الفرق بين التفسير والتأويل
bohossain - kw - 08/10/2007م
هل هناك فرق بين تأويل القرآن و تفسيره أم أن التأويل يعني التفسير؟
الإجابة:
أحياناً يأتي التأويل بمعنى التفسير، وأحياناً يأـي بمعنى مغاير... وإليك البيان مفصلاً:
التفسير في اللغة: الإيضاح والإبانة.
قال الفيروزآبادي: الفسر الإبانة وكشف المغطى كالتفسير.
وقال ابن منظور: (( الفسر كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل))
وأمّا علم تفسير القرآن فقد عرفه أبو حيان بأنه: (( علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك )).
وقد اهتم الباحثون في علوم القرآن، وكذلك المفسرون في التفريق بين التفسير والتأويل. ويفترض الرجوع إلى اللغة أولاً لمعرفة المعنى اللغوي للتأويل والمعنى الاصطلاحي لهم فيه، ثم بحث الفرق بينهما...
فالتأويل في اللغة مأخوذ من الأول وهو الرجوع، قال في القاموس: آل إليه أوْلاً ومآلاً رجع... ثم قال: وأول الكلام تأويلاً وتأوّله تدبّره وقدّره وفسّره.
فجعلُ التأويلِ بمعنى التفسير كأنه باعتبار أن المؤول ـ أي المفسر ـ يُرجع اللفظ إلى معناه.
امّا في الاصطلاح فقد قيل إن ما هو المقصود عند السلف غير ما هو المقصود عند المتأخرين، قال محمد حسين الذهبي: التأويل عند السلف له معنيان:
أحدهما: تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أم خالفه فيكون التأويل والتفسير ـ على هذا ـ مترادفين، وهذا ما عناه مجاهد من قوله: إن العلماء يعملون تأويله، يعني القرآن، وما يعنيه ابن جرير الطبري بقوله في تفسيره: القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا، وبقوله: اختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك، فإن مراده التفسير.
ثانيهما: هو نفس المراد بالكلام فإن كان الكلام طلباً كان تأويله نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبراً كان تأويله نفس الشيء المخبر به.. فإذا قيل طلعت الشمس فتأويل هذا هو نفس طلوعها.
المعنى الثالث: التأويل عند المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة... هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح ـ أي الظاهر ـ إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به.
والصحيح أن التأويل لا يشترط فيه وجود الدليل أو القرينة على المعنى المرجوح دائماً، ولذلك يطلق التأويل على التفسير بالباطن مع أنّه خال عن الدليل غالباً، إذن التأويل بهذا المعنى يطلق على حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر فيه ولو من دون دلالة على ذلك، نعم ربما تكون هناك أدلة أو قرائن خفية يعرفها العارف بالتأويل، ويكون هذا هو المعنى الثالث للتأويل.
المعنى الرابع: حكمة ومغزى بعض الأفعال مما يخفى على الناس عامة، كما في قضية الخضر مع النبي موسى ﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ﴾ (1) .
وأما التفسير فقد شاع استعماله في كلمات العلماء والمفسرين في معنيين:
1ـ مطلق حمل اللفظ على المعنى، سواء كان ظاهراً فيه أم لم يكن، وسواء كانت هناك قرينة عليه أم لا. وبهذا المعنى يسمون حمل اللفظ على المعنى الباطن تفسيراً. فيقولون عنه: انه تفسير بالباطن.
2 ـ خصوص حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه، ـ الذي قد يخفى على البعض ـ وإن كان سبب هذا الظهور التأمل والتمعن في نفس الكلام أو القرينة المحيطة بالكلام. فيكون التفسير ـ بهذا المعنى ـ في مقابل ( التأويل ) الذي هو حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر، وهو اخص من التفسير بالمعنى الأول (2) .
وحقيقة التأويل أنه يستعمل في موردين:
الأول: في توجيه المتشابه، سواء أكان كلاماً متشابهاَ، أم عملاً مثيراً للريب، والتأويل بهذا المعنى خاص بالآي المتشابهة فحسب.
الثاني: في المعنى الثانوي للكلام المعبر عنه بالبطن، تجاه المعنى الأولي المعبَّر عنه بالظهر. والتأويل بهذا المعنى عام لجميع آي القرآن ظهراً وبطناً، وربَّما إلى سبعة بطون.
وقد تبيَّن أن التأويل ـ بكلا الاصطلاحين ـ هو قبيل المعنى والمفهوم الخافي عن ظاهر الكلام، وبحاجة إلى دلالة صريحة من خارج ذات اللفظ (3) .
أما التفسير فهو توضيح ما للفظ من إيهام وغموض.
