حذر سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 5 ذو الحجة 1434هـ الموافق 11 أكتوبر 2013م من تنامي ظاهرة المنهج التصادمي والخطاب الصدامي مع الآخرين، معتبراً أن ذلك يؤدي إلى نتائج وخيمة على المجتمع والأمة، ويساعد على تفرقة الناس، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وبث الفتن بين المكونات الاجتماعية المختلفة.

وأضاف قائلاً: إن من حق أي مذهب أو مدرسة فكرية أن تعبر عن أفكارها ومعتقداتها ولكن بحكمة وعلم وبرهان، بعيداً عن الاستخفاف بالآخرين أو الاستهزاء بمعتقداتهم أو الإساءة إليهم.

وبيَّن سماحة الشيخ اليوسف أن من يتتبع سيرة أئمة أهل البيت الأطهار يجد تركيزهم الدائم على نشر العلوم والمعارف، والتمسك بالأصول والفضائل الأخلاقية، والتأثير على الآخرين من خلال هذا المنهج القرآني: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾^[1] .

واوضح سماحته أن الدعوة إلى الله تعالى يجب أن تقوم على الأسس الثلاثة التي ذكرتها الآية المباركة وهي:

1- الحكمة: وتعني العلم والمعرفة القائم على الدليل والبرهان، وهي تخاطب العقل.

2- الموعظة الحسنة: والمقصود بها النصيحة والإرشاد والتوجيه والتي تخاطب العاطفة والوجدان، وهي موجهة للقلب، واشترطت الآية الكريمة أن تكون الموعظة حسنة.

3- المجادلة: والمقصود به المناظرة والنقاش والحوار ولكن بقيد ﴿ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ وليس مطلقاً.

وأشار سماحته إلى أن الفتن التي تغلف باسم الدين هي من أخطر الفتن، والتي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على الجميع. يقول تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾^[2]  وقوله تعالى: ﴿َالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾^[3] .

ونبّه إلى أن الحروب الدينية والمذهبية يمكن أن تؤدي إلى إحراق الأخضر واليابس، ولذلك يجب الوقوف بوجه كل من يسعى إلى إيجاد الفتن مهما كان انتماؤه أو مذهبه أو دينه؛ لأن إشعال الفتن سهل جداً بينما إخمادها من أصعب الأمور، وأضرارها لا تقتصر على موجدها بل تعم الجميع.

وشدد سماحته على أهمية استخدام الخطاب العلمي المتعقل القائم على الحكمة والموعظة الحسنة والاتزان والنضج والوعي، ورفض أي خطاب يقوم على الانفعال واستفزاز الآخرين، أو تحقيرهم، أو الازدراء بهم، منبهاً من أن وجود تيارات تكفيرية ومتعصبة من الطرف الآخر ضد الشيعة لا يبرر الوقوع في مخالفات شرعية.

وأكد سماحته على أهمية الالتزام بوصية الإمام الصادق لشيعته قائلاً: ((((معاشر الشيعة: كونوا لنا زيناً، و لا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسناً، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول، وقبيح القول))^[4] .
 
وقال سماحته ربّ كلمة قبيحة أوجدت فتنة اجتماعية كبيرة، وربَّ كلمة جميلة فتحت آفاقاً كبيرة في بناء الثقة بين مختلف الاتجاهات والتيارات والمذاهب، بل والأديان المختلفة، فالحفاظ على سلامة المجتمع واستقراره ومصالحه العليا هو من الأهداف المهمة التي يجب السعي إلى تحقيقها.

وأشاد سماحة الشيخ اليوسف في نهاية كلمته بفتوى المرجع الديني السيد السيستاني (دام ظله) بإدانة واستنكار أي تصرف يستفز الآخرين أو يسيء لمعتقداتهم -كما حدث بالأعظمية ببغداد- مما هو مخالف لسيرة أئمة أهل البيت الأطهار، وأن هذه الفتوى جاءت لإخماد الفتنة بين المسلمين في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة بأكملها حالة احتقان طائفي خطير، وخصوصاً في العراق، مما يتطلب اتباع أسلوب الحكمة والمنهج العلمي، والبعد عن المنهج التصادمي الذي لا يخدم سوى أعداء الدين.

اضف هذا الموضوع الى: