قرية ( الحلة ) كما يحلو لأهلها تسميتها، أو ( حلة محيش ) كما هو اسمها الرسمي، قرية جميلة بمزارعها وبساتينها وأشجارها ونخيلها، فهي أشبه بالحديقة الغنَّاء التي تحيط بها البساتين والمزارع من كل صوب واتجاه، مما أضفي عليها جمالاً طبيعياً أخاذاً يتلاءم مع جمال واحة القطيف الجميلة بكل ما فيها من شواطئ وأشجار وبساتين غنية بتنوعها وتناسقها البديع.
وقد ولدتُ في هذه القرية الوادعة، والتي لا يفصلها عن مدينة القطيف سوى بعض البساتين والمزارع، وكنا في أيام الصبا نذهب إليها مشياً على الأقدام لقربها، وللاستمتاع بجمال الطبيعة في ممراتها الموصلة إليها، وكنا نعيش في الحلة أياماً جميلة نستنشق هواءها النقي الخالي من أي ملوثات صناعية، ونأكل من أشجارها المثمرة، ونسبح في عيونها العذبة، ونتمشى بين بساتينها الغنية بكل ما لذَّ وطاب من ثمار الفواكه والخضروات، وكنا نذاكر دروسنا بين أشجارها وبساتينها وعيونها.
أما اليوم فنتحسر ألماً وحرقة على تلك الأيام الجميلة، فلم يعد الهواء الذي نستنشقه نفس الهواء، فقد خالطه من ملوثات المصانع الشيء الكثير، والعديد من المزارع والبساتين تحولت إلى مخططات سكنية قلصت من مساحة الأرض الخضراء، أما العيون الجوفية والارتوازية التي كانت تروي البساتين والمزارع، ومكاناً للسباحة والاستحمام، فقد أصبحت أثراً بعد عين !!
أما تاريخ ( الحلة ) فلا يختلف عن تاريخ واحة القطيف، فتاريخها موغل في القدم، لكن لكل مدينة وقرية وبلدة تفاصيل نحتاج لتدوينها وتوثيقها كي تبقى في ذاكرة التاريخ وأرشيفه، وحتى تطلع الأجيال القادمة على مر السنين وتعاقب القرون على ذلك التاريخ والجغرافيا من أرض قطيفنا، قطيف الخير والعطاء والعلم والحضارة.