في حوار متنوع عن طلبة العلوم الدينية والخطباء والحوزات والخطاب الديني والإنتاج الثقافي والمرأة..الشيخ اليوسف يقول: لا مانع شرعاً من قيادة المرأة للسيارة مع التزامها بالحجاب الشرعي
محرر الموقع - « أجرى الحوار الأستاذ/ سلمان بن حسين الحجي » - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م

في حوار متنوع عن طلبة العلوم الدينية والخطباء والحوزات والخطاب الديني والإنتاج الثقافي والمرأة أجاب سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف على أسئلة الأستاذ/ سلمان بن حسين الحجي عضو المجلس البلدي بالأحساء، والذي نشرها في كتابه الجديد ( هكذا وجدتهم) والصادر عن جواثا للنشر، الطبعة الأولى 1429هـ-2008م، وإليكم نص الحوار:


س1/ ما تأثير الأوضاع المعيشية الصعبة إيجابياً أو سلبياً، على طالب العلم؟


ج1/ طالب العلم مثله مثل أي إنسان بحاجة لتوفير حاجاته المادية له ولعائلته، وكلما توفرت له الحياة الكريمة كان أكثر إبداعاً وإنتاجاً، ومع أن أغلب طلبة العلم يعيشون ظروفاً صعبة من ناحية المعيشة إلا أن ذلك لايمنعهم من التحصيل العلمي إذا ماتوافرت في الشخص الإرادة الفولاذية، والهمة العالية، والجد والاجتهاد. أما إذا كان طالب العلم ضعيف الإرادة، قليل الهمة، محدود الطموح، فقد لايقوم بدوره المطلوب، وقد يترك طريق العلم ليبحث له عن عمل آخر!


ومن الواضح أن توفير المستلزمات المادية من مسكن وملبس ومأكل..إلخ له تأثيره الإيجابي على مسيرة طالب العلم إذا ما كان بالفعل مجتهداً وجاداً في مسيرته العلمية والعملية، أما عدم توافر حتى الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية فيؤدي إلى فتور الإنسان عن تحصيل العلم، وقد يصاب بأمراض نفسية، وقد تخسر الأوساط العلمية بعض أهل العلم الذين يمتلكون الذكاء والمواهب الخلاقة بسبب ضعف حالتهم المادية، ولذلك أرى من الضروري أن يتوافر لطالب العلم مايحتاجه من مال كي يلبي حاجاته المادية، ويتفرغ للعلم والعمل.

س2/ بعض الطلبة القطيفيين لا يواصلون الدارسة العلمية للحصول على ملكة الاجتهاد .. من وجهة نظرك ما أبرز أسبابها؟


ج2/ قد تختلف الأسباب من شخص لآخر، ومع ذلك يمكن إجمالها في النقاط التالية:


1- صعوبة الغربة: إذ أن الوصول لملكة الاجتهاد يحتاج للبقاء في التحصيل العلمي سنوات طويلة في بلاد الغربة ، وما يترتب عليها من صعوبات ومشاكل تواجه طالب العلم وعائلته في جوانب مختلفة، وهو الأمر الذي يضطر الكثير للنزول إلى بلادهم. أما بالنسبة لمن هم من أهل الحواضر العلمية كالنجف الأشرف أو قم المقدسة أو م اجاورهما من مدن فهم يعيشون في بلادهم وبين أهلهم وقومهم، ومن ثم فهم لا يعانون مشاكل الغربة التي يعاني منها القطيفيون والأحسائيون.


2- ضعف الطموح: إذ أن غياب الطموح بالوصول لرتبة الاجتهاد قد يدفع إلى عدم مواصلة هذا الطريق العلمي، وغياب الطموح أيضاً له أسبابه المختلفة.


3- عدم الشعور بالحاجة للاجتهاد: إذ يشعر الكثير من الطلبة بعدم الحاجة الماسة للاجتهاد، وذلك لوجود عدد كبير من المجتهدين في العالم الشيعي، وأن المجتمع بحاجة أكبر للعمل التبليغي والدعوي والميداني من حاجته لمجتهدين.


4- غياب التقدير الاجتماعي: إن الوصول لملكة الاجتهاد يتطلب جهداً شاقاً للوصول لهذه المرحلة، ومع شعور الكثير من أهل العلم بغياب التقدير اللازم للمجتهد يضعف التوجه والرغبة في الوصول لرتبة الاجتهاد.

س3/ إلى ماذا تعوز اختفاء المرجعية في المنطقة الشرقية؟ وهل تتوقع رجوعها؟


ج3/ هناك نوعان من المرجعية:


الأولى: المرجعية العالمية: وهذه لاتنمو إلا في جو ملائم لها، مثل الحواضن العلمية المعروفة كمدينة النجف الأشرف وقم المقدسة، حيث الحوزات العلمية التي تضفي المزيد من المشروعية التي تحتاجها أي مرجعية عليا حتى يرجع إليها ملايين المسلمين.
الثانية: المرجعية المحلية: وهي المرجعية التي يرجع إليها أهل المنطقة ولكنها لاتحظى بتأييد عالمي، وتبقى محصورة في النطاق المحلي.
والمرجعية في المنطقة كانت في الغالب من النوع الثاني، ويمكن أن تبرز في المنطقة مرجعيات محلية على المدى الزمني المتوسط إذا ماتوافرت الأسباب الموضوعية لنجاحها.


س4/ ما أبرز الصفات التي يلزم توافرها في طالب العلم ؟


ج4/ توجد العديد من الصفات التي ينبغي توافرها في طالب العلم ويمكن الإشارة إلى أهمها في النقاط التالية:


1- الصفات الأخلاقية: ينبغي لطالب العلم أن يكون قدوة في أخلاقه وتعامله مع الناس، وأن يحبب للناس حب الدين والعلم من خلال اللين في التعامل، وأهم الصفات الأخلاقية التي ينبغي لطالب العلم التحلي بها: الحلم والتواضع وسعة الصدر واحترام الناس.


2- الصفات العلمية: ونقصد بها مواصلة طلب العلم درساً وتدريساً وتأليفاً وتحقيقاً، وما يتطلبه ذلك أيضاً من فهم العصر، معرفة الواقع.


3- الصفات النفسية: على طالب العلم أن يتحلى بالصفات النفسية السوية كالشجاعة والإرادة القوية والثقة بالنفس والعزيمة والهمة العالية.

 
4- الصفات العملية: من المهم أن يجمع طالب العلم بين العلم والعمل، فالعلم بلا عمل لافائدة منه، ومن أهم هذه الصفات العملية القدرة على الإدارة، والتخطيط للعمل الدعوي، والقدرة على الاتصال الاجتماعي.

س5/ مع تعدد أساليب التقنية الحديثة من إنترنت وفضائيات... هل ترى ضرورة لتجديد الخطاب الديني؟


ج5/ التجديد في الخطاب الديني أكثر من ضروري، سواء في المضمون والمحتوى أم في الأسلوب والأداء، وفي عصر الفضائيات والإنترنت ، وفي الألفية الثالثة لابد من تطوير الخطاب الديني كي يكون قادراً على مخاطبة الأجيال الجديدة والتأثير فيهم، إذ لايمكن أن نخاطب الأجيال الحاضرة بنفس الأسلوب الذي كان يوجه للأجيال الماضية، فالعصر اختلف، والزمان تغير، وكل شيء حولنا طالته يد التغيير، وإذا ما أردنا أن نكسب عقول وقلوب شبابنا وفتياتنا فإن علينا أن نقدم لهم خطاباً يتناسب وتفكيرهم، وطبيعة ظروفهم، والتطرق إلى مشاكلهم التي يعانون منها.


س6/ كثرة المواضيع والتوعية الدينية التي يلقيها الخطيب الحسيني على مستمعيه ... من وجهة نظرك كيف نجعل تلك الخطابة مؤثرة ؟ وما أبرز الصفات التي يلزم توافرها في الخطيب ؟


ج6/ الخطابة تكون مؤثرة إذا كانت تعالج قضايا المجتمع، وتتناسب مع لغة العصر ومتطلباته في الأداء والأسلوب، وعميقة في المحتوى والمضمون بما يتناسب مع ما وصل إليه المجتمع من وعي وإدراك وتفكير.


أما عن أبرزالصفات التي يلزم توافرها في الخطيب فيمكن إجمالها في النقاط التالية:


1- تطابق الأقوال مع الأفعال: فعندما تكون أقوال الخطيب هي أفعاله فهذا يترك أثراً طيباً في نفوس سامعيه، فما يخرج من القلب مكانه القلب.


