة إلى تغييب الرؤية الإسلامية في بعض الكتابات الإجتماعية.
وأشار الدكتور اليوسف إلى أن الكتاب يتناول ظاهرة العنف الأٍسري من مختلف أبعادها ومسبباتها ونتائجها وآثارها، وكيفية منع حدوثها، وتوضيح القواعد التي تساعد على خلق التكيف الزواجي والانسجام العائلي.
ويمثل الكتاب الرسالة العلمية التي نال من خلالها الشيخ درجة الدكتوراه في علم الاجتماع؛ حيث ألقى الضوء في الفصل الأول على الإطار النظري والمنهجية العلمية لدراسة العنف الأسري ، متناولا عددا من مفاهيم ومصطلحات دراسة (العنف الأسري) كمفهوم العنف ، ومفهوم العنف الأسري، ومفهوم الأسرة.
وفي الفصل الثاني سلط الشيخ الدكتور اليوسف في كتابه الأضواء على حجم ظاهرة العنف الأسري وأنواعه الرئيسة، مقسمًا العنف إلى عنف نفسي، وعنف جسمي، وعنف جنسي، وخلص في هذا الفصل إلى أن العنف الأسري "ظاهرة وليست فقط مشكلة " .
فيما تناول في الفصل الثالث فئات العنف الأسري، وصوره وأشكاله، معددا من صور العنف كالعنف ضد الزوجات و المرأة والأزواج و الأطفال و الخدم. مبينا أن أكثر حالات الفئات تعرضا للعنف هم النساء. مشيراً إلى أن الخدم وإن لم يكونوا من الأٍسرة إلا أنهم يعيشون في إطارها العائلي.
وفي الفصل الرابع ركز دراسته على مواصفات وخصائص الزوج العنيف ، وكذلك خصائص الزوجة الضحية، وهي التي تتعرض للعنف. فيما تتطرق الدراسة بشيء من التفصيل عن مسببات وأسباب العنف الرئيسة المنتشرة في المجتمعات الإنسانية في الفصل الخامس.
وفي الفصل السادس ركزت الدراسة على استخدام الضرب في العنف الجسدي، مؤكدا على أنها من أهم وسائل العنف المنتشرة في مجتمعنا، متحدثا في نهاية هذا الفصل عن نتائج وآثار العنف والضرب السلبية. ما الفصل السابع تناول مجموعة من القواعد التي يجب إتباعها من قبل أفراد الأسرة حتى لا يقع العنف الأسري بينهم. وينهي المؤلف أطروحته بنتائج وتوصيات الدراسة التي توصل إليها من خلال تناوله لظاهرة العنف الأسري من جميع أبعادها وزواياها المختلفة.
فيما شارك الأستاذ أسعد النمر بورقة نقدية للكتاب أثار فيها العديد من التساؤلات والملاحظات حول الدراسة، واصفا تلك التساؤلات ضمن التوجيه والنقد بهدف الاستقراء، ملفتا إلى أن قراءته لهذا الكتاب جاءت في سياق نقده للمنهجية التي سار عليها المؤلف ليخرج كتابه بالشكل والمضمون الذي هو عليه في مؤلّفه. وأشار إلى أن عنوان الكتاب الحالي ينسجم مع ما جاء في مضمون الكتاب، وهذا في حد ذاته تُحسب للمؤلف لا ضده وبقطع النظر عما جاء في المضمون.
ورأى أن العنوان " العنف الأسري " عنوان عام جداً وشامل للكثير من المتغيرات دون تحديد. وهذا عادةً يُعد نقطة ضعف في منهجية الباحث. موضحا أن المطلوب أن يحدد الباحث المتغيرات التي يريد دراستها في سياق العنف الأسري. وتابع في ذات السياق بقوله: "وحينما أردف المؤلف عنواناً فرعياً لكتابه، وهو: دراسة منهجية في المسببات والنتائج والحلول "، دفعني للتوقف كثيراً عند مفردة " منهجية ". وقد ظننت قبل أن أقرأ الكتاب أن المؤلف سيبني دراسته على منهجية أكاديمية تقوم على المنحى التطبيقي أو الميداني أو التجريبي أو نحو ذلك".
وعن المنهج الذي اتبعه المؤلف على النحو التالي: أهمية الدراسة؛ أهداف الدراسة؛ فرضيات وتساؤلات الدراسة؛ الدراسات السابقة ، موضحا أن المؤلف لم يورد ضمن منهج الدراسة عينة الدراسة ولا أدواتها ( المقاييس أو الاختبارات التي يتم بها التحقق من صدق الفروض )، مشيرا إلى أن الدراسة التي بين أيدينا لم تعتمد على عينة وبالتالي لا توجد أدوات يتم تطبيقها على عينة، كذلك لم يعيّن المؤلف حدود لدراسته. ملفتا إلى أن من يمعن النظر في كل البنود سواء في بنود أهمية الدراسة أو أهدافها سيلاحظ أن التمييز بين الأهداف والأهمية لا تبدو واضحة كثيراً.
وفيما يخص فرضيات وتساؤلات الدراسة ، قال: " لقد شعرت بارتباك أبعدني عن صياغة الفروض المعروفة أكاديمياً سواء على هيئة سؤال أو عبارة" . وعن مفاهيم الدراسة ، بين النمر أن المؤلف أورد مفهوم العنف في عدّة سياقات، هي: العنف في اللغة، والعنف اصطلاحاً في معناه القانوني والاجتماعي، والنفسي. وهم ما رآه النمر خلطاً لا لزوم له بين مفهوم العنف ومفهوم العدوان بقوله :" إن أعظم الدراسات التي تناولت السلوك العدواني تحديداً فرّقت بين العنف باعتباره أقصى حالات التعبير عن العدوان سلوكياً. فالعدوان مصطلح يندرج ضمنه العنف وليس العكس".
وأشكل النمر على المؤلف اعتماده في دراسته لظاهرة العنف على إحصاءات وأرقام من مصادر غير علمية معتمدة ذلك حين اعتمد الباحث على الصحافة وبعض المواقع إلإلكترونية لتدعيم ما يراه حجماً لمشكلة العنف الأسري، موضحا أن مصداقية الصحف كمصادر علمية مشكوك فيها أحياناً فلا يؤخذ بها بالتالي في كل الدراسات. واختتم النمر ورقته بقوله: يظل جهد المؤلف بارزاً كمشروع نظري في مجال العنف الأسري الذي يُستفاد منه سواء من أجل الوعي الثقافي العام بمجال العنف الأسري أو في مجال إجراء دراسات في ذات المجال.
وبعدها عقّب الشيخ الدكتور اليوسف على بعض الإشكالات والملاحظات التي أوردها النمر في ورقته النقدية خاصة فيما يتعلق بالمصادر وحصول المعلومات والعينات ، حيث ذكر أنه لم يجد تجاوبا من قبل المراكز العلمية المتخصصة في هذا الجانب مما أصعب عليه الحصول على المعلومات من المصادر العلمية المعتمدة، لذلك التجأت إلى الصحف ، مشيرا إلى أن الصحف وإن لم تكن مصدرا معتمدا ودقيقا إلا أنها تعطي نتيجة للقارئ بحجم المشكلة. إضافة إلى أن موقعية الباحث كعالم دين جعلته مطلعاً على الكثير من حالات العنف الأسري التي تقع في المجتمع.
وفيما يتعلق بالعينات أفاد الباحث أن هذه الدراسة لم تقتصر على مجتمع معين كالمجتمع السعودي مثلا ، ولم تكن دراسة ميدانية تطبيقية، وإنما هي دراسة ركزت على الإطار النظري والمعرفي لظاهرة العنف الأسري.
بعدها أثير الكثير من الإشكالات والملاحظات من قبل بعض المداخلين تركزت عل ما ذكرها الأستاذ النمر حول العنوان والمصادر والعينات وأسباب ونتائج العنف الأسري داخل المجتمع . فيما أثار البعض إشكالية غياب رجال الدين ، الجانب التعليمي ودور المؤسسات الأهلية ، داعين إلى وجود مؤسسات تربوية تعنى بهذا الجانب. وكان من بين المداخلين الشاعر جمال الحمود ، المهندس عبدالله زين الدين، والأستاذ منصور سلاط، والأستاذ أسعد المشرف ، والأستاذ محمد الزاكي،والأستاذ عبد الله المسكين، والأستاذ علي الشيخ أحمد، وآخرون.