أصبح الناس في هذا الزمان يشعرون بكثرة الأعمال والأشغال، وأمسى كل واحد مشغول بحاله وعائلته، ودائماً ما نسمع كلمة ( أنا مشغول ) للتبرير عن غيابه الاجتماعي أو قيامه بأي دور أو مسؤولية اجتماعية عامة.
لكن كثرة الأعمال، أو زحمة الأولويات يجب أن لا تحول بيننا وبين التواصل الاجتماعي مع الناس، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ولا يمكنه الاستغناء عن التواصل مع بني جنسه، وإلا أصيب الإنسان بأمراض نفسية واجتماعية نتيجة ابتعاده عن المحيط الاجتماعي.
لقد أصبح مرض القطيعة والعزلة عن الناس من الأمراض الاجتماعية الآخذة بالانتشار، وهذا ما ينبغي الانتباه إليه، فهذا المرض إن استفحل سيؤدي إلى أضرار كبيرة في بنية المجتمع وقوته.
وفي تعاليم الإسلام وتوصياته التأكيد المستمر على التواصل والتزاور والتعارف بين الناس يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾ [1] والتعارف لا يتم إل من خلال التواصل والتداخل، لذلك قال الإمام علي وهو على فراش الموت موصياً ولديه الحسن والحسين : « وعليكم بالتواصل والتباذل [ 2] وإياكم والتدابر والتقاطع » [ 3] .
ومن مصاديق التواصل الاجتماعي هو التزاور بين الناس، فـ « الزيارة تنبت المودة » [ 4] كما ورد عن الرسول الأعظم ، كما أن التزاور فيه إثراء للمعارف العقلية، يقول الإمام الهادي : «ملاقاة الإخوان نشرة وتلقيح العقل، وإن كان نزراً قليلاً » [ 5] ويقول الإمام علي : « لقاء الإخوان مغنم جسيم وإن قلوا » [6] .
ومن مصاديق التواصل الاجتماعي هو المشاركة في أفراح وأتراح المؤمنين، والحضور الاجتماعي في كل المناسبات العامة.
وشهر رمضان المبارك من أفضل الأوقات لتعميق التواصل الاجتماعي، ومشاركة الناس في مناسباتهم الخاصة والعامة؛ وعلينا أن نحيي هذه القيمة الدينية بعدما تراجعت عما كانت عليه في الماضي بسبب التحولات في حياتنا المعاصرة.