2- المزج بين النصوص الدينية والواقع المعاش: ونقصد بذلك أن يحاول الخطيب أن يستنبط من النصوص الدينية مايمكن تطبيقه عملياً على ما يعايشه الناس في واقعهم الخارجي.


3- أن يكون موسوعياً: كلما كان الخطيب أكثر اطلاعاً وشمولاً في الحقول المعرفية؛ يمكنه التأثير في مستمعيه بصورة أكبر، وهذا هو سر نجاح الشيخ الوائلي حيث امتاز بالموسوعية في خطاباته المنبرية.


4- إتقان فنون الخطابة: من المهم للخطيب أن يتقن فنون الخطابة من حركات لليد، ومد وخفض للصوت، وتوزيع للنظرات.... إلى ما هنالك من فنون على الخطيب إتقانها.


س7/ لو أجرينا مقارنة بين الخطباء خارج نطاق الحدود الجغرافية والخطباء المحليين ... ما أبرز الاختلافات ؟ وما هو تقييمك لإنتاج الخطيب المحلي؟


ج7/ لاشك أن للبيئة والمكان أثره في تكوين شخصية الخطيب، والمقارنة بحاجة إلى دراسة علمية وميدانية كي يمكن التوصل بدقة إلى أبرز الاختلافات ، ومع ذلك يمكن القول بأن الخطيب المحلي عادة ما يناقش القضايا المجتمعية المحلية في بعدها الاجتماعي والثقافي، باستثناء من لديهم رؤية أوسع لقضايا العالم الإسلامي حيث يكون الطرح بصورة أشمل لقضايا المجتمع الإسلامي.


وقد طرأ على إنتاج الخطيب المحلي الكثير من التطور؛ بل لدينا خطباء مفوهون لايقلون عن نظرائهم من الخطباء في المناطق الأخرى، بل إن بعض الخطباء أصبح يشار إليهم بالبنان كخطباء لهم مكانتهم العلمية والعالمية.

س8/ متى تنزعج من كل من : طالب العلم، الخطيب الحسيني، المثقف؟

 
ج8/ أنزعج من طالب العلم: عندما لا يحترم لباسه وزيه الديني، ويفرق المجتمع تحت عناوين مختلفة.
وأنزعج من الخطيب الحسيني: عندما يقول ما لا يفعل، ويتخذ الخطابة مجرد مهنة للارتزاق.
وأنزعج من المثقف: عندما يكون منعزلاً عن مجتمعه، ومصاباً بالغرور، ويعيش في فضاء ثقافي مثالي بحت.


س9/ إلى ماذا تعوز قلة الإنتاج الفكري لفضلاء المنطقة؟


ج9/ الأسباب متعددة، ولعل من أبرزها: غياب التشجيع، وعدم الشعور بأهمية الإنتاج الفكري، عدم امتلاك موهبة الكتابة، الانشغال بقضايا أخرى كالتدريس – مثلاً- ، قناعة البعض – وهم قلة في زماننا- بأن التأليف غير لائق بالعالم!!


س10/ ما رأيك في تجديد إقامة صلاة الجمعة في المنطقة؟


ج10/ مهم جداً، وأتصور أن لصلاة الجمعة تأثيرات إيجابية كثيرة، وحان الوقت لإقامتها في كل مكان، لكن يبقى للبعض تحفظاته الشرعية للمسألة، بيد أنه توجد الكثير من الآراء حول إقامة صلاة الجمعة في عصر الغيبة الكبرى، وقد أشار بعض العلماء إلى وجود أكثر من أربعة عشر رأياً في المسألة. ومع ذلك فأكثر الفقهاء المعاصرين لا يمانعون في إقامتها.


س11/ هل ترى هناك حاجة لتعدد الحوزات العلمية بالمنطقة؟ وما أبرز ما تجره من إيجابيات وسلبيات؟


ج11/ أظن أن لها فوائد وإيجابيات، ومنها: استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلبة، تغطية كل المناطق بالمدارس العلمية، التنافس الإيجابي بين الحوزات والمدارس. أما السلبيات المتصورة فهو عندما تتحول كل حوزة إلى فئة من الطلبة، ولا تخدم كل الطائفة، مما يحول المجتمع إلى فئات متباغضة ومتباعدة.


ولعل من الأفضل إقامة حوزة رئيسة في كل منطقة، وتتفرع عنها باقي الحوزات، أو إقامة مجلس يضم المسؤولين في كل الحوزات للتنسيق والتعاون.


س 12/ يرى بعض المثقفين أن المرأة مهمشة ولم تصل لمستوى الطموح المطلوب ويظهر ذلك في عدة صور منها : القراءة الحسينية، صلاة الجماعة، الدراسة الحوزوية، التصدي لمشاريع خيرية وإنتاجية خصوصاً مع طلب الانفتاح الواسع للمرأة؟

 
أولاً : كيف تقرأ واقع المجتمع القطيفي للمرأة؟


المرأة في القطيف قطعت شوطاً مهماً نحو القيام بمسؤولياتها الاجتماعية، لكن يبقى دون المستوى المطلوب، وهناك الكثير من الجوانب بحاجة للتفعيل والمشاركة الفعالة فيها من قبل المرأة.


ثانياً : ما أبرز تطلعاتك المستقبلية بخصوص المرأة؟

 


1- أن تكون لها مشاركة أكبر في القضايا التربوية والاجتماعية.
2- أن تساهم بصورة فعالة في الشأن الثقافي والفكري، من خلال إقامة الملتقيات الثقافية النسوية، وتأسيس صالونات أدبية، والتشجيع على طبع نتاج المرأة في مختلف المجالات الثقافية
3- أن تعطى فرصاً أوسع في صنع القرار فيما يخص شؤون المرأة.

ثالثاً : ما أبرز النصائح التي تريد أن تقدمها لها؟


أبرز هذه النصائح هي:


1- الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية والمثل العليا.
2- الالتزام بالحجاب الشرعي والواجبات الشرعية كافة.
3- التأسي بالقدوات الحسنة من النساء، وعدم التأثر بالقدوات المزيفة من الممثلات والمغنيات وأمثالهن.
4- دراسة الثقافة الإسلامية دراسة واعية وعميقة.
5- القيام بدور فاعل في المجتمع، والمساهمة في صناعة الأجيال.


رابعاً : هل ترى هناك تهميشاً كما يتردد في كتابة وأقوال المثقفين؟


نعم أرى ذلك، فقد عانت المرأة في مجتمعنا ولعقود طويلة من التهميش الاجتماعي؛ مما تسبب في انعزالها وانطوائها وابتعادها عن المسرح الاجتماعي؛ وهذا أدى بها إلى أن تكون طاقة مهملة، وعضواً مشلولاً غير قادر على الإبداع والعطاء والعمل، والاكتفاء بخدمة المنزل والأسرة؛ وهو عمل شريف، وتثاب عليه المرأة بالأجر الجزيل؛ ولكن ينبغي أن لا يقتصر دور المرأة على ذلك الدور فقط؛ فالمرأة يجب أن تكون شريكة الرجل في تحمل المسؤولية، والمشاركة في البناء الاجتماعي، والتنمية الشاملة، وإنماء المجتمع الأهلي. وبدون مشاركة المرأة يكون البناء ناقصاً، والتنمية تعاني من ثغرات وعيوب، فالمرأة نصف المجتمع، وبدون تحملها للمسؤولية سيبقى نصف المجتمع من دون بناء أو تطور أو تقدم ملحوظ.


وتهميش المرأة ناتج من الفهم الخاطئ لتعاليم الدين، وفي أحيان أخرى ناتج من عادات وتقاليد وأعراف تكرست بمرور الزمن لتتحول إلى ثوابت اجتماعية غير قابلة للنقض والإبرام. كما أن تقاعس المرأة عن المطالبة بحقوقها، والتكاسل عن القيام بواجباتها قد أدى إلى أن تعيش المرأة في الهامش بلا دور حقيقي، وبلا عمل اجتماعي، وبلا فاعلية أو نشاط أو حركة، وهو ما كرس حالة الجهل والتخلف والفقر في الوسط النسائي.


ومن جهة أخرى، فقد ساهمت وسائل الإعلام الحديثة وخصوصاً مع ظهور البث المباشر عبر الأقمار الصناعية، وتعدد القنوات الفضائية، وتعاظم دور شبكة الإنترنت العالمية إلى تسويق ثقافات غربية وبالذات فيما يتعلق بالمرأة، حيث تعمل هذه الوسائل الإعلامية وبكل ما أوتيت من إمكانات مادية وتقنية إلى تحويل المرأة إلى مجرد وسيلة إعلامية لترويج الأفكار الفاسدة، وتسويق البضائع والسلع! كما أن الوسائل الإعلامية -في الأغلب الأعم- تسعى جاهدة إلى تحويل تفكير المرأة من الإهتمام بالقضايا المهمة إلى القضايا الثانوية، والتركيز على الكماليات والقضايا الهامشية في شخصية المرأة كموديلات الألبسة والحقائب والأحذية، وآخر صرعات الموضة، وصيحات الحلاقة...!


وهذا التغريب الذي يمارس ضد المرأة ومن أجلها أكثر سوءاً وضرراً من حالة التهميش التي كانت تعاني منها المرأة.. وهكذا فإن المرأة في مجتمعنا تعاني إما من حالة التهميش المفروضة عليها، وإما من حالة التغريب التي تُساق إليها سوقاً.


وللخروج من حالة التهميش، ومقاومة وسائل التغريب.. على المرأة المسلمة أن تثق بنفسها، وأن تقوي من إرادتها وعزيمتها، وأن تصر على التمسك بقيمها ودينها، وأن تقوم بواجباتها الشرعية والوطنية، وأن تطالب بحقوقها المشروعة.. وبذلك تستطيع المرأة أن تثبت شخصيتها وإنسانيتها ومكانتها المرموقة التي حفظها لها الإسلام الحنيف.


س13/ نصيحة تريد تقدمها لكل مؤمن؟


ج13/ تقوى الله تعالى في السر والعلن، وتأهيل الذات علمياً وعملياً، والعمل من أجل النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ البقرة201 وقوله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ القصص77

س14/ كثرة التهجم على شخصيات بارزة ... كيف تقرأ ردود الفعل ؟ وما أبرز الحلول المناسبة لعلاجها؟


ج14/ إن أسلوب التهجم وتسقيط الشخصيات والرموز البارزة من أخطر الوسائل التي تهدم البنية الاجتماعية، وهو يعبر عن الضيق بالرأي الآخر، وانعدام أخلاقيات وآداب الاختلاف، وهي ظاهرة تستحق التأمل والتوقف عندها، بيد أن المجتمعات الحية والمتقدمة تحترم رموزها وشخصياتها، من أجل الدفع بها نحو المزيد من العطاء والإنتاج. أما المجتمعات المتخلفة فهي التي تسعى لوأد قياداتها، وتسقيط شخصياتها، وهو الأمر الذي يدفع بها نحو المزيد من الإحباط والتراجع عن العطاء.


ومن أجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة والخاطئة يجب اتباع النقاط التالية:


1- رفض هذه الظاهرة اجتماعياً: إن رفض هذه الظاهرة من قبل أبناء المجتمع سيؤدي إلى تقلصها، أما عندما تجد هذه الظاهرة آذاناً صاغية في المجتمع فستنمو أكثر وأكثر، لذلك على الواعين أن يساهموا في خلق جو من الممانعة تجاه مثل هذه التصرفات الخاطئة.


2- التقدير والاحترام: من المهم للغاية إشاعة أجواء الاحترام والتقدير للشخصيات والرموز الدينية والاجتماعية، وهذا لايعني بالطبع التقديس أو التغاضي عن الأخطاء غير المبررة، وإنما ينبغي معالجة الأخطاء بصورة هادئة، وبعيداً عن التشنجات التي تؤدي إلى خلق عداوات في المجتمع.

3- التواصل بين الشخصيات: إذ أن التزاور والتواصل المستمر بين الشخصيات الدينية والاجتماعية بينها وبين بعضها، وبينها وبين الآخرين يسهم في خلق أجواء من المحبة والمودة، وهو مايقلل من بروز ظاهرة التسقيط والتهجم بين الشخصيات.


س15/ توسع فجوة الخلاف بين المثقفين وطلبة العلوم الدينية ... ما تعليقك على ذلك؟.


ج15/ بصورة عامة نعم توجد هذه الفجوة؛ ولكن تختلف الأسباب ونسبة الصراع من مجتمع لآخر.


والأسباب كثيرة ومتنوعة، لعل من أبرزها هو: الصورة النمطية الخاطئة التي ينظر بها كل طرف للآخر، مما أدى لاتساع الفجوة بين الطرفين. وأيضاً اختلاف الرؤية النابع من اختلاف البنية الفكرية والمعرفية لكل طرف، وغياب الحوار الجاد بين الطرفين، وشعور كل طرف أن نجاح الآخر هو فشل له!


ومن أجل تجاوز هذه الإشكالية بين الشريحتين لابد من اتباع مجموعة من الآليات لتجسير الفجوة القائمة وأهم آلية هو الحوار المتواصل بين الطرفين كي يفهم كل طرف الآخر عن قرب. والآلية الثانية أن تكون هناك بعض الأعمال المشتركة في الجانب الثقافي والفكري. والآلية الثالثة هو أن يقوم كل طرف بما يمليه عليه واجبه ومسؤوليته، وأظن أن المثقفين والعلماء يجب أن يكون دورهما مكملاً لبعضهما البعض، وليس متناقضاً. ويكون هذا سهلاً عندما تكون المنطلقات الفكرية تعود لمرجعية معرفية واحدة.


س16/ كيف تقرا الواقع المستقبلي لأهالي المنطقة؟


ج16/ يبدو لي أنه سيكون أكثر إشراقاً، , وأحسن حالا، وأقوى تفاعلاً؛ لكن في النهاية سيعتمد ذلك على قدرة أهل المنطقة للتفاعل الإيجابي مع مايدور حولهم، والاستفادة من الفرص الجديدة، وتجاوز التحديات بصورة عملية.ً


س17/ كيف تقرأ نتائج الانتخابات بالمنطقة؟


ج17/ أتصور أن المشاركة الواسعة لأهالي المنطقة يدل على الرغبة في المشاركة السياسية، والتفاعل الإيجابي مع التغيرات الجديدة، والتوجه نحو المشاركة في صنع القرار.


والانتخابات البلدية في ذاتها خطوة إيجابية لكنها غير كافية، و لاتتلاءم مع التطلعات الكبيرة للمواطنين إلا إذ تبعتها خطوات أخرى، والمشاركة الواسعة تعبر عن الرغبة في المزيد من الخطوات في هذا الاتجاه الصحيح.

س18/ أبرز الصفات التي يلزم توفرها في الباحث؟


ج18/ يمكنني تلخيص أهم الصفات التي يلزم توافرها في الباحث في النقاط التالية:


1- الصفات النفسية: يحتاج الباحث أن يتحلى بصفات نفسية هامة كالصبر الذي يعينه على تحمل مشاق البحث، وكالمثابرة والعزيمة لإكمال البحث، وكالتواضع لمعرفة الحقيقة، وكالثقة بالنفس كي يبدع في بحثه.


2- الصفات العقلية: أن يمتلك الباحث قدرات عقلية مميزة كالقدرة على التفكير الدائم كي ينتج أفكاراً جديدة، والذهنية الوقادة التي تستطيع أن تلاحظ بدقة مسارب الأفكار، والقدرة على ممارسة النقد العلمي عبر إعمال العقل دائماً.


3- الصفات العلمية: لابد أن يمتلك الباحث العديد من الصفات العلمية المهمة كأن يكون من أهل الاختصاص في مجال بحثه، أو لاأقل لديه إلمام جيد بموضوع البحث، وأن يكون أميناً في نقله من المصادر الأخرى، وأن يكون جرئياً في نشر مايتوصل إليه من آراء أو نظريات.


4- الصفات الفنية: وأقصد بذلك أن يلم الباحث بأدوات البحث ومنهجيته،وأن بستخدم حسن الترتيب، والايجاز في الألفاظ، والابتعاد عن الألفاظ الغريبة،ووضوح الدلالة، وأن يعرف – ولو إجمالاً- فنون الكتابة وأنواعها وشرائطها.


س19 التشنجات الفكرية بالمنطقة... كيف تقرأ واقعها؟


ج19/ لقد كانت منطقتنا تعاني من ركود فكري لفترات طويلة، كما أن الرأي الواحد هو الذي كان سائداً في الساحة الثقافية، ولكن مع طفرة الإعلام، والإنترنت، وظهور نظريات وآراء متنوعة، وانتقال الأفكار بسهولة ويسر بفضل تقنية الاتصال المتقدمة، أصبحت الساحة مزدحمة بالكثير من الأطروحات الثقافية والفكرية، وهو الأمر الذي لم يتعود عليه مجتمعنا، مما أوجد تشنجات فكرية وثقافية في منطقتنا، وهي أشبه بالصدمة لما كان سائداً من الرأي الواحد، والفكر الواحد، وأتصور أنه بعد فترة زمنية سنتجاوز هذه الإشكالية الطارئة، وسيكون المجتمع أكثر تقبلاً للآراء المختلفة، وسنتعلم من أخطائنا في التعامل مع الآخر المختلف، وسيزداد الوعي مما يزيد من النضج في التفاعل مع كل ماهو جديد في عالم الفكر والثقافة.


