قلب القرآن
زيد سراج - UAE - 09/07/2006م
ما سبب نزول سورة يس؟ وما هي المواضيع التي تركز عليها؟ وما هو فضلها؟
الإجابة:
ذكر المفسرون سبب نزول الآية الثامنة من سورة يس في قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ ﴾(1) أنها نزلت في أبي جهل، كان حلف لئن رأى محمداً يصلي، ليرضخن رأسه. فأتاه وهو يصلي، ومعه حجر ليدمغه. فلما رفعه انثنت يده إلى عنقه، ولزق الحجر بيده. فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى، سقط الحجر من يده. فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحج. فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر، فأغشى الله بصره، فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه: ما صنعت ؟ فقال: ما رأيته، ولقد سمعت صوته، وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني.
وروى أبو حمزة الثمالي عن عمار بن عاصم، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود : أن قريشاً اجتمعوا بباب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج إليهم، فطرح التراب على رؤوسهم، وهم لا يبصرونه. قال عبد الله: هم الذين سحبوا (2) في القليب قليب بدر .
وروى أبو حمزة، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن قريشاً اجتمعت فقال: لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد ! فدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )، فجعل الله من بين أيديهم سداً، ومن خلفهم سداً، فلم يبصروه. فصلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أتاهم، فجعل ينثر على رؤوسهم التراب، وهم لا يرونه. فلما خلى عنهم، رأوا التراب، وقالوا : هذا ما سحركم ابن أبي كبشة.(3)
أما عن المواضيع التي ركزت عليها السورة الكريمة؛ فهذه السورة من السور المكية، لذا فهي من حيث النظرة الإجمالية لها نفس المحتوى العام للسور المكية، فهي تتحدث عن التوحيد والمعاد والوحي والقرآن والإنذار والبشارة، ويلاحظ في هذه السورة أربعة أقسام رئيسية:
1- تتحدث السورة أولاً عن رسالة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والقرآن المجيد والهدف من نزول ذلك الكتاب السماوي العظيم وعن المؤمنين به، وتستمر بذلك حتى آخر الآية الحادية عشرة.
2- قسم آخر من هذه السورة يتحدث عن رسالة ثلاثة من أنبياء الله ، وكيف كانت دعوتهم للتوحيد ، وجهادهم المتواصل المرير ضد الشرك ، وهذا في الحقيقة نوع من التسلية والمواساة لرسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتوضيح الطريق أمامه لتبليغ رسالته الكبرى .
3- قسم آخر منها، والذي يبدأ من الآية 33 وحتى الآية 44، مملوء بالنكات التوحيدية الملفتة للنظر، وهو عرض معبر عن الآيات والدلائل المشيرة إلى عظمة الله في عالم الوجود، كذلك فإن أواخر السورة أيضاً تعود إلى نفس هذا البحث التوحيدي والآيات الإلهية.
4- قسم مهم آخر من هذه السورة، يتحدث حول المواضيع المرتبطة بالمعاد والأدلة المختلفة عليه، وكيفية الحشر والنشر، والسؤال والجواب في يوم القيامة، ونهاية الدنيا، ثم الجنة والنار، وهذا القسم يتضمن مطالب مهمة ودقيقة جداً.
وفي خلال هذه البحوث الأربعة ترد آيات محركة ومحفزة لأجل تنبيه وإنذار الغافلين والجهال، لها الأثر القوي في القلوب والنفوس .
والخلاصة ، أن الإنسان يواجه في هذه السورة بمشاهد مختلفة من الخلق والقيامة ، الحياة والموت ، الإنذار والبشارة ، بحيث تشكل بمجموعها نسخة الشفاء ومجموعة موقظة من الغفلة.(4)
أما عن فضيلة سورة " يس " : فسورة يس - بشهادة الأحاديث المستفيضة التي وردت في فضلها - من أهم السور القرآنية، إلى حد أن الأحاديث لقبتها بـ " قلب القرآن " ففي حديث عن رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نقرأ " إن لكل شئ قلباً، وقلب القرآن يس " (5). وفي حديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " قال : إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس، فمن قرأ يس في نهاره، قبل أن يمسي، كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي. ومن قرأها في ليله، قبل أن ينام، وكل به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم، ومن كل آفة. وإن مات في نومه أدخله الله الجنة، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك، كلهم يستغفرون له، ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار له، فإذا أدخل لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله، وثواب عبادتهم له، وفسح له في قبره مد بصره، وأمن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره، فإذا أخرجه، لم تزل ملائكة الله معه يشيعونه، ويحدثونه ، ويضحكون في وجهه، ويبشرونه بكل خير، حتى يجوزوا به الصراط، والميزان، ويوقفوه من الله موقفاً لا يكون عند الله خلق أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون، وأنبياؤه المرسلون، وهو مع النبيين واقف بين يدي الله، لا يحزن مع من يحزن، ولا يهتم مع من يهتم، ولا يجزع مع من يجزع، ثم يقول له الرب تعالى : اشفع عبدي أشفعك في جميع ما تشفع، وسلني عبدي أعطك جميع ما تسأل. فيسأل فيعطى، ويشفع فيشفع، ولا يحاسب فيمن يحاسب، ولا يذل مع من يذل، ولا يبكت بخطيئة، ولا بشيء من سوء عمله، ويعطى كتابه منشوراً، فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله لما كان لهذا العبد خطيئة واحدة ! ويكون من رفقاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)(6)
وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر اسما: خمسة منها في القرآن : محمد، وأحمد، وعبد الله، ويس. ونون .(7)
كذلك نقرأ عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا " سورة يس تدعى في التورية المعمة، قيل: وما المعمة؟ قال : تعم صاحبها خير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا، وترفع عنه أهاو يل الآخرة، وتدعى المدافعة القاضية، تدفع عن صاحبها كل شر وتقضى له كل حاجة ، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله، ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة، ونزعت منه كل داء وغل " (8)
وهناك روايات أخرى عديدة بهذا الخصوص ، وردت في كتب الفريقين، وكلها تدل على أن لسورة يس منزلة عظيمة، وفضيلة كبيرة، ويكفي أنها قلب القرآن.
ــــــــــ
الهوامش:
1- سورة يس: الآية 8.
2 - سحبه: جره على وجه الأرض فانسحب.
3- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص 649و650.
4 - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 14، ص 116.
5- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص 646.
6 - مجمع البيان في تفسير القرآن،ج8، ص646.
7 - مجمع البيان في تفسير القرآن،ج8، ص647.
8 - تفسير نور الثقلين، ج4، ص 373، رقم 4.
وروى أبو حمزة الثمالي عن عمار بن عاصم، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود : أن قريشاً اجتمعوا بباب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج إليهم، فطرح التراب على رؤوسهم، وهم لا يبصرونه. قال عبد الله: هم الذين سحبوا (2) في القليب قليب بدر .
وروى أبو حمزة، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن قريشاً اجتمعت فقال: لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد ! فدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )، فجعل الله من بين أيديهم سداً، ومن خلفهم سداً، فلم يبصروه. فصلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أتاهم، فجعل ينثر على رؤوسهم التراب، وهم لا يرونه. فلما خلى عنهم، رأوا التراب، وقالوا : هذا ما سحركم ابن أبي كبشة.(3)
أما عن المواضيع التي ركزت عليها السورة الكريمة؛ فهذه السورة من السور المكية، لذا فهي من حيث النظرة الإجمالية لها نفس المحتوى العام للسور المكية، فهي تتحدث عن التوحيد والمعاد والوحي والقرآن والإنذار والبشارة، ويلاحظ في هذه السورة أربعة أقسام رئيسية:
1- تتحدث السورة أولاً عن رسالة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والقرآن المجيد والهدف من نزول ذلك الكتاب السماوي العظيم وعن المؤمنين به، وتستمر بذلك حتى آخر الآية الحادية عشرة.
2- قسم آخر من هذه السورة يتحدث عن رسالة ثلاثة من أنبياء الله ، وكيف كانت دعوتهم للتوحيد ، وجهادهم المتواصل المرير ضد الشرك ، وهذا في الحقيقة نوع من التسلية والمواساة لرسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتوضيح الطريق أمامه لتبليغ رسالته الكبرى .
3- قسم آخر منها، والذي يبدأ من الآية 33 وحتى الآية 44، مملوء بالنكات التوحيدية الملفتة للنظر، وهو عرض معبر عن الآيات والدلائل المشيرة إلى عظمة الله في عالم الوجود، كذلك فإن أواخر السورة أيضاً تعود إلى نفس هذا البحث التوحيدي والآيات الإلهية.
4- قسم مهم آخر من هذه السورة، يتحدث حول المواضيع المرتبطة بالمعاد والأدلة المختلفة عليه، وكيفية الحشر والنشر، والسؤال والجواب في يوم القيامة، ونهاية الدنيا، ثم الجنة والنار، وهذا القسم يتضمن مطالب مهمة ودقيقة جداً.
وفي خلال هذه البحوث الأربعة ترد آيات محركة ومحفزة لأجل تنبيه وإنذار الغافلين والجهال، لها الأثر القوي في القلوب والنفوس .
والخلاصة ، أن الإنسان يواجه في هذه السورة بمشاهد مختلفة من الخلق والقيامة ، الحياة والموت ، الإنذار والبشارة ، بحيث تشكل بمجموعها نسخة الشفاء ومجموعة موقظة من الغفلة.(4)
أما عن فضيلة سورة " يس " : فسورة يس - بشهادة الأحاديث المستفيضة التي وردت في فضلها - من أهم السور القرآنية، إلى حد أن الأحاديث لقبتها بـ " قلب القرآن " ففي حديث عن رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نقرأ " إن لكل شئ قلباً، وقلب القرآن يس " (5). وفي حديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " قال : إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس، فمن قرأ يس في نهاره، قبل أن يمسي، كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي. ومن قرأها في ليله، قبل أن ينام، وكل به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم، ومن كل آفة. وإن مات في نومه أدخله الله الجنة، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك، كلهم يستغفرون له، ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار له، فإذا أدخل لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله، وثواب عبادتهم له، وفسح له في قبره مد بصره، وأمن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره، فإذا أخرجه، لم تزل ملائكة الله معه يشيعونه، ويحدثونه ، ويضحكون في وجهه، ويبشرونه بكل خير، حتى يجوزوا به الصراط، والميزان، ويوقفوه من الله موقفاً لا يكون عند الله خلق أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون، وأنبياؤه المرسلون، وهو مع النبيين واقف بين يدي الله، لا يحزن مع من يحزن، ولا يهتم مع من يهتم، ولا يجزع مع من يجزع، ثم يقول له الرب تعالى : اشفع عبدي أشفعك في جميع ما تشفع، وسلني عبدي أعطك جميع ما تسأل. فيسأل فيعطى، ويشفع فيشفع، ولا يحاسب فيمن يحاسب، ولا يذل مع من يذل، ولا يبكت بخطيئة، ولا بشيء من سوء عمله، ويعطى كتابه منشوراً، فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله لما كان لهذا العبد خطيئة واحدة ! ويكون من رفقاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)(6)
وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر اسما: خمسة منها في القرآن : محمد، وأحمد، وعبد الله، ويس. ونون .(7)
كذلك نقرأ عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا " سورة يس تدعى في التورية المعمة، قيل: وما المعمة؟ قال : تعم صاحبها خير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا، وترفع عنه أهاو يل الآخرة، وتدعى المدافعة القاضية، تدفع عن صاحبها كل شر وتقضى له كل حاجة ، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله، ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة، ونزعت منه كل داء وغل " (8)
وهناك روايات أخرى عديدة بهذا الخصوص ، وردت في كتب الفريقين، وكلها تدل على أن لسورة يس منزلة عظيمة، وفضيلة كبيرة، ويكفي أنها قلب القرآن.
ــــــــــ
الهوامش:
1- سورة يس: الآية 8.
2 - سحبه: جره على وجه الأرض فانسحب.
3- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص 649و650.
4 - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 14، ص 116.
5- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص 646.
6 - مجمع البيان في تفسير القرآن،ج8، ص646.
7 - مجمع البيان في تفسير القرآن،ج8، ص647.
8 - تفسير نور الثقلين، ج4، ص 373، رقم 4.
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف