سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (أرشيف)
|
أشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 17 ربيع الآخر 1439هـ الموافق 5 يناير 2018م إلى أهمية الاهتمام بجوهر الزمن في أي سنة جديدة، بالتركيز على القضايا الجوهرية في استقبال السنة الجديدة، وعدم الاكتفاء بالأمور الشكلية والاحتفالية فيها.
وأضاف سماحته قائلاً: إن السنة الميلادية الجديدة (2018م) مناسبة للتقويم والمراجعة والمحاسبة الذاتية للنفس، فمن المهم القيام بجرد للمنجزات والأعمال الشخصية التي تحققت في السنة المنصرمة، والتصميم على أن يكون العام الجديد مليء بالإيمان والعمل الصالح، ومتميز بالإنجاز والعطاء الكثير.
وبيّن سماحته أن السنة الجديدة فرصة جديدة وولادة جديدة للإنسان عليه أن يستثمرها ويغتنمها في العمل والنشاط، وعدم الجمود على ما مضى، بل التفكير في إنجاز الكثير من الأعمال في القليل من الوقــت المتاح، وليس إنجاز القليل من الأعمال في الكثير من الوقــت.
وشدد سماحته على أن أنفس شيء يملكه الإنسان هو الوقــت، فبه يستطيع أن ينجز الكثير من الأعمال إذا ما أحسن استثماره، أما إذا ما أســـاء إليه وأهدره فيما لا يفيد ولا ينفع فإن النتيجة ستكون الخسران والخسارة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ ﴿103/1﴾ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿103/2﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
ولفت سماحته إلى أن كل من يدرك قيمة الوقــت وأهميته يعلم أن الوقـــت ليس من ذهب فحسب، بل هو أثمن من كل جوهر نفيــس، وأغلى من كل حجر كريم؛ إنه أثمن ما في الوجود، لأن الوقــت يساوي الحياة.
ولذلك روي عن أمير المؤمنين أنه قال: « ما أسرَعَ السّاعاتِ فِي اليَومِ، وأسرَعَ الأيّامَ فِي الشَّهرِ، وأسرَعَ الشُّهورَ فِي السَّنَةِ، وأسرَعَ السّنينَ (السَّنَةَ) فِي العُمرِ!» ، وقوله : «إنَّ اللَّيلَ والنَّهارَ يَعمَلانِ فيكَ فَاعمَل فيهِما، ويَأخُذانِ مِنكَ فخُذْ مِنهُما» ، في إشارة إلى أهمية الوعي بالزمن في حياة الإنسان.
وحذر الإمام علي من ضياع الأعمار فيما لا يفيد بقوله: «احذَروا ضَياعَ الأعمارِ فيما لا يَبقى لَكُم، فَفائتُها لا يَعودُ» ، وأهمية ترك بصمة نافعة ومفيدة تبقى للإنسان بعد موته.
ودعا سماحة الشيخ اليوسف إلى أهمية التعود على احترام الإنسان الوقت لنفسه واحترام أوقات الآخرين، والالتزام بدقة في المواعيد، وعدم زيارة أحد من دون أخذ موعد مسبق؛ لأن في ذلك دلالة على الوعي بجوهر الزمن في الحياة.
وأوضح سماحته أن المجتمعات المتقدمة تتعامل مع الوقــت كعنصر رئيس فـي عملية البناء المدني والحـضاري، ولذلك أخذت تهتم كثيراً بتوظيف الوقــت فــي العمل والإنتاج والإنجاز، كما تعود الناس على ثقافة (احترام الوقــت) كقيمة من القيم المثلى؛ وذلك للوعي بأن استثمار الوقت كقيمة وثروة يعتبر من الأسس الهامة لأية نهضــة صناعية واجتماعية وحضارية.
وأضاف سماحته أن المجتمعات النامية والمتأخرة تتعامل مع الوقت كسلعة زهيدة، ولذلك تتهاون في احترام المواعيد، وتتأخر عن إنجاز الأعمال في أوقاتها المحددة، وتبحث عن قتل الوقــت بصورة سلبية، مما أدى إلى شيوع ثقافة (اللامبالاة) تجاه احترام الوقــت في المجتمع!
وختم سماحته بالتأكيد على أهمية شيوع ثقافة (احترام الوقت) في المجتمع، والوعي بقيمة الزمن في حياة الإنسان، وحياة المجتمعات أيضاً.