سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة عيد الأضحى المبارك العاشر من شهر ذي الحجة الحرام 1440 هـ على أهمية نشر نسمات السعادة في يوم العيد وفي غيره من الأيام، وأن من السعادة إسعاد الآخرين، فالحياة تكون أجمل مع الشعور بالسرور والبهجة والانبساط والانشراح، وهو ما يعبر عن مفهوم السعادة وحقيقتها.
وأضاف: تحقيق السعادة في الحياة غاية كل إنسان، ومطمح يسعى إليه جميع بني البشر؛ لأن السعادة مطلب ورغبة وحاجة إنسانية يتمنى كل إنسان الوصول إليها، ولا أحد من الناس يريد أن يكون تعيساً في حياته، وشقياً في دنياه؛ لأن ذلك يوجب عذاب النفس، ونكد الحياة.
وتابع: اهتم الإسلام كثيراً بما يوجب السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة، فالسعادة في منظور الدين لا تقتصر على الدنيا فقط؛ بل تشمل الآخرة، وقد جاء في النصوص الدينية ما يحث الإنسان على السعي نحو الفوز بالسعادة في الدارين معاً.
وقال: تنبع حقيقة السعادة من شعور الإنسان بالقناعة والرضا عن الذات، وهي من المفاهيم التي ترتبط بالراحة النفسية، والشعور بالبهجة والسرور، والتي تنعكس آثارها الإيجابية على شخصية الإنسان السعيد.
ولفت إلى أن السعادة لا تتحقق للإنسان بمجرد كثرة ما يملك من مال، أو أولاد، أو متاع في الدنيا؛ وإنما تتحقق بالرضا بما قسم الله لك، والقناعة بما تملك من نعم، وأن تحمد الله تعالى على ما أنعم عليك من نعم كثيرة كالعقل والصحة وغيرها من النعم الإلهية.
وأكد على أن إن السعادة تبعث في النفس الارْتياح التام، والشُعور الداخليّ العميق بالرِّضَى والقَناعة والسُّرور والاِنْبِساط والبهجة والانشراح.
وحول ما يوجب السعادة قال سماحة الشيخ اليوسف: توجد أمور تبعث على السعادة وأخرى تبعث على الشقاء، وأشار إلى بعض الأمور التي تجلب السعادة استناداً إلى النصوص الدينية، ومنها: الإيمان بالله تعالى، ونظافة القلب من الأحقاد والأغلال والضغائن، والزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب المريح، والعمل المناسب، والتوفيق في خدمة الآخرين وغيرها.
وقال: إن مما يوجب السعادة للإنسان أيضاً تمتعه بحسن الأخلاق مع الناس، فقد جاء عن رسول الله صلى اللّه عليه وآله قوله: «مِن سَعادَةِ المَرءِ حُسنُ الخُلُقِ» ، وأما سيئ الأخلاق فيكون في حالة من العصبية والتوتر والقلق والكآية مما يجلب لنفسه الشفاء والتعاسة ونكد العيش، قال الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «سُوءُ الخُلقِ نَكَدُ العَيْشِ وعذابُ النَّفْسِ»، كما أن سيئ الخلق يكون مبغوضاً حتى من أقرب الناس إليه، فقد قال الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «سُوءُ الخُلقِ يُوحِشُ القَريبَ، ويُنَفِّرُ البَعيدَ».
وتابع: كما على الإنسان أن يكون حسن الخلق مع الناس كافة، فعليه أن يبدأ بأهله وعائلته، وأن يكون حسن المعاشرة والملاطفة معهم، فقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «أحسَنُ النّاسِ إيماناً أحسَنُهُم خُلُقاً وألطَفُهُم بِأَهلِهِ، وأنا ألطَفُكُم بِأَهلي»، وعنه صلى الله عليه وآله قال: «خَيرُكُم خَيرُكُم لِأَهلِهِ، وأنا خَيرُكُم لِأَهلي».
وأوضح: أن من المستحبات إدخال السرور والبهجة في قلوب المؤمنين، فاعمل على أن تسعد الآخرين وتدخل السرور في قلوبهم بالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، والمواقف النبيلة.
واعتبر أن من الأنانية أن يسعى المرء لإسعاد نفسه فقط، وألاّ يفكر في إسعاد الآخرين من حوله، بينما من التوفيق أن يكون المرء سبباً في إسعاد غيره، ولو بالتشجيع المعنوي، أو تقديم هدية رمزية، أو مساعدة فقير، أو قضاء حاجة محتاج؛ فمن السعادة أن توفق لإسعاد الآخرين من حولك.
ودعا إلى أن يبدأ الإنسان بإسعاد أقرب الناس إليه، فتفكر الزوجة في إسعاد زوجها، ويفكر الزوج في إسعاد زوجته، ويفكر الوالدان في إسعاد أولادهم، ويفكر الأولاد في إسعاد والديهم، وأن يفكر المرء في إسعاد أهله وأسرته وأرحامه وأقاربه، وأن يفكر الفرد في إسعاد مجتمعه، وعلى ذلك قس بقية الأمثلة ... من أجل نشر معاني ونسمات السعادة بين الناس.
وختم بالقول: من السعادة أن تسعد من حولك، ولا يمكن أن تعيش سعيداً ومن حولك أشقياء وتعساء، فاعمل على إسعاد غيرك تزداد سعادتك، فإسعاد الآخرين جزء من إسعاد الذات، وهو من أرقى مراتب السعادة وألذها.