مقومات تزكية النفس
الشيخ عبدالله اليوسف - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
ترشدنا الكثير من الآيات الشريفة إلى أهمية تزكية النفس حتى تستجيب لأوامر العقل، وإلا إن لم تزكَ النفس فستستجيب لدعوات الهوى ، وستتحول عندئذ نفس الشاب إلى نفس أمارة بالسوء، يقول تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ (1) . والشيطان دائماً يأمر الإنسان بالسوء والفحشاء، يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (2) وعندما يطيع الشباب الشيطان فإنه سيتحول إلى عبد من عبيد الشهوات، يقول تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (3) ، والغي هو العذاب الأليم في جهنم!
والإنسان له قابليتان: قابلية التزكية والصلاح وقابلية الفساد والانحراف، يقول تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(4) ، ومن ثم، فهو المسؤول عن اختياره، فالله بيّن لنا الطريقين، طريق الخير وطريق الشر كما في قوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (5) أي نجد الخير ونجد الشر، وعليك اختيار أحدهما، وتحمل مسؤولية اختيارك في الآخرة.
وتزكية الشباب لأنفسهم من أهم الأساليب الوقائية التي تحميهم من الانحراف، أو الانجراف وراء فساد الثقافة المادية المنحرفة، أو الوقوع ضحية في مستنقع الفساد والرذيلة.
والشباب الذين يواجهون في هذا العصر مغريات وإغراءات الفساد والإفساد، وحيث طريق الانحراف سهل ويسير ومتاح لكل شاب، عليهم تزكية أنفسهم بالأعمال الصالحة، والتحلي بالفضائل الأخلاقية، وقلع الرذائل والموبقات من أنفسهم حتى يتمكنوا من مواجهة ضغوط الشهوات وإدمان الانحراف.
فالتحلي بالأخلاق من أهم مقومات التزكية، وأجمع أية أخلاقية قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (6) فقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال: لا آية في القرآن أجمع في المسائل الأخلاقية من هذه الآية))(7) .
قال بعض الحكماء في تفسير هذا الحديث: إن أصول الفضائل الأخلاقية وفقاً لأصول القوى الإنسانية ((العقل) و ((الغضب)) و ((الشهوة)) تتلخص في ثلاثة أقسام:
1- الفضائل الأخلاقية: وتدعى بالحكمة، وتتلخص بقوله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ .
2- والفضائل النفسية في مواجهة الطغيان والشهوة، وتدعى بالعفة، وتتلخص بـ ((خذ العفو)).
3- والتسلط على النفس إزاء القوة الغضبية، وتدعى بالشجاعة، وتتلخص في قوله تعالى: ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (8).
والتربية الروحية من مقومات التزكية أيضاً، ونعني بها: تنمية القيم والمثل الروحية، وتغذية النفس بالمعنويات والروحانيات، وتعد العبادات من صلاة وصوم وحج ... وسائل مهمة في البناء الروحي، كما أن لتلاوة القرآن الكريم، والمداومة على الأدعية المأثورة، والإتيان بالمستحبات والمندوبات، وترك المكروهات فضلاً عن المحرمات الأثر الكبير في بناء الروح وتغذيتها.
وتعد تنمية الإرادة، والشجاعة النفسية في مواجهة طغيان الغرائز، وثوران الشهوات... مقوم مهم من مقومات تزكية النفس، وبذلك يتمكن الشباب من النجاح والفلاح في مواجهة الثقافة المادية وفلسفتها المبنية على كل ما هو مادي ومحسوس، ورفض كل ما هو قيمي ومثلي، فالشباب المؤمن والصادق هو من ينتصر في النهاية في معركة الخير والشر، بانتصار الخير والحق على الشر والفساد، يقول تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9). فإذا أردت أن تكون من الفالحين في الآخرة فطهر نفسك من الذنوب والموبقات والمعاصي، وكن دائم المراجعة والمحاسبة والتقويم الذاتي لتزكية نفسك بالفضائل والصفات الحسنة، وبالأعمال الصالحة... فهذا هو طريق النجاح والفلاح.
ــــــــــــ
الهواممش:
1- سورة: يوسف، الآية: 53.
2- سورة: البقرة، الآية: 169.
3 - سورة: مريم، الآية: 59.
4- سورة: الشمس، الآيتان: 7- 8.
5- سوزة البلد، الآية: 10.
6 - سورة: الأعراف، الآية: 199.
7 - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، مؤسسة البعثة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1413هـ - 1992م، ج 5، ص 312.
8- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، مؤسسة البعثة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1413هـ - 1992م، ج 5، ص 312.
9 - سورة: الشمس، الآية: 9.



14/12/1430
اضف هذا الموضوع الى: