الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة في المسجد
|
أشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة يوم الجمعة بتاريخ 18 محرم 1435هـ الموافق 22نوفمبر2013م إلى أن الغرور من الأمراض النفسية والأخلاقية السيئة، ويؤدي بصاحبه إلى عدم رؤية الحقائق، والاستهانة بالآخرين، وتضخم الذات، والشعور بالأفضلية على بقية الناس.
وتحدث سماحته عن بواعث الغرور ومحفزاته، ومنها: الاغترار بالدنيا، حيث يغتر الإنسان بمغريات الحياة وزينتها وملذاتها وزخارفها، يقول الإمام علي في صفة الدنيا: (( تغر وتضر وتمر )) ولذلك ننسى الآخرة ونؤثر الدنيا، ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ في حين أن الإنسان المؤمن والصادق يولي اهتماماً أكبر بالآخرة، والتفكير في المستقبل الأخروي؛ لأنه خير وأبقى من الدنيا وما فيها.
وأشار سماحته إلى أن من بواعث الغرور أيضاً: المال، حيث يغتر بعض الأثرياء بما لديهم من أموال وفيرة، فيرون أنفسهم أفضل من الآخرين؛ في حين أن المال مجرد وسيلة، وأنه قد يتحول إلى وبال على صاحبه إذا أنفقه في المحرمات، وارتكاب الموبقات، وقد يكون وسيلة نافعة إذا وظف المال في الأعمال الصالحة كبناء المساجد والحسينيات والمراكز الثقافية وطباعة الكتب المفيدة ومساعدة الفقراء والأيتام ... وغيرها من الأعمال الجيدة والصالحة، وبذلك يكون المال وسيلة لفعل الخير، وجلب البركة، وتحقيق المنفعة.
ثم تحدث سماحة الشيخ اليوسف عن الباعث الثالث للغرور وهو: العلم، فقد يغتر بعض طلاب العلم بما وصلوا إليه من علم، وهذا من الأخطاء الفاحشة؛ إذ المفروض أن العلم يدفع المتعلم نحو الكياسة والفطنة والتواضع للناس، وأنه مهما وصل إليه من علم فهو قليل، يقول تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ فالعلم بحر لجي، مهما اغترف منه الإنسان فإنه قليل بالقياس إلى ذلك البحر المتلاطم.
وبيّن سماحته أن من بواعث الغرور أيضاً: الجاه والنسب، حيث يفتخر بعض الناس بقبائلهم وأنسابهم وعوائلهم، أو بوجاهتهم الاجتماعية، بينما الفخر الحقيقي إنما يكون بالتقوى والعلم والعمل الصالح.
وشدد سماحته على أنه كما يُصاب بعض الأفراد بالغرور كذلك تصباب بعض التيارات والجماعات بالغرور، فترى نفسها أفضل وأحسن وأفهم وأقدر وأجدر من غيرها؛ وهذا الغرور هو بداية السقوط لتلك التيارات والجماعات، لأن الغرور يحجبها عن رؤية النقائص والثغرات ونقاط الضعف الموجودة فيها، ويمنعها من تطوير الذات وتأهيل الكوادر وبناء الطاقات العلمية.
وأكد سماحته على ضرورة معالجة مرض الغرور من خلال تزكية النفس وتهذيبها، مؤكداً أنه لا أحد يتمتع بالكمال، فكما لديه نقاط قوة عنده نقاط ضعف، وعليه تنمية الأولى ومعالجة الثانية، كما ان النعم كالمال والعلم والجاه والجمال ليست ثابتة أو مضمونة الاستمرار، فقد يفقدها الإنسان في لحظة، لذلك من الحكمة التحلي بالكياسة والفطنة والتواضع والتقوى والعمل الصالح.
واستهجن سماحته تجرؤ البعض على كبار الفقهاء والعلماء، والتقليل من شأنهم، والحط من قيمتهم العلمية، مؤكداً على أهمية التواضع العلمي، واحترام العلماء، ومناقشة الأفكار بهدوء بعيداً عن تجريح الأشخاص أو المس بكرامتهم ومكانتهم ومقامهم.
وختم سماحته خطبته بالقول: إذا كان من المفيد نقد الأفكار ومناقشتها علمياً فإنه من الأمور المحرمة تسقيط العلماء الربانيين أو القدح في دينهم وتدينهم أو المس بشخوصهم؛ لذلك ينبغي التفريق بين مناقشة الأفكار وتسقيط الأشخاص، فالأول مفيد ومطلوب ومباح أما الثاني فمحرم وضار ومنهي عنه.