ألقى سماحة الشيخ عبد الله أحمد اليوسف مساء يوم الأربعاء ليلة الخميس 9 ربيع الأول 1431 هـ الموافق 24 فبراير 2010م كلمة في الحفل التأبيني الذي أقيم في أربعينية العلامة الشيخ علي المرهون (رحمه الله) بمدينة القطيف، أشاد فيها بالدور المميز الذي قام به العلامة المرهون في الحضور الاجتماعي والفاعلية الثقافية.
وقد استهل سماحة الشيخ عبد الله اليوسف كلمته بالآية الشريفة: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ فبالإيمان والعلم يرتفع الإنسان، وتسمو شخصيته ومكانته عند الله تعالى وعند الناس.
ثم قال سماحته: يتبوأ علماء الدين موقعية متقدمة في المجتمع، وهذه الموقعية تعطيهم القدرة على التأثير الاجتماعي والتغير الثقافي، وعليه يتحمل العلماء مسؤولية كبيرة في التوجيه والإرشاد والتثقيف والتنوير الثقافي والفكري.
وعالم الدين عليه واجب ديني وأخلاقي في إيصال الأحكام والمفاهيم الدينية إلى الناس، ومواجهة الإشكاليات التي تثار حول الثقافة والمعرفة الدينية، وصياغة الثقافة الدينية بلغة معاصرة ومؤثرة.
معتبراً أن العلامة الشيخ علي المرهون كان أنموذجاً للحضور الاجتماعي والفاعلية الثقافية والعلمية، فعلى الصعيد الاجتماعي يمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
1- المبادرة في فعل الخير:
المبادرة في فعل الخير من الصفات الحميدة التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان؛ وخصوصاً عالم الدين، لأن عالم الدين له دور كبير في التأثير الاجتماعي، وقد كان للعلامة الشيخ علي المرهون الكثير من المبادرات الاجتماعية والخيرية منها: تأسيس الصندوق الخيري بالقطيف عام 1383هـ، والذي كان النواة لتأسيس جمعية القطيف الخيرية، وكذلك مبادراته في تأسيس وإنشاء بعض الحسينيات والمساجد في المنطقة..
2- المشاركة الاجتماعية:
تميز العلامة الشيخ علي المرهون بمشاركته للناس في أفراحهم وأتراحهم، وفي آمالهم وآلامهم، بل كان في كل مناسبة اجتماعية السبًّاق في الحضور والمشاركة الاجتماعية، مما جعله يًسكن القلوب، ويسيطر عليها، ولن ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم.
3- قضاء حوائج الناس:
عالم الدين بما له من موقعية كبيرة ومحترمة يستطيع أن يحل الكثير من قضايا الناس، سواء من خلال المساعدة المالية أو التوسط لحل النزاعات بين الناس وإصلاح ذات البين، أو من خلال تزويج العزاب ... وهكذا كان العلامة الشيخ المرهون يفعل (رحمه الله) مما جعله أباً للفقراء والمساكين والمحتاجين.
ثم أشار سماحة الشيخ عبد الله أحمد اليوسف في خطابه الذي ألقاه أمام حشد كبير من المشاركين في أربعينية العلامة الشيخ علي المرهون بساحة رجل السماحة إلى دوره الثقافي والأدبي وذكر ثلاث نقاط أيضاً وهي:
1- التأليف والكتابة:
أدرك العلامة الشيخ علي المرهون (رحمه الله) دور الكتابة والتأليف في نشر المعارف الإسلامية، وإيصال الثقافة الإسلامية إلى الناس، فأخذ يكتب ويصنف منذ بداية شبابه، فألف أكثر من خمسة وعشرين مؤلفاً، وقد لبت تلك المؤلفات حاجة المجتمع في وقتها إليها، ومن أبرزها كتابه القيم (شعراء القطيف من الماضيين والمعاصرين) في مجلدين، ويعتبر هذا الكتاب من أهم مؤلفاته التي ذكر فيها مجموعة من الشعراء وأرخ سيرتهم وشعرهم، ولولاه لما عُرف الكثير منهم، ولا ندرس شعرهم وذكرهم.
2- تشجيع الآخرين على التأليف:
عندما يصدر التشجيع من شخصية مرموقة فإن لذلك أكبر الأثر في نفوس الآخرين، فقد كان العلامة المرهون بما يمتلكه من مكانة في القلوب يقوم بدور التشجيع والتحفيز للآخرين للتأليف والكتابة، كما نلحظ ذلك أيضاً في تقريظاته للكتب التي قرضها بقلمه، إذ نلمس فيها الكثير من الثناء العاطر على المؤلف والكاتب والكتاب.
3- الطباعة والنشر:
لم يكتفٍ العلامة المرهون بدور التشجيع، بل أضاف لذلك قيامه بتبني بعض المشاريع الكتابية التي لم تحظ بالطباعة والنشر، فتصدى لنشرها وطبعها ككتاب (الدمعة القطيفية) للشيخ علي المحسن، وديوان الشيخ عبد الله المعتوق، وديوان الحاج حسين الشبيب، و(يوم الأربعين) للشيخ عبد الحي المرهون، و(بشرى المذنبين وإنذار الصديقين) للشيخ ناصر الجارودي، و(الروضة الحسينية) لوالده...وغيرها من المؤلفات التي تصدى لطبعها ونشرها.
وهكذا قام الشيخ المرهون بدور مهم في نشر الثقافة والمعرفة والعلم، وهو قدوة لنا في أهمية الحضور الاجتماعي، والنشاط الثقافي والمعرفي.
وأشار الشيخ اليوسف في ختام كلمته إلى أهمية إبراز الوجه المشرق لمنطقتنا، هذه المنطقة التي تميزت طوال التاريخ بالاهتمام بالعلم والمعرفة والثقافة والأدب، فقد بلغت إصدارات العام الماضي (14130هـ - 2009م) 247 إصداراً ومؤلفاً في منطقة القطيف بحسب رصد وتوثيق الباحث السيد عباس الشبركة، وهو ما يدل على العطاء العلمي والثقافي لهذه المنطقة المعطاءة.
داعياً سماحته إلى أهمية ترجمة أفضل ما يصدر عن منطقة القطيف باللغات الحية العالمية، للانتقال من المحلية إلى العالمية لتعريف العالم بالوجه الحضاري المشرق للقطيف.
مؤكداً في نهاية كلمته على أهمية المبادرات في تحقيق ذلك، وداعياً إلى إصدار كل مؤلفات الشيخ علي المرهون في موسوعة واحدة لأن ذلك سيضفي عليها المزيد من الأهمية والاهتمام، وهو أقل ما يمكن أن نقوم به لحفظ تراث الشيخ علي المرهون وآثاره.