(دور الدين في الوقاية من الأمراض) إصدار جديد ومتميز لسماحة الشيخ عبدالله اليوسف، يبحث فيه العلاقة الإيجابية لوصايا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما جاء على لسان أهل البيت وآثارها على الصحة والوقاية من الأمراض.
ولا يخفى على الجميع أننا نعاصر حياة مدنية متطورة تدعو إلى الكسل متيحة سبل الراحة حتى في إعداد الطعام اختصاراً للوقت ممّا أدى إلى انتشار الأمراض المزمنة. ناهيك عن انشغال الكثيرين حتى عن عباداتهم الروحية وعن إعطائهم الوقت لممارستها.
وهنا يؤكد الشيخ اليوسف في كتابه أن للعبادات الدينية فوائد روحية ونفسية وسلوكية وصحية على الإنسان لإسهامها في الوقاية من بعض الأمراض وخصوصاً النفسية منها. فالصلاة مثلاً تحمي الإنسان من الإصابة بأي مرض نفسي وذلك بسبب الاتصال بالقوة المطلقة في هذا الكون والمتمثلة في الله عز وجل، لذلك دائماً ما تعطي الصلاة الراحة والاطمئنان، وزوال الهموم والأحزان من القلب. ومن جهة أخرى تأثيرها على صحة الإنسان بدءاً من الاغتسال عند كل صلاة والذي بدوره يزيل الأوساخ المعنوية والمادية معاً إلى ما في أداء حركات الركوع والسجود من فوائد حتى في تسهيل عملية الهضم ومنع الإمساك.
ويبحث الشيخ اليوسف التوصيات الدينية في التراث الإسلامي المرتبطة بتناول الطعام والشراب ووقايته من الأمراض ومنها:
- الاعتدال في الأكل والشرب، استناداً لقول الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف:31]، لما في ذلك من ضرر صحي كالسمنة وتصلب الشرايين وارتفاع السكري والكوليستيرول.
وأهمية التوازن وتجنب النهم، لقول الإمام علي : "لا تجتمع الصحة والنهم"، وقوله: "كم من أكلة منعت أكلات".
- استحباب التسمية والتحميد، فعن أبي عبدالله : "إن الرجل المسلم إذا أراد يطعم طعاماً فأهوى بيده وقال: بسم الله والحمد لله رب العالمين غفر الله عز وجل له من قبل أن تصير اللقمة إلى فيه". وقد أثبتت الدراسات الحديثة آثار البسملة العجيبة على الماء من الناحية العلمية على الوضع النفسي لدى الإنسان.
- الاهتمام بالنظافة، وقد ورد عن أبي عبدالله أنه قال: "من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة، وعوفي من بلوى في جسده"، وأكد أن نظافة اليدين، ونظافة الطعام هو شرط رئيس لحماية الإنسان من التعرض للأمراض الخبيثة والخطيرة والمضرة وهذه من تعليمات الإسلام وتوصياته.
- اختيار الغذاء الصحي، وذلك بالمداومة على حسن اختيار وتوازن العناصر الغذائية في الوجبات بحيث تكون شاملة للمجموعات الغذائية من بروتينات ودهون ونشويات وفيتامينات وأملاح وماء، لتلبي احتياجات الجسم وتوفر له صحة وسلامة أفضل.
وقد تطرق الشيخ اليوسف إلى أهمية تناول الفواكه وتأكيد وصايا رسول الله وأهل بيته على تناولها. ونذكر على سبيل المثال ما روي عن رسول الله أنه قال: "عليكم بالفواكه في إقبالها، فإنها مصحة للأبدان، مطردة للأحزان، وألقوها في إدبارها فإنها داء الأبدان". كما أشار إلى بعض من نتائج الدراسات الحديثة والأبحاث العلمية المؤكدة على ما جاء به أهل البيت منذ مئات السنين حول أهمية تناول الغذاء الصحي وأثره الفاعل على الصحة.
- أن يكون الطعام من المال الحلال، فالطعام سواء كان حلالاً أو حراماً يترك آثاره على جسم الانسان وروحه وسلوكه ولو بعد حين من الزمن. يقول الإمام الرضا : "إن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً إلا فيه من المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا لما فيه الضرر والتلف والفساد"، فتحريم الأشياء أو إباحتها على أساس المصالح والمفاسد.
وكما نهتم بسلامة الأغذية والأطعمة وصلاحيتها للأكل علينا الاهتمام بالمال الذي نشتري منه ذلك الطعام بنفس المستوى.
وفي جانب آخر، تطرق الشيخ اليوسف إلى أهمية الابتعاد عن الذنوب والمعاصي لما لها من أسباب رئيسة في انتشار الأمراض، ويذكر حديث الرسول الأكرم : "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا".
وأخيراً يختتم الشيخ اليوسف كتابه بأهمية الوقاية بدل العلاج، والوقاية من الأمراض بالابتعاد عن الذنوب والمعاصي والمنكرات والالتزام بما أمر الله تبارك وتعالى واجتناب نواهيه.
كتاب رائع وسهل الفهم، يمتاز بأسلوب ميسر على جميع الفئات العمرية، خفيف الوزن متمثلاً في 58 صفحة، 18x11سم، لا يأخذ الوقت الطويل لقراءته ولكنه يعطي فوائد جمة.