ويرى الشهيد الصدر أن التفسير باعتبار الشيء المفسر ينقسم إلى قسمين:
1 ـ تفسير اللفظ.
2ـ تفسير المعنى.
وتفسير اللفظ عبارة عن ( بيان معناه لغة )، وأما تفسير المعنى فهو: تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه ذلك المعنى (4) .
وكمثال على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ (5) وقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ (6) وقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ﴾ (7) فنحن نجد هذه الآيات تتحدث عن أشياء قد أنزلت من قبيل: ( الكتاب ) ( الحديد ) ( الماء ) وتفسير اللفظ يعني ـ بصدد هذه الآيات ـ أن نشرح معنى ( النزول ) لغة ونحدد مفهوم كلمة ( أنزلنا ) الواردة في الآيات الثلاث، ونعرف أنها تستبطن معنى ( الهبوط من جهة عالية مرتفعة ) وتفسير المعنى هو: أن ندرس حقيقة هذا الإنزال، ونوع تلك ( الجهة العالية ) التي هبط منها الكتاب والحديد والماء، وهل هي جهة مادية أو معنوية؟(8)
وخلاصة الكلام: إن التأويل قد يأتي بمعنى التفسير كما هو الغالب عند قدماء المفسرين، وقد يأتي بمعنى مغاير كما هو السائد عند غالب المفسرين المعاصرين؛ فالتفسير عندهم حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه، بينما التأويل يعني حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر منه.
ــــــــــــ
الهوامش:
1 ـ سورة الكهف: الآية 82.
2 ـ علوم القرآن.. دروس منهجية، السيد رياض الحكيم، المركز الإسلامي المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى 1424هـ ـ 2004م، ص 150ـ 152.
3 ـ تلخيص التمهيد، الشيخ محمد هادي معرفة، مؤسسة النشر الإسلامي، قم ، الطبعة الخامسة 1426هـ، ج 1، ص 482ـ 483.
4 ـ علوم القرآن، السيد محمد باقر الحكيم، مجمع الفكر الإسلامي، قم، الطبعة السابعة 1426هـ، ص 222.
5 ـ سورة الأنعام: الآية 92.
6 ـ سورة الحديد: الآية 25.
7 ـ سورة المؤمنون: الآية 18.
8 ـ علوم القرآن، السيد محمد باقر الحكيم، مجمع الفكر الإسلامي، قم، الطبعة السابعة 1426هـ، ص 223ـ 224.
التفسير في اللغة: الإيضاح والإبانة.
قال الفيروزآبادي: الفسر الإبانة وكشف المغطى كالتفسير.
وقال ابن منظور: (( الفسر كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل))
وأمّا علم تفسير القرآن فقد عرفه أبو حيان بأنه: (( علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك )).
وقد اهتم الباحثون في علوم القرآن، وكذلك المفسرون في التفريق بين التفسير والتأويل. ويفترض الرجوع إلى اللغة أولاً لمعرفة المعنى اللغوي للتأويل والمعنى الاصطلاحي لهم فيه، ثم بحث الفرق بينهما...
فالتأويل في اللغة مأخوذ من الأول وهو الرجوع، قال في القاموس: آل إليه أوْلاً ومآلاً رجع... ثم قال: وأول الكلام تأويلاً وتأوّله تدبّره وقدّره وفسّره.
فجعلُ التأويلِ بمعنى التفسير كأنه باعتبار أن المؤول ـ أي المفسر ـ يُرجع اللفظ إلى معناه.
امّا في الاصطلاح فقد قيل إن ما هو المقصود عند السلف غير ما هو المقصود عند المتأخرين، قال محمد حسين الذهبي: التأويل عند السلف له معنيان:
أحدهما: تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أم خالفه فيكون التأويل والتفسير ـ على هذا ـ مترادفين، وهذا ما عناه مجاهد من قوله: إن العلماء يعملون تأويله، يعني القرآن، وما يعنيه ابن جرير الطبري بقوله في تفسيره: القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا، وبقوله: اختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك، فإن مراده التفسير.
ثانيهما: هو نفس المراد بالكلام فإن كان الكلام طلباً كان تأويله نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبراً كان تأويله نفس الشيء المخبر به.. فإذا قيل طلعت الشمس فتأويل هذا هو نفس طلوعها.
المعنى الثالث: التأويل عند المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة... هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح ـ أي الظاهر ـ إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به.
والصحيح أن التأويل لا يشترط فيه وجود الدليل أو القرينة على المعنى المرجوح دائماً، ولذلك يطلق التأويل على التفسير بالباطن مع أنّه خال عن الدليل غالباً، إذن التأويل بهذا المعنى يطلق على حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر فيه ولو من دون دلالة على ذلك، نعم ربما تكون هناك أدلة أو قرائن خفية يعرفها العارف بالتأويل، ويكون هذا هو المعنى الثالث للتأويل.
المعنى الرابع: حكمة ومغزى بعض الأفعال مما يخفى على الناس عامة، كما في قضية الخضر مع النبي موسى ﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ﴾ (1) .
وأما التفسير فقد شاع استعماله في كلمات العلماء والمفسرين في معنيين:
1ـ مطلق حمل اللفظ على المعنى، سواء كان ظاهراً فيه أم لم يكن، وسواء كانت هناك قرينة عليه أم لا. وبهذا المعنى يسمون حمل اللفظ على المعنى الباطن تفسيراً. فيقولون عنه: انه تفسير بالباطن.
2 ـ خصوص حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه، ـ الذي قد يخفى على البعض ـ وإن كان سبب هذا الظهور التأمل والتمعن في نفس الكلام أو القرينة المحيطة بالكلام. فيكون التفسير ـ بهذا المعنى ـ في مقابل ( التأويل ) الذي هو حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر، وهو اخص من التفسير بالمعنى الأول (2) .
وحقيقة التأويل أنه يستعمل في موردين:
الأول: في توجيه المتشابه، سواء أكان كلاماً متشابهاَ، أم عملاً مثيراً للريب، والتأويل بهذا المعنى خاص بالآي المتشابهة فحسب.
الثاني: في المعنى الثانوي للكلام المعبر عنه بالبطن، تجاه المعنى الأولي المعبَّر عنه بالظهر. والتأويل بهذا المعنى عام لجميع آي القرآن ظهراً وبطناً، وربَّما إلى سبعة بطون.
وقد تبيَّن أن التأويل ـ بكلا الاصطلاحين ـ هو قبيل المعنى والمفهوم الخافي عن ظاهر الكلام، وبحاجة إلى دلالة صريحة من خارج ذات اللفظ (3) .
أما التفسير فهو توضيح ما للفظ من إيهام وغموض.
ويرى الشهيد الصدر أن التفسير باعتبار الشيء المفسر ينقسم إلى قسمين:
1 ـ تفسير اللفظ.
2ـ تفسير المعنى.
وتفسير اللفظ عبارة عن ( بيان معناه لغة )، وأما تفسير المعنى فهو: تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه ذلك المعنى (4) .
وكمثال على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ (5) وقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ (6) وقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ﴾ (7) فنحن نجد هذه الآيات تتحدث عن أشياء قد أنزلت من قبيل: ( الكتاب ) ( الحديد ) ( الماء ) وتفسير اللفظ يعني ـ بصدد هذه الآيات ـ أن نشرح معنى ( النزول ) لغة ونحدد مفهوم كلمة ( أنزلنا ) الواردة في الآيات الثلاث، ونعرف أنها تستبطن معنى ( الهبوط من جهة عالية مرتفعة ) وتفسير المعنى هو: أن ندرس حقيقة هذا الإنزال، ونوع تلك ( الجهة العالية ) التي هبط منها الكتاب والحديد والماء، وهل هي جهة مادية أو معنوية؟(8)
وخلاصة الكلام: إن التأويل قد يأتي بمعنى التفسير كما هو الغالب عند قدماء المفسرين، وقد يأتي بمعنى مغاير كما هو السائد عند غالب المفسرين المعاصرين؛ فالتفسير عندهم حمل اللفظ على المعنى الظاهر منه، بينما التأويل يعني حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر منه.
ــــــــــــ
الهوامش:
1 ـ سورة الكهف: الآية 82.
2 ـ علوم القرآن.. دروس منهجية، السيد رياض الحكيم، المركز الإسلامي المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى 1424هـ ـ 2004م، ص 150ـ 152.
3 ـ تلخيص التمهيد، الشيخ محمد هادي معرفة، مؤسسة النشر الإسلامي، قم ، الطبعة الخامسة 1426هـ، ج 1، ص 482ـ 483.
4 ـ علوم القرآن، السيد محمد باقر الحكيم، مجمع الفكر الإسلامي، قم، الطبعة السابعة 1426هـ، ص 222.
5 ـ سورة الأنعام: الآية 92.
6 ـ سورة الحديد: الآية 25.
7 ـ سورة المؤمنون: الآية 18.
8 ـ علوم القرآن، السيد محمد باقر الحكيم، مجمع الفكر الإسلامي، قم، الطبعة السابعة 1426هـ، ص 223ـ 224.
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف