سماحة الشيخ عبداللله اليوسف يتحدث للمصلين
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في خطبة الجمعة 21 ربيع الآخر 1438هـ الموافق 20 يناير 2017م على أهمية الاقتصاد في المعيشة، والابتعاد عن الاسراف والتبذير، وحسن التقدير والتدبير؛ وزيادة التثقيف الاقتصادي، وترشيد الإنفاق، وعدم الانجرار وراء الدعاية المشجعة على الاستهلاك والإسراف، ووضع ميزانية محددة للعائلة للإنفاق الشهري، والحدّ من عادات الاستهلاك غير المبرّرة.
وأشار سماحته إلى بعض مظاهر العادات الاستهلاكية وحالات الاسراف غير المبررة ككثرة تغيير السلع والمنتجات والأجهزة كتغيير الأثاث كل سنة، وتبديل الموبايل عند كل إصدار جديد، وتغيير الألبسة مع وجود ألبسة جديدة أو شبه جديدة بحالة جيدة، وشراء أشياء كمالية بأسعار خيالية مع وجود بدائل مشابهة بأسعار أقل بكثير، والتسابق على شراء كل جديد في عالم الموضة من أجل الفشخرة الاجتماعية!
وأضاف سماحته قائلاً: ما نراه من إسراف في بعض حفلات الزواج، وإقامة العزائم والولائم، والشراء غير المقنن كله يدخل ضمن دائرة الإسراف والتبذير.
وتابع بالقول: هذه المظاهر الاستهلاكية وغيرها تزيد من حالة الإسراف المنهي عنه، وترهق ميزانية العائلة، وتمنع من الادخار، وتساعد في هدر المال، وربما تجر إلى الاستدانة من أجل مسايرة الموضة والفشخرة.
ولفت سماحته إلى نهى القرآن الكريم في غير سورة من سوره الكريمة عن الإسراف كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ وقوله تعالى: ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
ولذلك نجد أن الإمام السجاد يقول في أحد أدعيته: «وامنَعْني مِنَ السَّرَفِ، وحَصِّنْ رِزقي مِن التَّلَفِ، ووَفِّرْ مَلَكَتِي بالبَرَكَةِ فيهِ، وأصِبْ بِي سَبيلَ الهِدايَةِ لِلبِرِّ فيما انفِقُ مِنهُ».
وأوضح سماحة الشيخ اليوسف إلى أن الأحاديث والروايات الواردة عن رسول الله وأئمة أهل البيت الأطهار في الحث على الاقتصاد في المعيشة، وحسن التدبير والتقدير، والنهي عن الإسراف والتبذير مستفيضة؛ بل متواترة، مما يؤكد على أهمية هذا الأمر في تدبير المعاش والمعيشة. فعلينا أن نخطط لحياتنا المعيشية، ونبتعد عن الإسراف والتبذير، وننفق بقدر الحاجة، ونضع ميزانية للعائلة وفق الأولويات الهامة.
وقال سماحة الشيخ اليوسف: من أجل القضاء على حالات الإسراف والتبذير والاستهلاك غير المبرر يجب التدرج في التخلص من حالات الاسراف، واستبدال السلع والكماليات بأنواع أقل قيمة، ووضع ميزانية شهرية للصرف على المنزل والعائلة.
وأكد سماحته على أنه من المهم جداً لكل فرد عدم الاقتصار على مصدر واحد للدخل بل عليه البحث عن تنويع لمصادر دخله، حتى يستطيع التكيف مع التطورات الاقتصادية الجديدة، والتوجه نحو الاعمال الحرة كالتجارة والصناعة والأعمال المنزلية وغيرها من الفرص الاستثمارية المتاحة.
ودعا سماحته إلى اتباع سياسة الادخار، بمعنى أن يدخر شيئاً من راتبه الشهري كاحتياطي لمستقبل أيامه، فليس من الصحيح أن يصرف المرء كل راتبه خلال الشهر أو أقل منه، ويبقى بلا رصيد خصوصاً إذا كان الراتب جيداً ويكفيه مع التدبير والاعتدال في النفقة توفير شيء منه، فمع الزمن يستطيع ان يكوّن لنفسه رصيداً جيداً يمكن أن يستفيد منه في تكوين مشروع تجاري أو تحسين أموره الحياتية، فالتخطيط المالي السليم يساعد على تدبير أمور الحياة بصورة جيدة وناجحة.
وشدد سماحته على أن الإسراف مذموم ومنهي عنه، إلا في حالة واحدة وهي: العطاء والبذل والإنفاق في أعمال الخير والبر، فكلما زاد الإنسان منها كلما فعل خيراً ولا يعد ذلك إسرافاً، فقد ورد عن رسول الله قوله: «لا خَيرَ في السَّرَفِ، ولا سَرَفَ في الخَيرِ» وقال الإمام علي : «الإسرافُ مَذمومٌ في كُلِّ شَيءٍ إلّافي أفعالِ البِرِّ ».