الشيخ اليوسف: يشيد بالثورة التونسية ويدين التفجيرات الإرهابية بالعراق
محرر الموقع - 21 / 1 / 2011م - 1:21 م

        أشاد سماحة الشيخ الدكتور/ عبدالله أحمد اليوسف بالثورة التونسية السلمية في مواجهة الظلم والطغيان، متوقعاً أن يكون لها ارتدادات جماهيرية في المجتمعات المحيطة بها، والتي تعاني من نفس الأسباب التي دعت الجماهير في تونس للانتفاضة الشعبية العارمة، فالثورات الجماهيرية عادة لا يبقى تأثيرها منحصراً في دائرتها وإنما يمتد إلى محيطها كما حدث عندما اندلعت الثورة الفرنسية حيث امتد أثرها إلى كل دول أوروبا، وكما حدث بعد الثورة الإسلامية في إيران حيث كان لها تداعيات كبيرة على محيطها.

        وتحدث سماحة الشيخ اليوسف في كلمته ليوم الجمعة 16 صفر 1432هـ الموافق 21 يناير 2011م أمام المصلين؛ عن عاقبة الظالمين والظلمة حيث بدأ حديثه بقوله تعالى: ﴿  وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ حيث حذَّر القرآن الكريم من ممارسة الظلم، وتوعد الظالمين بالنهاية المأساوية في الدنيا، وبالعذاب الأليم في الآخرة. فالظلم من أقبح الأمور، وأعظم المعاصي، ومما يدل على خطورته وقبحه أنه قد تكررت كلمة الظلم ومشتقاتها 154 مرة في القرآن الكريم مما يشير إلى النهي الشديد من ممارسة الظلم، والتحذير من اقترافه، متوعداً ممارسي الظلم بقوله تعالى: ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ .

         كما حذر الرسول الأعظم من الظلم بقوله : (( اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة ))، وقال الإمام علي : (( الظلم في الدنيا بوار، وفي الآخرة دمار )).

         واستعرض سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف الأحداث التاريخية التي تؤكد على حتمية سقوط الظالم وإن تأخر ذلك؛ ففرعون الذي طغى وتكبر انتهى بإغراقه في البحر، والحجاج الذي أسرف في القتل والتنكيل كانت نهايته مأساوية، وفي العصر الحديث رأينا كيف كانت نهاية شاه إيران، والمصير الأسود الذي انتهى إليه الطاغية صدام حسين الذي أهلك الحرث والنسل، وأخيراً زين العابدين بن علي الذي فَرَّ من بلاده أمام غضب الجماهير وانتفاضتهم. وهو الأمر الذي يجب أن يدعو جميع الظالمين إلى استخلاص العبر مما حدث في تونس والذي قال شاعرها أبو القاسم الشابي:


                          إذا الشعب يوماً أراد الحياة             فلابد أن يستجيب القدر

          وأضاف سماحة الشيخ اليوسف قائلاً: إن نظام تونس المنهار كان يحكم بغير ما أنزل الله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ حيث كان يراقب من يواظب على أداء الصلوات في المساجد، ويمنع المرأة من ارتداء الحجاب الشرعي، ويحظر  زواج الرجل بأكثر من زوجة واحدة، وأباح الفساد في كل شيء، وساعد على أكل أموال الناس بالباطل، فيما يعيش الغالبية من الناس في تونس فقراء، كما كان يمنع الناس من التعبير عن آرائهم الفكرية والاعتقادية والسياسية والثقافية إلى درجة القمع والكبت الشديد الذي لا يتحمله البشر الأحرار... وبعد ذلك من الطبيعي أن تكون نهاية هذا الظالم دكتاتور تونس ما انتهى إليه من ذل وهوان وخسران للسلطة والوجاهة والرئاسة، وهو مصداق لقول الإمام علي : (( من عامل رعيته بالظلم أزال الله ملكه، وعجل بواره وهلاكه )) وقال أيضاً: (( ظلم الظالم يقود إلى الهلاك )) فالظالمون وإن تأخير هلاكهم لكن في النهاية لا بد وأن ينتقم الله منهم في الدنيا قبل الآخرة بهلاكهم ومصيرهم الأسود، والتاريخ خير شاهد على ذلك، وفيه من العبر ما يحتاج إلى المعتبر.

        أما في الآخرة فإن عذاب الظالممين هو العذاب الأليم، فالله تعالى قد أَعَّد لهم عذاباً أليماً كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً وهذا العذاب الأليم دائم في جهنم كما في قوله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ .

         ودعا سماحته الحكام في مختلف البلاد الإسلامية إلى إعطاء الشعوب حقوقهم المشروعة، والحكم بالعدل والقسط ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وإفساح المجال للحريات العامة واحترام حقوق الإنسان، والتوزيع العادل للثروات، والابتعاد عن الظلم حتى يسود الأمن والأمان والاستقرار والازدهار بلاد المسلمين.

           وفي نهاية كلمته أدان سماحة الشيخ اليوسف ما يتعرض إليه الشعب العراقي بمختلف مذاهبه من عمليات إرهابية إجرامية تستهدف الأبرياء من الناس، وآخرها استهداف زوار الإمام الحسين في كربلاء، وأن هذا يعد من الظلم المبين، وأن الله تعالى سينتقم من هؤلاء الظلمة الذين يمارسون القتل والإرهاب ضد الأبرياء، وأن الدين والأخلاق والإنسانية ترفض استهداف الناس بالقتل بالجملة كما يحدث في العراق وباكستان، وإذا كان من يقتل شخصاً بغير حق  كمن يقتل الناس جميعاً كما في قوله تعالى: ﴿أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً فكيف بمن يمارس القتل المتعمد بالجملة لا لشيء سوى لاختلاف في الهوية والانتماء العقدي والفكري؟ إنه قمة الظلم والطغيان والإجرام. وعاقبته الخلود في نار جهنم كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً .

اضف هذا الموضوع الى: