سماحة الشيخ عبدالله اليوسف (صورة أرشيفية)
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف على دور الشباب الأساس والكبير في نهضة الإمام الحسين جاء ذلك في محاضرة ألقاها بحسينية الحجة بالقطيف ليلة الثامن من محرم 1439هـ الموافق 29 سبتمبر 2017م تحت عنوان: (موقعية الشباب في نهضة الإمام الحسين )، ركّز خلالها على أهمية مرحلة الشباب ودورهم الفعال وواجباتهم ومسؤولياتهم الكبيرة.
وذكر سماحته بأن مرحلة الشباب تتميز بالنشاط والحيوية والفاعلية فهي تمثل مرحلة القوة والصحة بين ضعفين –الطفولة والشيخوخة- فهي أجمل وأحلى وأمتع فترات حياة الإنسان وأسماها بالأيام الذهبية. فهذه الطاقة والنعمة علينا أن نستثمرها في الخير والصلاح ومواجهتها بالشكر وأداء حقها.
وبعدها أشار سماحته إلى أبرز خصائص التدين في مرحلة الشباب ومنها حب الدين، فالشاب بطبيعته وفطرته يحب الدين، ولربما ينحرف الشاب عن المسار الديني في مرحلة الطيش الشبابي ولكنه سرعان ما يعود للدين ويلتزم به.
ونوه بأن أسباب الابتعاد عن الدين كثيرة منها: طبيعة البيئة، أصدقاء السوء، والانسياق وراء الغرائز والشهوات؛ ولكن -وبالخصوص في مجتمعاتنا المتدينة - سرعان ما يعود الشاب المنحرف لخط التدين، بل ونجده يدافع عن قيمه الدينية وبالخصوص في شهر محرم الحرام، إذ نجد إقبال الكثير من الشباب على الحضور في المجالس الحسينية والمشاركة بالعمل والتنظيم الحسيني والعطاء التطوعي المتنوع.
وذكر سماحته بأن بلورة المفاهيم الدينية خاصية أخرى من خصائص تدين الشباب، فلدى جيل الشباب الكثير من التساؤلات في الأمور الدينية، وهذه محاولة منهم لفهم قضايا الدين فتتبلور مفاهيم الدين لديهم بصورة أعمق. لذلك أكد علماء النفس بأنه في مرحلة الشباب تبرز لديهم المشاعر الدينية بصورة كبيرة، فالبعض يعتقد بوجود الغريزة الدينية إلى جانب بقية الغرائز الأخرى. فعلينا أن نتعامل مع ما يطرحونه من تساؤلات وإشكاليات برفق وتفهم ولين وذلك لاعتقادنا بأن ديننا دين المنطق والعقل والرحمة والعلم.
وذكر أيضاً الخصيصة الثالثة وهي الحماس الديني وما يحملها من تقلبات وانفعالات في هذه المرحلة، مشدداً على أهمية توجيه هذا الحماس في الاتجاه الصحيح والإيجابي والاستفادة منها في أعمال الخير وخدمة المجتمع، وأما اذا رافق هذه المرحلة فهم خاطئ وسطحي لمعاني الدين ومفاهيمه فقد يتحول هذا الحماس إلى تشدد وتطرف منهي عنه في الدين ومضر بصاحبه وبالمجتمع.
وأشار سماحته بعدها لمحور هام وهو مشاركة الشباب في النهضة الحسينية. فقد شارك في النهضة الحسينية الشباب والشيوخ، الاحرار والعبيد، العرب وغير العرب، الهاشميون وغير الهاشمين. فهنالك مختلف الفئات والأعراف شاركت في هذه النهضة ولكن حين التتبع والدراسة نجد أن العنصر الغالب في هذه النهضة هم فئة الشباب. فقد لاحظ الإمام الحسين أهمية الشباب وكان يسأل ويتحرى عن الشباب. فقد رأى الإمام بأن الشباب يعتمد عليهم في نصرة الدين والإسلام، فالشباب هم المبادرون والأسرع إلى الخير والتفاعل والتأثر والرغبة في التغيير والتجديد.
وأشار سماحته إلى نماذج من كربلاء قائلاً: أن شريحة الشباب في ثورة الحسين كانت هي السائدة والغالبة على الجميع. ونماذج كربلاء كثيرة وذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ثلاثة نماذج باختلاف مراحل عمر الشباب الثلاثة: فمرحلة بداية الشباب تتمثل في القاسم فبالرغم من أنه لم يبلغ الحلم إلا انه كان يحمل إرادة القتال والتضحية في سبيل الدين. أما النموذج الثاني هو علي الأكبر الذي كان في ريعان شبابه فهو لم يبلغ الثلاثين عاماً لكنه كان يحمل الإصرار على الشهادة دفاعاً عن الاسلام. أما النموذج الثالث فهو أبو الفضل العباس ، فقد كان في مرحلة متقدمة في سن الشباب فكان عمره عندما استشهد 34 سنة، وكان يحمل الإيثار والتضحية بالنفس في سبيل الحق.
وفي محوره الأخير ذكر سماحة الشيخ عبدالله اليوسف واجبات الشباب وأشار إلى ضرورة تعزيز المنظومة الدينية، فالإمام الحسين استشهد من أجل تعزيز وتقوية القيم الدينية والمعنوية.
أما الواجب الثاني فهو التخلق بأخلاق الإمام الحسين ، فقد سار على نهج جده الرسول الأكرم الذي كان مدرسة في الأخلاق، لذلك يجب علينا أن نقتدي ونتأسى ونتخلق به، ويجب أن ينعكس أخلاق الشاب على أهله ووالديه ومجتمعه.
وشدد بعدها على أن الشباب يستطيع أن يتميز بالعلم ويتخصص في مختلف المجالات العلمية ليضيف قوة إلى مجتمعه؛ فمجتمعنا يتميز بمختلف الطاقات والكفاءات العلمية ولكننا نطمع في المزيد منها.
وأشار بقوله: ولعله كان أبرز عامل حافظ على منهج أهل البيت هو تميزهم بالعلم والمعرفة، فقد كان أئمة أهل البيت أعلم الناس في زمانهم بلا منافس، وقد حثوا على العلم والتعلم، فيجب ان يكون عند الشاب والشابة همّ العلم وقلق المعرفة حتى ينفع نفسه ومجتمعه ووطنه؛ فالشباب يستطيعون اليوم أن يكونوا عنصراً فاعلاُ ومهماُ في المجتمع بمختلف مجالات العطاء.
وأشاد الشيخ اليوسف بالشباب قائلاُ: الشباب هم أمل الأمة ومستقبلها، وعلى الشباب المشاركة في مواسم عاشوراء بمختلف المجالات، والمساهمة في تنمية المجتمع وتطويره، فالمجتمع لا يتقدم الا بعطاء أهله وشبابه.
وأما الواجب الأخير على الشباب فهو تحمل المسؤولية، فمرحلة الشباب هي مرحلة نشاط وقوة وفاعلية وتحمل للمسؤولية. فمسؤوليته تكمن في اعتماده على نفسه وترك الاتكالية، وأن يكون مسؤولاُ عن نفسه وعائلته ومسؤوليته الأكبر هي تجاه مجتمعه وأمته.
الجذير بالذكر أن الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف مهتم بقضايا الشباب وثقافتهم، وقدّم الكثير من الندوات حول الشباب، وله الكثير من المؤلفات المنشورة في هذا المجال المهم.