سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة يوم الجمعة 27 شعبان 1437هـ الموافق 3 يونيو 2016م على أهمية التخطيط الجيد للاستفادة القصوى من بركات وخصائص ومميزات شهر رمضان المبارك.
وأضاف سماحته قائلاً: إن شهر رمضان المبارك فرصة ذهبية لتطوير الذات، وتغيير العادات السلبية والسيئة، واستبدالها بعادات حسنة ومفيدة كالتخلص من التدخين أو شرب المعسل والشيشة، واكتساب عادات حسنة كالمواظبة على حضور المساجد، وصلة الأرحام، وتلاوة القرآن الكريم؛ وكما قال الإمام الصادق : «ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك».
وانتقد سماحته حالة الإسراف في شهر رمضان الكريم، والإقبال الشديد والمبالغ فيه على شراء المواد الغذائية وكأننا مقبلون على مجاعة! في حين أن جميع المواد الغذائية والاستهلاكية متوفرة -والحمد لله- في كل وقت، وكل مكان، ولا يوجد أي داعٍ للتهافت على الشراء بكميات كبيرة.
وتابع بالقول: لقد أصبح بعض الناس يصرفون على أكلهم وشربهم في شهر رمضان الكريم أضعاف ما يصرفونه في غيره من الشهور، وهي نتيجة لغياب التخطيط الغذائي والتسويقي، و حالة الإسراف والتبذير الذي قد يصل أحياناً لدرجة الحرمة.
وحذر سماحة الشيخ اليوسف من حالة الإدمان على مشاهدة الأفلام والمسلسلات في شهر رمضان المبارك، لأنه مضيعة للوقت ومفسدة للنفس والروح والعقل، فالصائم الذي يقضي معظم أوقاته وهو يتنقل من فيلم لفيلم، ومن مسلسل إلى مسلسل، ومن قناة لأخرى، وهكذا يحاول البعض أن يقضي معظم وقته في الإدمان على مشاهدة التلفاز بدلاً من إحياء ليالي وأيام شهر رمضان الفضيل بالعبادة والذكر والدعاء.
واستطرد سماحته بالقول: لا نقصد من ذلك أن لا يشاهد الصائم التلفاز، ولكن المقصود هو أن لا يُسرف في مشاهدة التلفاز أو يشاهد ما هو محرم، وإلا فإن مشاهدة المفيد والنافع من البرامج قد يكون أمراً مطلوباً وراجحاً في حد نفسه.
وأكد سماحته على ضرورة أن يقضي الإنسان الصائم جُلَّ أوقاته في الاتيان بالمستحبات، وتلاوة القرآن الكريم والأذكار والأدعية الوارد قراءتها في شهر رمضان الكريم.
وأشار سماحته إلى أنه من الواجب علينا أن نتوجه إلى الله تعالى في شهر الله، شهر رمضان الفضيل، الذي « هو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار».
ولفت سماحته إلى إدمان الكثير من الشباب والمراهقين على الواتساب وسناب شات والفيس بوك وتويتر وغيرها مما قلص الاهتمام بالقضايا المعنوية والروحية، وأبعد الناس عن بعضهم البعض، وأصبح ذلك من مضيعات فرصة الاستفادة من بركات شهر رمضان الكريم.
ودعا سماحته إلى استثمار شهر رمضان المبارك من خلال التخطيط الجيد للاستفادة من كل دقيقة منه بوضع جدول يومي للتعامل المرتب مع الوقت طوال شهر الله، وليكن من أهم جدول البرنامج العبادي الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأدعية المأثورة، والتنقل بالصلوات المستحبة، وكذلك تفقد أحوال الفقراء والأيتام، والاهتمام بتغيير الذات وبنائها.
وأوضح سماحته أننا بحاجة إلى تطهير القلوب من الأحقاد والضغائن، وتطهير النفوس من الملوثات المضرة، وتطهير العقول من الأفكار السقيمة، وتطهير الأموال بإخراج الحقوق الشرعية منها حتى نحقق الهدف من الصوم: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾.
وشدد سماحته على أن الصيام الكامل لا يعني الامتناع عن الأكل والشرب فقط، وإنما الامتناع عن جميع المفطرات السلوكية والأخلاقية، بأن يمتنع الصائم عن الغيبة والنميمة وقول الزور ؛ كما أن على الصائم أن ينزه نفسه عن استماع الأغاني الماجنة أو مشاهدة الأفلام الهابطة. يقول الإمام الصادق : «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح» وعن أبي عبد الله عن آبائه: «سمع رسول الله امرأة تسابُّ جارية لها وهي صائمة، فدعا رسول الله بطعام فقال لها: كلي! فقالت: أنا صائمة يا رسول الله! فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك؟» فالصيام ليس الامتناع عن الأكل والشرب فحسب، وإنما أيضاً الامتناع عن الإتيان بالرذائل والفواحش من قول أو فعل.
وختم سماحته بالقول: إن على الإنسان الصائم أن يربي نفسه، ويغير ذاته، ويزكي روحه في شهر رمضان المبارك، فشهر رمضان عبارة عن مدرسة يتعلم فيها الإنسان الصائم كيف يقوي إرادته، ويهـــــذب نفسه، ويطهر قلبه، وينمي روحه...وعليه أن يكون شخصاً مختلفاً عندما ينتهي شهر رمضان المبارك.