أشاد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف بشخصية العلامة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي الأخلاقية والعلمية، إذ كان (رحمه الله) صاحب أخلاق رفيعة، وذا سمات حميدة، إذ كان يتميز بالتواضع والحكمة والهدوء، وحسن التعامل مع لجميع، ويجيد فن الاستماع لمن يتحدث إليه، ويشعره بأهميته ومكانته.
وأضاف سماحته قائلاً: إن مما يميز الشيخ الفضلي أنه لم يدخل في صراعات أو سجالات مع أي طرف أو جهة أو تيار، بل كان منفتحاً على الجميع، سواء في سيرته العملية أم في مؤلفاته وكتاباته، حيث كان يشير إلى مختلف آراء المدارس الفقهية والكلامية والفكرية؛ وهو ما جعله محل احترام وتقدير كل التوجهات والتيارات الدينية والاجتماعية والعلمية.
وأشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في خطبته ليوم الجمعة غرة جمادى الآخرة 1434هـ الموافق 12 أبريل 2013م في مسجد الرسول الأعظم بالحلة في محافظة القطيف إلى أن الشيخ الفضلي كان أباً للجميع؛ إذ كان يحتضن الصغير، ويستوعب الكبير، ويفهم المثقف، وينفتح على كل الآراء بقلب بصير وعقل ناقد.
واعتبر سماحته أن الدكتور عبدالهادي الفضلي كان قامة علمية شامخة، وقد تجلت في أستاذيته في الحوزات العلمية والجامعات، كما في مؤلفاته القيمة، ومحاضراته المتنوعة، وأدواره الثقافية والعلمية المختلفة مما كان له أكبر الأثر في الساحة الدينية والعلمية والأدبية.
وبيّن سماحة الشيخ اليوسف أن العلامة الفضلي كان معتدلاً في آرائه وأفكاره، ويدعو إلى التعايش والحكمة والاعتدال والانفتاح، بعيداً عن التعصب والانغلاق والتحجر الفكري.
وأشاد سماحته بمنهجية الدكتور الفضلي العلمية، وتجديده للمناهج الحوزوية، من خلال كتابتها بأسلوب عصري وممنهج، جمع فيها بين العمق العلمي للحوزات، والمنهجية العلمية للجامعات في كتابة البحوث الأكاديمية، وهو الأمر الذي دفع بعدد من الحوزات العلمية والجامعات الأكاديمية لتدريس بعض ما كتبه من مقررات حوزوية وعلمية.
وأوضح أن الشيخ الفضلي من الشخصيات العلمية النادرة التي استطاعت أن تقدم مناهج علمية مقبولة للحوزات والجامعات بمستوى عال من العمق في المحتوى، وسلاسة الأسلوب مع استخدام أدوات البحث العلمي الحديث.
وأرجع ذلك إلى ثقافته الشمولية والموسوعية التي تعمقت نتيجة تجربته الغنية والتي امتدت على فترة زمنية طويلة قاربت الخمسين عاماً، وشملت حواضر علمية مهمة ومحطات مختلفة بدءاً من البصرة ومروراً بالنجف الأشرف ثم الاستقرار في مدينة جدة وأخيراً حط الرحال في مدينة الدمام. وبين هذه الحواضر العلمية كان يسافر بين الفينة والأخرى إلى مدن مهمة في العالم، مما جعله صاحب ثقافة غنية بخصائصها وسماتها المتنوعة.
وفي نهاية خطبته دعا سماحة الشيخ عبدالله اليوسف إلى الاستفادة من العلماء في حياتهم والنهل من علومهم، والاقتراب منهم، مبدياً الأسف تجاه ظاهرة الاحتفاء بالشخصيات العلمية بعد موتها، وكيل المديح والثناء لها، في حين يتم تجاهلها في حياتها، وعدم الاستفادة مما لديها من علوم ومعارف تحت مبررات غير صحيحة وواهية.
وطالب سماحته بقراءة ما كتبه الشيخ الفضلي قراءة موضوعية و علمية للاستفادة منها، والبناء عليها، وتقويم تجربته العملية الغنية بالتجارب والمنعطفات الهامة، وتقديمها للأجيال الجديدة كي يتم استخلاص العبر منها، والاستفادة من دروسها بما فيها من آمال وآلام.