س20/تعليقك على : 1- تضخم مصروفات العزاء ( الفواتح)


ج20/ ينبغي الاقتصاد في مثل هذه الأمور، والأفضل صرف الزائد فيما يفيد الميت في قبره من الأعمال الصالحة.


) 2- توجه النذور لصنع الطعام:


الأفضل توجيه النذور لما يخدم منهج أهل البيت كطباعة الكتب التي تتحدث عن سيرتهم، وبمختلف اللغات، إذ يوجد نقص كبير في هذه المجالات، وتأسيس قنوات فضائية للتعريف بالإسلام الأصيل وما أشبه.


. 3- العنوسة


هذه مشكلة تتفاقم في مجتمعنا، ويمكن حلها عن طريق تسهيل أمور الزواج، وتشجيع التعدد للقادرين على ذلك. وأتصور أننا بحاجة ماسة لإيجاد قنوات للتوفيق بين رأسين بالحلال.


. 4- مصارف الحقوق الشرعية بالمنطقة.


بحاجة إلى إدارة أكثر تنظيماً، وملاحظة الأولويات، ومع ذلك فالجزء الأكبر منها يصرف على شؤون طلبة العلم والحوزات العلمية، والمشاريع التي تخدم المجتمع.


5- قيادة المرأة للسيارة بالمنطقة?


من الناحية الشرعية لايوجد مانع إذا كانت المرأة ملتزمة بالحجاب الشرعي، ومراعاة الحشمة والأدب.

أما من الناحية الاجتماعية فنجد أن الكثير من العوائل تضطر لاستقدام سائق أجنبي لكي يخدم عائلته، ومن الواضح أن قيادة المرأة للسيارة سيكون أقل ضرراً من أن يقوم سائق أجنبي بهذه المهمة.

 
وقيادة المرأة للسيارة وإن كان فيه بعض السلبيات إلا أن فيه إيجابيات أيضاً، وكل شيء في الحياة قابل للاستفادة منه سلباً أو إيجاباً بحسب مايريده من يتعامل مع ذلك الشيء. وقد يحدث السماح للمرأة بقيادة السيارة في بداية الأمر بعض الآثار السلبية إلا أن ذلك سيتلاشى مع الزمن، ويبقى أن ضرر السائق الأجنبي أكثر من قيادة المرأة السيارة بنفسها.


6- مشاركة الإعلاميات في القنوات الفضائية?


المشاركة مع الالتزام بالحجاب الشرعي، وعدم وجود ما يستلزم الوقوع في الحرام جائز شرعاً، ومن ناحية التشخيص الخارجي لهذا الأمر فيعتمد على مايمكن لمثل هذه المشاركة أن يحدثه من تأثير إيجابي أو سلبي في مسيرة المجتمع، فالمرأة الواعية الملتزمة ستترك تأثيراً إيجابياً ومهماً على المرأة، خصوصاً وأنه يوجد نقص واضح في دور المرأة الملتزمة إعلامياًُ؛ في حين أن القنوات الفضائية تتسابق على تقديم المرأة غير الملتزمة، وريما شبه العارية للمجتمع، وهذا الأمر يجب أن يدفع المؤمنات الملتزمات إلى تقديم رؤية أخرى للمرأة من خلال القنوات الفضائية وغيرها التي أصبحت مؤثرة جداً في المجتمع كله.


س21/ كلمة أخيرة؟


ج21/ أتقدم بوافر الشكر وبالغ الامتنان للأخ الفاضل الأستاذ/ سلمان بن حسين الحجي (دام عزه) على جهوده المشكورة والطيبة للتعريف بآراء وأفكار مجموعة من أهل العلم ووجهاء المجتمع، متمنياً له دوام التوفيق والنجاح، وآملاً له المزيد من العطاء الفكري، والإنتاج الثقافي.

1/4/1429
اضف هذا الموضوع الى: