سماحة الشيخ اليوسف يقول: إن تصريحات البابا تؤدي إلى زيادة الكراهية بين أكبر ديانتين على وجه الأرض، ويطالب المسلمين بوضع خطة شاملة للتعريف بالإسلام ونبيه الكريم
محرر الموقع - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
أصدر سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بياناً على تصريحات بابا الفاتيكان طالب فيه المسلمين بمراجعة نقدية، وخطة شاملة للتعريف بالإسلام ونبيه الأعظم، ورأى أن ردود الأفعال الوقتية تنتهي بانتهاء الحدث، ولا تحل المشكلة، وأن المطلوب من المسلمين تجاوز ردود الأفعال إلى صناعتها بصورة تساهم في يقظة الأمة من سباتها الحضاري، وإليكم نص البيان:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تناقلت وكالات الأنباء العالمية أن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر ألقى محاضرة يوم الثلاثاء 12سبتمبر 2006م الموافق 19 شعبان 1427هـ في جامعة ريجنسبرغ في ألمانيا، وقد أشار في مقدمة محاضرته إلى أن ( الإسلام لا يدين العنف بالشدة المطلوبة) كما تحدث عن شخصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بعبارات مسيئة حيث أشار البابا في خطابه إلى اقتباس حوار دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي و"مثقف فارسي" حول دور نبي الإسلام. وقال فيه الإمبراطور للمثقف "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد، لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف !!".
وتثير هذه التصريحات من بابا الكنيسة الكاثوليكية في العالم الصدمة في نفوس المسلمين أينما كانوا وحيثما وجدوا، إذ تصدر من راعي الكنيسة والذي يجب أن يتحلى باحترام الأديان والعقائد الأخرى، وأن يتسم خطابه بالتعقل والحكمة، إلا أن ما جاء على لسان البابا يدعو للصدمة والغضب والأسى. كما يثير مجموعة كبيرة من التساؤلات عن خلفية مقاصد وأهداف الكنيسة من هذا الطرح الذي يؤدي إلى زيادة الكراهية بين أكبر ديانتين على وجه الأرض، ولعل أخطر هذه الأسئلة هو: ما إذا كان البابا يعطي شرعية دينية لحملات قادمة من الحروب ضد الإسلام والمسلمين على غرار الحروب الصليبية سيئة الصيت؟!
والمطلوب من المسلمين في كل مكان ليس الاستنكار والشجب ضد تصريحات البابا، أو مطالبته بالاعتذار فقط، وإنما مراجعة شاملة لاستنهاض الأمة حضارياً، والخروج من التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة في هذا العصر، فلم يكن باستطاعة البابا ولا غيره أن يتجرأ على نبي الإسلام، أو على الإسلام ذاته لو كان المسلمون متقدمين حضارياً، ويمتلكون عناصر القوة المعرفية والعلمية، ولكن ما يدعو للحزن والأسى هو حال المسلمين اليوم، حيث يعانون من الضعف والتفرقة والتخلف وهو ما يشجع الآخرين على إهانة المسلمين في كل مكان ومن كل أحد!
لقد حان الوقت لكي يستيقض المسلمون من سباتهم الحضاري، وأن يبدأوا برسم خطة طويلة المدى للتعريف بالإسلام الحضاري، كما أن من المهم إيصال السيرة المشرقة لرسول التسامح والحوار والمحبة والرحمة لكل العالم، بيد أن تصريحات البابا وغيره إنما تنم في جانب منها عن جهل بالإسلام وبنبيه الكريم.
وفي الوقت الذي تتوالد فيه محطة فضائية كل يوم لبث الأغاني الهابطة، ونشر التعري والتحلل الأخلاقي، لا نرى فيه ولا محطة واحدة متخصصة عن سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، إننا بحاجة أن يبادر أهل المال لإنشاء أكثر من محطة وبمختلف اللغات الحية للحديث عن سيرة نبينا الكريم، هذه السيرة المشرقة التي لو علم بها العالم لما اتبعوا غيره، ولكن تقصيرنا عن نشر سيرة نبينا، وعن توضيح الصورة الأصيلة للإسلام، وعن قيام بعض المحسوبين على الإسلام بأعمال إرهابية قد أعطى صورة خاطئة عن الإسلام ونبيه.
إننا بحاجة كمسلمين لمراجعة نقدية، وخطة شاملة للتعريف بالإسلام الجامع والأصيل، ونشر ما كتب حول السيرة النبوية بمختلف اللغات، وبلغة عصرية جذابة، إذا ما أردنا الانتصار لديننا ولنبينا الأكرم، وإلا فإن ردود الأفعال الوقتية لن تحل المشكلة، وسنسمع كل يوم من يأتي ويتهجم على الإسلام ونبيه، فقبل ذلك بفترة ليست طويلة استنكرنا الرسوم المسيئة للرسول الكريم وها هو اليوم يطل علينا البابا بهجومه غير المبرر على الإسلام ونبيه الأعظم، وسيأتي بعد فترة من يعيد إنتاج خطاب الإساءة للإسلام ولسيرة الرسول الكريم، ولذلك فالمطلوب الخروج من ردود الأفعال الوقتية إلى صناعة الأفعال الإيجابية.
فهل نحن فاعلون؟!
عبدالله أحمد اليوسف
الحلة-القطيف
السبت22شعبان1427هـ
16 سبتمبر 2006م
22/8/1427
اضف هذا الموضوع الى: