أنا عبد من عبيد محمد
محمد - السعودية - 28/08/2005م
ما معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام حينما سئل :هل هو نبي أو لا؟
فقال:أنا عبد من عبيد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال:أنا عبد من عبيد رسول الله صلى الله عليه وآله.
الإجابة:
إن نص الحديث كاملاً كما في أصول الكافي هو: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الموصلي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربك ؟
فقال له : ثكلتك أمك ومتى لم يكن ؟ حتى يقال : متى كان ، كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ، ولا غاية ولا منتهى لغايته ، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية .
فقال : يا أمير المؤمنين ! أفنبي أنت ؟
فقال : ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله(1) .
وقد شرح المولى محمد صالح المازندراني هذا الحديث بصورة دقيقة إذ قال في شرحه له:عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : (جاء حبر من الأحبار ) الحبر بالكسر أو الفتح عالم من علماء اليهود والكسر أفصح لأنه يجمع على الأفعال دون الفعول وهو الراجح عند القراء وتوقف الأصمعي في الترجيح ، وقال أبو عبيدة : والذي عندي أنه الحبر بالفتح ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه ويرويه المحدثون كلهم بالفتح .
( إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال يا أمير المؤمنين ) خاطبه بذلك على الرسم والعادة وإلا فاليهود لا يعتقدون بإيمان هذه الأمة . ( متى كان ربك ؟ فقال له : ثكلتك أمك ) ثكلت المرأة ولدها مات منها ثكلا وثكلا كذا في المغرب والدعاء بذلك شايع عند العرب وإن لم تكن الأم موجودة .
( ومتى لم يكن حتى يقال متى كان ) يمكن إرجاعه إلى قياس استثنائي تقريره لو صح السؤال عنه بمتى كان صح السؤال عنه بمتى لم يكن ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، أما بيان الشرطية فلأن متى كان سؤال عن أول وجوده وكلما كان شيئاً حادثاً في وقت كان عدمه سابقاً عليه فكما صح أن يقال : متى كان صح أن يقال : متى لم يكن ، وأما بطلان اللازم فلأن وجوده قديم أزلي ليس مسبوقاً بالعدم فلا يصح أن يقال : متى لم يكن .
( كان ربي قبل القبل بلا قبل ) ( ولا بعد البعد بلا بعد ) يعرف بالمقايسة وقد أكد كل واحد من القبلية والبعدية بكمالها فكان قبليته سلب قبلية شيء عنه وكمال بعديته سلب بعدية شيء عنه فلا يكون شيء قبله ولا بعده ( ولا غاية ) أي ولا نهاية لوجوده في جهتي القبلية والبعدية لكونه أزلياً وأبدياً .
( ولا منتهى لغايته ) أي ليس نهاية لامتداد أو ليس محلاً لغاية ونهاية إذ ليس له كمية مقتضية لاتصافه بالأطراف والنهايات واقترانه بالامتدادات : الغايات ، كما أشار إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض خطبه بقوله « ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما ، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيداً ».
( انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية ) لأنه منتهى رغبة الخلائق ومفزعهم في المهمات والمقاصد وفي الأدعية المأثورة « يا منتهى غاية السائلين وفي الصحيفة السجادية « اللهم يا منتهى مطلب الحاجات » وسر ذلك أن لكل شيء مستقراً يستقر فيه إذا بلغ إليه ومستقر القلوب والفؤاد الذي إذا بلغت إليه تطمئن ولا تطلب سواه هو الله تعالى شأنه .
( فقال يا أمير المؤمنين أفنبي أنت ؟ ) لعل منشأ الاستفهام أن السائل كان قد قرأ من الكتب الإلهية أن ما ذكره ( عليه السلام ) من صفات الرب، وأنه لا يخبر به إلا نبي بتعليم رباني .
( فقال ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وما ذكرته فإنما سمعته منه وهو أخبرنا به عن طريق الوحي ، قال الصدوق ( رحمه الله ) يعني بذلك عبد طاعة لا غير ذلك (2)
ويمكن أيضاً أن نستفيد من قول الإمام علي ( عليه السلام ) : إنما أنا عبد من عبيد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه لايوجد من هو أفضل من رسول الله، وأن الإمام علي ( عليه السلام ) على مكانته ومقامه الرفيع إلا أنه مع ذلك خاضع خضوعاً مطلقاً لأوامر الرسول الأعظم، ومطيع لكل توجيهاته، وملتزم بكل مايقول به، وسيرته خير شاهد على ذلك.
وكفى بذلك رداً على من يقول بأن الشيعة يفضلون الإمام علي ( عليه السلام ) على الرسول الأعظم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بأن ذلك مجرد بهتان عظيم، وأن النبي الكريم محمد بن عبدالله هو أفضل البشر.
ــــــــــــــ
الهوامش:
1 - أصول الكافي،الشيخ محمد بن يعقوب الكليني،دار التعارف للمطبوعات، بيروت- لبنان، طبع عام 1419هـ -1998م، ج1، ص145، رقم الحديث 5.
2- شرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1421هـ - 2000م ، ج3، ص 130 -131.
فقال له : ثكلتك أمك ومتى لم يكن ؟ حتى يقال : متى كان ، كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ، ولا غاية ولا منتهى لغايته ، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية .
فقال : يا أمير المؤمنين ! أفنبي أنت ؟
فقال : ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله(1) .
وقد شرح المولى محمد صالح المازندراني هذا الحديث بصورة دقيقة إذ قال في شرحه له:عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : (جاء حبر من الأحبار ) الحبر بالكسر أو الفتح عالم من علماء اليهود والكسر أفصح لأنه يجمع على الأفعال دون الفعول وهو الراجح عند القراء وتوقف الأصمعي في الترجيح ، وقال أبو عبيدة : والذي عندي أنه الحبر بالفتح ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه ويرويه المحدثون كلهم بالفتح .
( إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال يا أمير المؤمنين ) خاطبه بذلك على الرسم والعادة وإلا فاليهود لا يعتقدون بإيمان هذه الأمة . ( متى كان ربك ؟ فقال له : ثكلتك أمك ) ثكلت المرأة ولدها مات منها ثكلا وثكلا كذا في المغرب والدعاء بذلك شايع عند العرب وإن لم تكن الأم موجودة .
( ومتى لم يكن حتى يقال متى كان ) يمكن إرجاعه إلى قياس استثنائي تقريره لو صح السؤال عنه بمتى كان صح السؤال عنه بمتى لم يكن ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، أما بيان الشرطية فلأن متى كان سؤال عن أول وجوده وكلما كان شيئاً حادثاً في وقت كان عدمه سابقاً عليه فكما صح أن يقال : متى كان صح أن يقال : متى لم يكن ، وأما بطلان اللازم فلأن وجوده قديم أزلي ليس مسبوقاً بالعدم فلا يصح أن يقال : متى لم يكن .
( كان ربي قبل القبل بلا قبل ) ( ولا بعد البعد بلا بعد ) يعرف بالمقايسة وقد أكد كل واحد من القبلية والبعدية بكمالها فكان قبليته سلب قبلية شيء عنه وكمال بعديته سلب بعدية شيء عنه فلا يكون شيء قبله ولا بعده ( ولا غاية ) أي ولا نهاية لوجوده في جهتي القبلية والبعدية لكونه أزلياً وأبدياً .
( ولا منتهى لغايته ) أي ليس نهاية لامتداد أو ليس محلاً لغاية ونهاية إذ ليس له كمية مقتضية لاتصافه بالأطراف والنهايات واقترانه بالامتدادات : الغايات ، كما أشار إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض خطبه بقوله « ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما ، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيداً ».
( انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية ) لأنه منتهى رغبة الخلائق ومفزعهم في المهمات والمقاصد وفي الأدعية المأثورة « يا منتهى غاية السائلين وفي الصحيفة السجادية « اللهم يا منتهى مطلب الحاجات » وسر ذلك أن لكل شيء مستقراً يستقر فيه إذا بلغ إليه ومستقر القلوب والفؤاد الذي إذا بلغت إليه تطمئن ولا تطلب سواه هو الله تعالى شأنه .
( فقال يا أمير المؤمنين أفنبي أنت ؟ ) لعل منشأ الاستفهام أن السائل كان قد قرأ من الكتب الإلهية أن ما ذكره ( عليه السلام ) من صفات الرب، وأنه لا يخبر به إلا نبي بتعليم رباني .
( فقال ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وما ذكرته فإنما سمعته منه وهو أخبرنا به عن طريق الوحي ، قال الصدوق ( رحمه الله ) يعني بذلك عبد طاعة لا غير ذلك (2)
ويمكن أيضاً أن نستفيد من قول الإمام علي ( عليه السلام ) : إنما أنا عبد من عبيد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه لايوجد من هو أفضل من رسول الله، وأن الإمام علي ( عليه السلام ) على مكانته ومقامه الرفيع إلا أنه مع ذلك خاضع خضوعاً مطلقاً لأوامر الرسول الأعظم، ومطيع لكل توجيهاته، وملتزم بكل مايقول به، وسيرته خير شاهد على ذلك.
وكفى بذلك رداً على من يقول بأن الشيعة يفضلون الإمام علي ( عليه السلام ) على الرسول الأعظم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بأن ذلك مجرد بهتان عظيم، وأن النبي الكريم محمد بن عبدالله هو أفضل البشر.
ــــــــــــــ
الهوامش:
1 - أصول الكافي،الشيخ محمد بن يعقوب الكليني،دار التعارف للمطبوعات، بيروت- لبنان، طبع عام 1419هـ -1998م، ج1، ص145، رقم الحديث 5.
2- شرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1421هـ - 2000م ، ج3، ص 130 -131.
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف