اختلف الفقهاء والعلماء حول صحة انتساب (تفسير الإمام الحسن العسكري) إلى الإمام العسكري ، إلا أن الشيء المؤكد أنه قد ورد عنه الكثير من النصوص في تفسير القرآن الكريم.
ويُعد الإمام الحسن العسكري من أئمة المفسرين، لما عنده من اهتمام كبير بالقرآن الكريم، وتفسير لسوره وآياته، وبالرغم من أنه لم يصل إلينا كل ما فسره لآيات الذكر الحكيم، إلا أن في ما ورد عنه دليل على أنه كان صاحب مدرسة في التفسير.
وكتاب (تفسير الإمام الحسن العسكري ) مطبوع ومتوافر في المكتبات، ويقع في مجلد كبير تتجاوز عدد صفحاته 600 صفحة من الحجم الكبير، ويحتوي على تفسير سورة الحمد، وقسم من سورة البقرة، وقد اختلف المحققون والعلماء في نسبته للإمام العسكري منذ شيوعه في القرن الرابع الهجري وإلى يومنا هذا بين موافق لنسبته للإمام ، ومعارض لذلك.
وقد رأى جماعة من كبار علماء الإمامية صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام العسكري ، ونفوا كونه موضوعاً، وهم:
الشيخ الصدوق، والشيخ الطبرسي صاحب (كتاب الاحتجاج)، والمحقق الكركي، والشهيد الثاني، ومحمد تقي المجلسي (المجلسي الأول)، والمجلسي الثاني (صاحب البحار)، والحر العاملي صاحب كتاب الوسائل، وابن شهر آشوب صاحب كتاب المناقب، والقطب الراوندي صاحب كتاب (الخرائج والجرائح)، والفيض الكاشاني صاحب تفسيري (الصافي) و (الأصفى)، والسيد هاشم البحراني صاحب تفسير (البرهان)، والسيد نعمة الله الجزائري، والوحيد البهبهاني، والسيد عبد الله شبر، والشيخ الأنصاري صاحب كتاب (فرائد الأصول) ... وغيرهم ممن رأوا صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام العسكري .
أما النافون لصحة كونه للإمام العسكري والقائلون بكونه موضوعاً، فجماعة من الفقهاء والعلماء، ومنهم:
ابن الغضائري صاحب كتاب (الضعفاء)، والعلامة الحلي صاحب كتاب (الخلاصة)، و المحقق الداماد صاحب كتاب (شارع النجاة)، والتفرشي صاحب كتاب (نقد الرجال)، و الأسترآبادي صاحب كتاب (منهج المقال)، والأردبيلي صاحب كتاب (جامع الرواة)، والعلامة الشيخ محمد جواد البلاغي صاحب تفسير (آلاء الرحمن)، والمحقق التستري صاحب كتاب (الأخبار الدخيلة)، والشيخ أبو الحسن الشعراني صاحب كتاب (حاشية مجمع البيان)، والسيد الخوئي صاحب كتاب (معجم رجال الحديث) والمتوفى سنة 1413هـ.
ونكتفي هنا بما قاله السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) حول نسبة هذا التفسير إلى الإمام العسكري حيث قال ما نصه:
(( التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ، إنما هو برواية هذا الرجل( علي بن محمد بن سيار ) وزميله يوسف بن محمد بن زياد، وكلاهما مجهول الحال، ولا يعتد برواية أنفسهما عن الإمام ، اهتمامه بشأنهما، وطلبه من أبويهما إبقاءهما عنده لإفادتهما العلم الذي يشرفهما الله به.
هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، وجل مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالإمام )).
إذن السيد الخوئي (رحمه الله) ينفي صحة نسبة هذا التفسير للإمام العسكري سنداً و متناً.
وبين الرأي النافي لصحة نسبة الكتاب إلى الإمام العسكري والمثبت لذلك، يوجد فريق ثالث من العلماء يرى أن شأنه شأن الكتب الحديثية الأخرى فيه الصحيح والضعيف، ويجب التعامل مع رواياته على هذا الأساس.
لكن لكثرة المؤاخذات على الكتاب كضعف سنده، ومتنه، وضعف مستوى فصاحة وبلاغة المتن في كثير من فصوله، وعدم تطرق علي بن إبراهيم القمي وكذلك محمد بن مسعود العياشي في تفسيرهما إلى ذكر شيء من هذا الكتاب، ووجود بعض الأحاديث المذكورة فيه التي لا تخلو من غلو .. كلها أمور ودلائل تقرب المحقق والباحث من الجزم بعدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام العسكري .
ولكن لا ينفي هذا صحة وجود تفسير للإمام العسكري لكثير من الآيات الشريفة، فقد ذكر المفسرون والرواة والمؤرخون شذرات تفسيرية عن الإمام العسكري ، وفيها إبراز لأسرار الآيات القرآنية وحل غوامضها، مذكورة في أمهات كتب الحديث والتفسير والسيرة.