مجلس الوعي … واحة الفكر والحوار
صورة في مجلس الشيخ اليوسف
صورة في مجلس الشيخ اليوسف

بين فينةٍ وأخرى، يكتب الله لي زيارةً مميزة لمجلسٍ لا يشبه المجالس… مجلس سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في ليلة الخميس.

إنه مجلس تشرق فيه أنوار الفكر، وتتنفس الأرواح فيه نسيم الوعي، وتلتقي فيه العقول الباحثة عن معنى الحياة في ضوء الإيمان والمعرفة.

مجالسة العلماء… زاد العقل ونور القلب

لطالما أكّد أمير المؤمنين (عليه السلام) على قيمة المجالس العلمية حين قال: «جالس العلماء تسعد»[1] ، وقال أيضًا: «جالس العلماء يزدد علمك، ويحسن أدبك، وتزكُ نفسك»[2] .

وهذه الكلمات ليست مجرد وصايا، بل مفاتيح تُفتح بها أبواب النور؛ فمجالسة العلماء ليست حضورًا جسديًا فحسب، بل هي حضور القلب والعقل في ساحة الوعي، حيث تُصقل النفس ويُهذّب السلوك، ويُستنبت الفكر النقيّ من تربة الحكمة.

نبذة عن الشيخ اليوسف

هو الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف، أحد الأصوات الواعية في ساحة الفكر الإسلامي المعاصر. وُلد في بلدة الحِلّة بمحافظة القطيف عام 1383هـ/1964م، وتخرّج في الحوزة العلمية الذي كان فيها طالبًا وأستاذًا، وقد حصل على الدكتوراه في الفقه والمعارف الإسلامية من جامعة المصطفى العالمية عام 1432هـ - 2011م.

جمع بين عمق الحوزة وواقعية الحياة، وبين العلم والإصلاح الاجتماعي.

كتب أكثر من تسعين مؤلفًا في الفكر والتربية والأخلاق، منها: الشخصية الناجحة، الصعود إلى القمة، شرعية الاختلاف، فلسفة الفكر الإسلامي، الشباب هموم الحاضر وتطلعات المستقبل، الشباب في زمن متغير، العنف الأسري، ثقافة العمل التطوعي، علل فقه الأحكام الشرعية، الصفوة الخيرة من رجال الأئمة الأطهار وغيرها. كما كتب كتبًا موسعة ومختصرة عن سيرة أئمة أهل البيت الأطهار، وترجمت بعض مؤلفاته لعشر لغات أجنبية.

وحيثما حلّ، ترك أثرًا من الحكمة وعبيرًا من الوعي.

مميزات الجلسة الأسبوعية

انضباط ووقت ثمين

في مجلسه، الوقت له قدسيته. تبدأ الجلسة بدقة عند الساعة الثامنة والنصف مساء الأربعاء وتنتهي عند العاشرة.

لا ضوضاء، ولا انتظار طويل، بل انسيابٌ منظم يعبّر عن احترام الشيخ للوقت وللحضور، كأنما يقول بفعله قبل قوله: الوقت رأس مال العالم.

حوار.. فكر.. تفاعل

ما يميّز مجلس الشيخ اليوسف أنه ليس منبرًا أحاديّ الصوت، بل فضاء مفتوح للحوار والسؤال والمناقشة.

يحفّز الحضور على التفكير والمشاركة، فيتحول المجلس إلى نهر من الأفكار المتدفقة، كل كلمة فيه تنبت معنى جديدًا.

كثيرًا ما يقدِّم الشيخ للحضور كتبه وإصداراته كهدايا رمزية، ليبقى أثر المجلس ممتدًا بعد انفضاض الجمع.

تنوّع يُثري… وحضور يُوحِّد

يجتمع في مجلس الشيخ اليوسف الطبيب والمهندس والمعلم والكاتب والطالب، من القطيف والأحساء والدمام وسائر المناطق.

ذلك التنوع لا يخلق تباينًا بل وحدةً فكريةً راقية، تشبه لوحة فسيفسائية جميلة عنوانها: الوعي يجمعنا.

الشيخ المحفِّز

في كل لقاء، يكتشف الشيخ طاقاتٍ بين الحضور، فيشجعها ويغذيها بكلمة صادقة أو توجيه لطيف.

فهو لا يرى في المجلس مجرد مكان للعلم، بل منصةً لصناعة الوعي، ومختبرًا للطاقات الشابة.

إنه يزرع الأمل في القلوب كما يزرع الفلاح البذور في أرضٍ خصبة، واثقًا أن الغد سيزهر ثمارًا من خيرٍ وعطاء.

ختامًا

مجلس الشيخ عبدالله اليوسف ليس مجرد لقاء أسبوعي، بل مدرسة وعي وروحانية، فيها يتجدّد الإيمان بالعقل، ويتطهر الفكر من الغفلة.

إنه مجلس يذكّرك بأن العلم عبادة، والحوار عبور، وأن السعادة الحقيقية ليست في امتلاك الأشياء… بل في امتلاك الوعي.

الهوامش

[1] غرر الحكم: 4717.

[2] غرر الحكم: 4786.
اضف هذا الموضوع الى:
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف