جَسَّد الإمام الرضا مفهوم الزهد بمعناه الحقيقي، وهو الابتعاد عن كل بهارج الدنيا وزخارفها، والانقطاع التام إلى الله عز وجل، وقد تحدث عن مظاهر زهده محمد بن عباد الذي قال:

كان جلوس الرضا على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيا.

ولقيه سفيان الثوري في ثوب خز فقال: يا ابن رسول الله لو لبست ثوباً أدنى من هذا، فقال: هات يدك، فأخذ بيده وأدخل كمه فإذا تحت ذلك مسح  . فقال: يا سفيان الخز للخلق والمسح للحق.

وهذا يشير إلى أن الإمام كان يلبس للناس الملابس الجيدة، لأن الناس ينظرون إلى الشخص من خلال ملابسه، حتى قيل: كل ما تشتهي نفسك والبس ما يشتهي الناس. لكن الإمام كان يلبس لباساً آخر لله عز وجل، وفيه تقشف ورياضة للجسد حتى يبقى الزهد والتواضع ماثلاً أمام نفسه في كل لحظة من لحظات حياته.

وبقي الإمام الرضا محافظاً على زهده حتى عندما أصبح ولياً للعهد؛ إذ يجمع مؤرخو سيرته المباركة على أنه لم يحفل بأية مظاهر أو أبهة كما يعتاد عند أهل الحكم والبلاط، خصوصاً وأن مظاهر الارستقراطية كانت بارزة في البلاط العباسي، إلا أن الإمام الرضا لم يكن يقيم للمظاهر ولا الدنيا بما فيها من زخارف وبهارج أية قيمة، بل المهم عند الإمام هو القيم والأخلاق والمثل العليا.