سماحة الشيخ اليوسف يتحدث إلى المصلين (أرشيف)
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الرسول الأعظم بالحلة بمحافظة القطيف 5 ربيع الأول 1439هـ الموافق 24نوفمبر 2017م عن الغضب وآثاره الوخيمة في حياة الأفراد والمجتمعات بعنوان «الغضب مفتاح كل شر».
وقال سماحته: نهى الإسلام عن الغضب لما له من آثار سلبية كثيرة وعواقب وخيمة سواء في حياة الفرد أو المجتمع، فهو مفتاح لكل الشرور والآثام، ورأس الكثير من المشاكل الأخلاقية والعائلية والاجتماعية.
وأضاف سماحته قائلاً: إن هناك الكثير من النصوص الدينية التي تحذر من الغضب وتذمه فقد جاء عن الرسول الأكرم قوله: «الغَضَبُ جَمرَةٌ مِن الشيطانِ» وقال الإمام علي : «إيّاك والغَضَبَ، فَأوَّلُهُ جُنونٌ وآخِرُهُ نَدَمٌ».
وبيّن سماحته أن الغضب حالة نفسية تبعث على التهيج والتوتر والثوران، فالإنسان الغاضب كالبركان الذي يشتد ثوراناً وغيضاً كلما زاد غضبه، وهو ضرب من ضروب الجنون كما ورد عن أمير المؤمنين : «الحِدَّةُ ضَربٌ مِن الجُنونِ لأنَّ صاحِبَها يَندَمُ، فإن لَم يَندَمْ فَجُنُونُهُ مُستَحكِمٌ » . وقال الإمام الصادق: «الغَضَبُ مِفتاحُ كُلِّ شَرٍّ » بمعنى أن الغضب ينتهي إلى كل شر وليس كل شر ينتهي إلى الغضب.
وهناك أحاديث كثيرة جداً في هذا الباب التي تنهى عن الغضب المذموم، وليس الغضب المحمود الذي هو الغضب لله عز وجل من أجل الدين والحق وصيانة العقيدة والمقدسات وغيرها، والذي يعتبر من الفضائل، وقد روي عن أمير المؤمنين : «كانَ صلى الله عليه وآله لايَغضَبُ للدنيا، فإا أغضَبَهُ الحقُّ لَم يَعرِفْهُ أحَدٌ ولم يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيءٌ حتّى يَنتَصِرَ لَهُ ».
ولكن حديثنا هنا عن الغضب السلبي الغالب عند الكثير من الناس الذي يكون باعثه اتباع الهوى وحب الدنيا وأنانية الإنسان وحبه لذاته.
وأوضح سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بعض بواعث الغضب وأسبابه، والتي منها:
أولاً: نتيجة اعتلال الصحة العامة سواء في بعدها المادي أو النفسي أو العقلي أو الأخلاقي فيكون قد تعود على الشراسة أو حدة المزاج، وكذلك المشاكل النفسية التي تسبب سرعة التوتر وبعض الأمراض كالسكري تزيد من حالة العصبية.
ثانياً: هو الهيجان لأتفه الأسباب، فبعض الناس يغضب حتى لو كان الكلام من باب المزاح، أو لأسباب تافهة؛ وهذا السلوك يدل على شدة الغضب فيتحول الغاضب إلى وحش بصورة إنسان.
ثالثاً: الحساسية المفرطة من النقد، حتى لو كان النقد بصورة نصيحة أو من باب الملاحظة أو تصحيح الشيء فيعتبر ذلك انتقاصاً من شخصيته ومكانته، وهذه الحساسية المفرطة قد تكون نتيجة تعود بعض الأشخاص على الثناء والمدح ولا يطيق أي نقد ولو كان بسيطاً.
ثم تطرق سماحة الشيخ اليوسف إلى علاج الغضب التي يمكن أن تساعد الإنسان الغضوب على السيطرة على انفعالاته من خلال عدة أمور، أهمها:
هو ذكر الله سبحانه وتعالى والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، لما في ذكر الله سبحانه من تهدئة النفس والأعصاب، كما جاء في الحديث القدسي «اذكرني في غضبك، أذكرك في غضبي ».
الأمر الثاني: تذكر قصص الكاظمين للغيظ كما في سيرة أئمتنا وحلمهم وكظمهم للغيظ تجاه من يسيء إليهم، ويحاول أن يستفزهم ويثير غضبهم.
الأمر الثالث: هو تذكر عواقب الغضب الوخيمة التي تؤثر على حياتنا العائلية والاجتماعية وقد يزرع الغضب في النفوس الحقد والانتقام ولربما تسفر عن بعض الجرائم الخطيرة كالعنف والقتل التي نسمع عنها في وسائل التواصل وعبر نشرات الأخبار والصحف المحلية نتيجة شدة الغضب.
ثم شدد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية التنفيس عن الغضب كعلاج لتهدئة العضب والتي أشارت إليها بعض الروايات ومنها: صلاة ركعتين، وإذا كنت قائماً عند الغضب فاجلس، وإذا كنت جالساً اضجع حتى تهدأ من غضبك.
وختم سماحته الخطبة بضرورة ضبط النفس وترويضها عند الغضب، وأن يدرب الإنسان نفسه على الحلم وكظم الغيظ، وأن يتجنب قدر ما يستطيع (الغضب) لأنه مفتاح كل شر، وكما حث على ذلك الرسول الأكرم مراراً ، ووصاياه لكل من طلب منه وصية أو عظة بقوله له: «لا تَغضَبْ» . فلنجعل هذه الوصية النبوية نصب أعيننا دائماً.