الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة في المسجد
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في الخطبة الأولى لصلاة العيد في غرة شوال 1434 هـ الموافق 9 أغسطس 2013م في مسجد الرسول الأعظم بالحلة بمحافظة القطيف عن أهمية تقوية الجانب الروحي، باعتباره يشكل بعداً مهماً من أبعاد الإنسان الثلاثة: الروحية والعقلية والجسمية.
وأضاف قائلاً: إن البناء الروحي في شخصية الإنسان بحاجة إلى استمرارية وتغذية بالروحانيات والمعنويات، وأن ذلك يتطلب ذكر الله تعالى في كل وقت وحين، والمداومة على تلاوة القرآن الكريم، والإكثار من اتيان بعض المستحبات والمندوبات كصوم بعض الأيام المستحبة، وتذكر الموت، والتفكير في المستقبل الأخروي حيث الخلود الدائم إما في الجنة أو النار.
وأكد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية جهاد النفس، والتغلب على الشهوات والغرائز، وتعميق القيم الروحية والمعنوية، وأن تكون تلك المعنويات والروحانيات جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان، خصوصاً وأن الماديات طغت على كل شيء في الحياة.
وشدد سماحته على أهمية المحاسبة الذاتية للنفس كوسيلة مهمة في إنماء البعد الروحي والمعنوي في الشخصية امتثالاً لقول الرسول الأكرم (( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )) مشيراً إلى ما دأب على فعله بعض العلماء الربانيين من محاسبة أنفسهم في كل يوم قبل النوم بجرد ما قاموا به من أعمال صالحة، وما قصروا فيه من الواجبات، وما قد يكون ارتكبوه من ذنوب أو أخطاء.
وفي الخطبة الثانية من صلاة العيد ركز سماحة الشيخ عبدالله اليوسف على الفروق بين التدين الحقيقي والتدين الشكلي، وأن التدين الحقيقي هو ما يعبر عن الإيمان بالمعتقدات الحقة، وأن يكون الإيمان نابعاً من علم ومعرفة بالدين، والالتزام بأخلاقيات التدين في التعامل والسلوك.
وبيّن سماحته أن التدين الشكلي هو ما يعبر عن التمظهر بشكليات التدين ولكنه فعلياً غير ملتزم بأخلاقيات وقيم ووصايا الدين في التعامل والسلوك، وأن هذا يتنافى مع مفهوم التدين الحقيقي؛ إذ أن الدين منظومة متكاملة ولا يصح التعامل معه بانتقائية.
وأوضح سماحته أن المتدين الشكلي يعيش ازدواجية بين مظاهره الدينية من حيث الشكل والمظهر ولكن سلوكه العملي لا يعبر عن التزام ديني، بينما المتدين الحقيقي ينعكس تدينه على تعامله وسلوكه وأخلاقه فـ (الدين المعاملة).
ودعا سماحته إلى الالتزام بمكارم الأخلاق، وحسن التعامل مع الناس، فالالتزام بذلك من صميم الدين، فالإسلام يدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق، وجميل الصفات والأفعال؛ وإلا فإن التدين الذي لا تنعكس آثاره على صاحبه ليس بتدين حقيقي ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ فإن لم تكن تنهى عن الفحشاء والمنكر فهي ليست بصلاة مقبولة، إذ يجب أن تنعكس آثارها على الإنسان، وهكذا يجب أن ينعكس الدين بكل تعاليمه ووصاياه على سلوكنا الخارجي، وهذا هو المقياس الحقيقي للتدين.
وضرب سماحته بعض الأمثلة كمقاييس على التدين الحقيقي كالالتزام بأداء الحقوق لأصحابها، وحفظ الأمانة، ورد الأموال لأهلها، والصدق في القول، والتحلي بمكارم الأخلاق.
وختم سماحة الشيخ اليوسف خطبته بالدعوة إلى جعل العيد محطة للتحول نحو الأفضل في كل شيء، والبدء بصفحة جديدة في العلاقة مع الله، والعلاقة مع الناس، والالتزام بقيم وأخلاق الدين في التعامل والسلوك.