سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في خطبة الجمعة 26 ذي الحجة 1439هـ الموافق 7 سبتمبر 2018م على ضرورة التوحد والاتحاد، فقد أمر الله سبحانه وتعالى في غير موضع من القرآن الكريم بالوحدة والاعتصام بحبل الله المتين، ونهى عن التفرق والشقاق والتنازع، كما في قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾.
وأضاف: إن التمسك بحبل الله المتين -والذي هو دينه وقرآنه وعترة نبيه- يؤدي إلى الوحدة والتوحد؛ وهي مصدر قوة ومنعة وعزة وتوفيق ونجاح، وأما التفرق والشقاق والتنازع فهي مصدر ضعف وخوار وهوان وفشل؛ ولذلك نهى القرآن الكريم عن التنازع والتخاصم كما في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ فالتنازع يؤدي إلى الفشل وذهاب القوة والعزة والمنعة، وأما الاتحاد والتوحد والوحدة فيؤدي إلى النجاح.
وبمناسبة قرب دخول موسم (عاشوراء الحسين ) قال: إن علينا أن نتوحد تحت راية الإمام الحسين الشريفة، فالتمسك بنهج الإمام الحسين أحد مصاديق حبل الله الذي يؤدي إلى توحيد صفوف المؤمنين، وهو ما ينتج عنه النجاح والخير والصلاح.
وقال: إن أحد أهم الأمور التي يجب أن توحد المؤمنين هو الالتفاف حول أهداف الإمام الحسين من نهضته المباركة التي أعلنها بنفسه قائلاً: «وَأَنّي لَمْ أَخْرُجْ أشِراً، وَلا بَطِراً، وَلا مُفْسِداً، وَلا ظالِماً، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الاِْصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي ( ص )، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأبي عَليِّ بْنِ أَبي طالِب ( عليهما السلام )، فَمَنْ قَبِلَني بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللهُ أَوْلى بِالْحَقِّ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيَّ هذا أَصْبِرُ حَتّى يَقْضِيَ اللهُ بَيْني وَبَيْنَ الْقَومِ بِالْحَقِّ، وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمينَ»، فالإمام إنما ثار واستشهد من أجل الإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتطبيق أحكام الإسلام.
وتابع قائلاً: إن الالتفاف حول هذه الأهداف العظيمة التي نادى بها الإمام الحسين هو الطريق نحو التوحد والاتحاد والوحدة، فعادة ما يتفق العقلاء على الأهداف الكبرى ولكنهم قد يختلفون حول الأهداف الصغيرة والبسيطة.
وقال: لا يصح أن ننسى هذه الأهداف الكبرى للنهضة الحسينية المباركة ونتشبث بأمور هامشية أو نختزل نهضته العظيمة في قضايا سطحية بسيطة مما يؤدي إلى خلق الشقاق والتفرق والتنازع بين المؤمنين.
ودعا إلى أن يكون موسم (عاشوراء الحسين) فرصة لإعلان الوحدة الاجتماعية بين مختلف المكونات والتوجهات والتيارات الاجتماعية المتغايرة، والتركيز على ما يجمع المؤمنين وهي كثيرة وكثيرة، وتجنب ما يثير الخلاف والشقاق والنزاع؛ لأن المحصلة النهاية لذلك هو فشل الجميع، ولذلك قال تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
واعتبر أن ما يحدث مع بداية محرم من كل عام من تراشق في الكلام، واستخدام كلمات التجريح والسباب والشتائم شيء مؤلم ومحزن، ولا يرضاه الإمام الحسين لشيعته ومحبيه وأتباعه، ثم إنه لا يؤدي إلى نتيجة سوى زرع الأحقاد والضغائن بين المؤمنين، وقد قال أمير المؤمنين : «سَبَبُ الفِتَنِ الحِقدُ»، فانتشار الأحقاد يؤدي إلى توليد الفتن بين الناس.
ودعا إلى ترك المسائل العلمية محل الخلاف لأهل الفقه والعلم، إذ لكل فقيه دليله ومنطقه العلمي ومنهجه في الاستدلال، ونركز على ما يجمع بين المؤمنين، ونترك ما يثير النزاع والشقاق والفرقة، ونتعاون فيما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف حوله.
وأشار إلى أن الخطباء الكرام يتحملون مسؤولية كبيرة في حث الناس على الوحدة والاتحاد والاجتماع، وتجنب ما يؤدي إلى الخلاف والشقاق والنزاع، فالخطاب الحسيني -وخصوصاً أيام عاشوراء- يجب أن يكون موحداً لا مفرقاً، وجامعاً لا مشتتاً، ومقوياً لا مضعفاً.
ولفت إلى أن المجالس والمآتم الحسينية كلها تعقد باسم الإمام الحسين ، ويجب أن تكون كذلك بعيداً عن أي تصنيف آخر.
واعتبر سماحة الشيخ اليوسف أنه من الخطأ أن نطلق تصنيفات أخرى على المآتم الحسينية لا تتسق مع مرادها بأن نطلق وصف أن هذه الحسينية تبع جماعة فلان أو جماعة علان ونقصد بذلك تصنيفها فئوياً أو تيارياً أو جهوياً، وهو الأمر الذي يخلق حواجز بين المؤمنين ويمنعهم من الذهاب لتلك الحسينية أو الاستماع لذلك الخطيب إذا كان الوصف من منطلق جهوي أو تباري أو فئوي أو ما أشبه ذلك.
وأوضح أن الحسينيات ينبغي أن تكون كلها تحت راية الإمام الحسين لا غير، وكل حسينية هي بيت من بيوت الإمام الحسين ، وبالتالي يجب أن تكون مفتوحة للجميع، ولا يصح إغلاقها بوجه أحد من المؤمنين من دون وجه شرعي.
وفي ختام خطبته دعا الجميع إلى الالتفاف حول راية الإمام الحسين الشريفة لنعلن التوحد والوحدة والاجتماع في أيام عاشوراء، بل وفي كل وقت، وندع كل ما يثير الحساسيات والضغائن والأحقاد حتى نعبر بصدق عن حب الإمام الحسين وعشقه.