معنى اسم الله الأعظم
أحمد - السعودية - 08/07/2005م
مامعنى اسم الله الأعظم؟
الإجابة:
لقد أشارت الأحاديث الإسلامية إلى أن من اسمائه تعالى الاسم الأعظم ، وقد وقع البحث في حقيقته ، هل هو من قبيل الألفاظ ، أو هو حقيقة اخرى ؟، وقد فصل العلامة الطباطبائي ذلك بصورة مفصلة حيث قال:
شاع بين الناس أنه اسم لفظي من أسماء الله سبحانه إذا دعي به استجيب ، ولا يشذ من أثره شئ غير أنهم لما لم يجدوا هذه الخاصة في شئ من الأسماء الحسنى المعروفة ولا في لفظ الجلالة اعتقدوا أنه مؤلف من حروف مجهولة تأليفاً مجهولا لنا لو عثرنا عليه أخضعنا لإرادتنا كل شيء .
وفي مزعمة أصحاب العزائم والدعوات أن له لفظاً يدل عليه بطبعه لا بالوضع اللغوي غير أن حروفه وتأليفها تختلف باختلاف الحوائج والمطالب ، ولهم في الحصول عليه طرق خاصة يستخرجون بها حروفاً أولا ثم يؤلفونها ويدعون بها على ما يعرفه من راجع فنهم . وفي بعض الروايات الواردة إشعار ما بذلك كما ورد أن " بسم الله الرحمن الرحيم " أقرب إلى اسم الله الأعظم من بياض العين إلى سوادها ، وما ورد أنه في آية الكرسي وأول سورة آل عمران ، وما ورد أن حروفه متفرقة في سورة الحمد يعرفها الإمام وإذا شاء ألفها ودعى بها فاستجيب له .
وما ورد أن آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم الله الأعظم فأحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان في أقل من طرفة عين ، وما ورد أن الاسم الأعظم على ثلاث وسبعين حرفاً قسم الله بين أنبيائه اثنتين وسبعين منها ، واستأثر واحدة منها عنده في علم الغيب ، إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأن له تأليفاً لفظياً.
والبحث الحقيقي عن العلة والمعلول وخواصها يدفع ذلك كله فإن التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته وضعفه والمسانخة بين المؤثر والمتأثر ، والاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء البتة ، ومن المستحيل أإن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصورها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كل شيء ، ويتصرف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء أرضاً والأرض سماء ويحول الدنيا إلى الآخرة وبالعكس وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا .
والأسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصة وإن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأسباباً لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها إنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان ومعنى ذلك أن الله سبحانه هو لفاعل الموجد لكل شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن أو حقيقة أخرى غير الذات المتعالية .
إلا أن الله سبحانه وعد إجابة دعوة من دعاه كما في قوله : ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾(1) ، وهذا يتوقف على دعاء وطلب حقيقي ، وأن يكون الدعاء والطلب منه تعالى لا من غيره، فمن انقطع عن كل سبب واتصل بربه لحاجة من حوائجه فقد اتصل بحقيقة الاسم المناسب لحاجته فيؤثر الاسم بحقيقته ويستجاب له ، وذلك حقيقة الدعاء بالاسم، فعلى حسب حال الاسم الذي انقطع إليه الداعي يكون حال التأثير خصوصاً وعموماً ، ولو كان هذا الاسم هو الاسم الأعظم انقاد لحقيقته كل شيء واستجيب للداعي به دعاؤه على الإطلاق . وعلى هذا يجب أن يحمل ما ورد من الروايات والأدعية في هذا الباب دون الاسم اللفظي أو مفهومه .
ومعنى تعليمه تعالى نبياً من أنبيائه أو عبداً من عباده اسماً من أسمائه أو شيئاً من الاسم الأعظم هو أن يفتح له طريق الانقطاع إليه تعالى باسمه ذلك في دعائه ومسألته فإن كان هناك اسم لفظي وله معنى مفهوم فإنما ذلك لأجل أن الألفاظ ومعانيها وسائل وأسباب تحفظ بها الحقائق نوعاً من الحفظ فافهم ذلك .
واعلم أن الاسم الخاص ربما يطلق على ما لا يسمى به غير الله سبحانه كما قيل به في الاسمين : الله ، والرحمان . أما لفظ الجلالة فهو علم له تعالى خاص به ليس اسماً بالمعنى الذي نبحث عنه ، وأما الرحمان فقد عرفت أن معناه مشترك بينه وبين غيره تعالى لما أنه من الأسماء الحسنى .(2)
ومما لاشك فيه أن الأنبياء وأئمة أهل البيت يعرفون الاسم الأعظم، لأنهم في أقصى درجات الكمال والانقطاع إلى الله تعالى..
الهوامش:
1- سورة البقرة : الآية 186
2 - تفسير الميزان ، السيد محمد حسين الطباطبائي، ج 8 ، ص 354 .
شاع بين الناس أنه اسم لفظي من أسماء الله سبحانه إذا دعي به استجيب ، ولا يشذ من أثره شئ غير أنهم لما لم يجدوا هذه الخاصة في شئ من الأسماء الحسنى المعروفة ولا في لفظ الجلالة اعتقدوا أنه مؤلف من حروف مجهولة تأليفاً مجهولا لنا لو عثرنا عليه أخضعنا لإرادتنا كل شيء .
وفي مزعمة أصحاب العزائم والدعوات أن له لفظاً يدل عليه بطبعه لا بالوضع اللغوي غير أن حروفه وتأليفها تختلف باختلاف الحوائج والمطالب ، ولهم في الحصول عليه طرق خاصة يستخرجون بها حروفاً أولا ثم يؤلفونها ويدعون بها على ما يعرفه من راجع فنهم . وفي بعض الروايات الواردة إشعار ما بذلك كما ورد أن " بسم الله الرحمن الرحيم " أقرب إلى اسم الله الأعظم من بياض العين إلى سوادها ، وما ورد أنه في آية الكرسي وأول سورة آل عمران ، وما ورد أن حروفه متفرقة في سورة الحمد يعرفها الإمام وإذا شاء ألفها ودعى بها فاستجيب له .
وما ورد أن آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم الله الأعظم فأحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان في أقل من طرفة عين ، وما ورد أن الاسم الأعظم على ثلاث وسبعين حرفاً قسم الله بين أنبيائه اثنتين وسبعين منها ، واستأثر واحدة منها عنده في علم الغيب ، إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأن له تأليفاً لفظياً.
والبحث الحقيقي عن العلة والمعلول وخواصها يدفع ذلك كله فإن التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته وضعفه والمسانخة بين المؤثر والمتأثر ، والاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء البتة ، ومن المستحيل أإن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصورها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كل شيء ، ويتصرف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء أرضاً والأرض سماء ويحول الدنيا إلى الآخرة وبالعكس وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا .
والأسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصة وإن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأسباباً لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها إنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان ومعنى ذلك أن الله سبحانه هو لفاعل الموجد لكل شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن أو حقيقة أخرى غير الذات المتعالية .
إلا أن الله سبحانه وعد إجابة دعوة من دعاه كما في قوله : ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾(1) ، وهذا يتوقف على دعاء وطلب حقيقي ، وأن يكون الدعاء والطلب منه تعالى لا من غيره، فمن انقطع عن كل سبب واتصل بربه لحاجة من حوائجه فقد اتصل بحقيقة الاسم المناسب لحاجته فيؤثر الاسم بحقيقته ويستجاب له ، وذلك حقيقة الدعاء بالاسم، فعلى حسب حال الاسم الذي انقطع إليه الداعي يكون حال التأثير خصوصاً وعموماً ، ولو كان هذا الاسم هو الاسم الأعظم انقاد لحقيقته كل شيء واستجيب للداعي به دعاؤه على الإطلاق . وعلى هذا يجب أن يحمل ما ورد من الروايات والأدعية في هذا الباب دون الاسم اللفظي أو مفهومه .
ومعنى تعليمه تعالى نبياً من أنبيائه أو عبداً من عباده اسماً من أسمائه أو شيئاً من الاسم الأعظم هو أن يفتح له طريق الانقطاع إليه تعالى باسمه ذلك في دعائه ومسألته فإن كان هناك اسم لفظي وله معنى مفهوم فإنما ذلك لأجل أن الألفاظ ومعانيها وسائل وأسباب تحفظ بها الحقائق نوعاً من الحفظ فافهم ذلك .
واعلم أن الاسم الخاص ربما يطلق على ما لا يسمى به غير الله سبحانه كما قيل به في الاسمين : الله ، والرحمان . أما لفظ الجلالة فهو علم له تعالى خاص به ليس اسماً بالمعنى الذي نبحث عنه ، وأما الرحمان فقد عرفت أن معناه مشترك بينه وبين غيره تعالى لما أنه من الأسماء الحسنى .(2)
ومما لاشك فيه أن الأنبياء وأئمة أهل البيت يعرفون الاسم الأعظم، لأنهم في أقصى درجات الكمال والانقطاع إلى الله تعالى..
الهوامش:
1- سورة البقرة : الآية 186
2 - تفسير الميزان ، السيد محمد حسين الطباطبائي، ج 8 ، ص 354 .
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف