قال سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف إن القرآن الكريم قد أكّد في غير سورة من سوره الشريفة على حتمية الاختلاف بين أبناء البشر، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ فالمجتمعات البشرية مختلفة في اللغات والأعراق كما ألمح القرآن الكريم لذلك في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ﴾ ويشير القران الكريم إلى التعدد والتنوع في الشعوب والقبائل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ فالهدف من هذا التعدد والاختلاف والتنوع هو التعارف البشري بين مختلف الشعوب والأمم والحضارات، وليس التصادم والتحارب والتضاد.
وأوضح سماحة الشيخ الدكتور اليوسف في خطبة يوم الجمعة 4 جمادى الأولى 1432هـ الموافق 8 ابريل 2011م إلى أهمية احترام التنوع والتعدد المذهبي والديني كأساس لبناء الاجتماع الإنساني، ولتقوية النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية في البلد الواحد.
وأشار سماحته إلى أن الخطاب الطائفي والتجييش المذهبي يشغل الأمة من قضاياها الكبرى؛ فبدلاً من الاهتمام بقضية القدس التي تتعرض يومياً للتهويد الإسرائيلي ينشغل المسلمون ببعضهم البعض، وهذا الانشغال هو نفسيه الذي دفع بالقس الأمريكي المتطرف إلى حرق القرآن الكريم في إحدى الكنائس الأمريكية وأمام الفضائيات العالمية، في حين أن المسلمين منشغلون بالخطاب الطائفي المقيت، مما جعل مسألة حرق القرآن الكريم وكأنها مسألة هامشية وثانوية، بينما كان يجب على كل مسلم الاهتمام بالدفاع عن القرآن الكريم، وإظهار مشاعر الاستنكار ضد هذا العمل الذي ينم عن تعصب وتطرف مقيت.
وأضاف سماحته قائلاً: ومن نتائج الخطاب الطائفي زرع الكراهية بين الناس، فقد كان الشيعة والسنة ولعقود طويلة يعيشون في الخليج متحابين ومتوادين، فالإنسان بطبيعته وفطرته يحب بني جنسه بغض النظر عن دينه وعرقه وفكره، لكن الشحن الطائفي المكثف ساهم في خلق حواجز وهمية بين الطائفتين الكبيرتين في طول العالم الإسلامي وعرضه، وعلينا جميعاً ألا ننساق وراء الخطاب الطائفي مهما كان مصدره وأهدافه، لأنه سلاح ذو حدين، وهو ينعكس سلباً على الجميع، ولا يسلم أحد من شظاياه المتطايرة، داعياً الجميع إلى التحلي بروح المسؤولية، ونبذ الخطاب الطائفي المشحون بالكراهية والبغضاء.
وأشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف إلى أن الخطاب الطائفي يشجع على خلق التشدد والتطرف عند مختلف الأطياف والتيارات الفكرية في المجتمع، بينما خطاب التسامح والمحبة والحوار يشجع على نمو الاعتدال عند مختلف الشرائح والتوجهات الفكرية والدينية.
ونبّه سماحته إلى أن الخطاب الطائفي المتعصب يشعل نار الفتنة في المجتمعات الإسلامية، وأنه من السهل إشعال الفتنة الطائفية في أي مكان لكن من الصعب جداً السيطرة عليها، لذلك من المهم اجتناب كل موقدات ومسببات الحرائق الطائفية.
واستهجن سماحة الشيخ اليوسف الدعوات إلى مقاطعة الشركات والمؤسسات للتي يملكها الشيعة، معتبراً أن هذا التصرف يزيد من الاحتقان الطائفي والمذهبي في المنطقة، وأن مثل هذه الدعوات تزيد من الانقسام بين مكونات المجتمع الواحد، وهو ما يحب أن يرفض من قبل الجميع حفاظاً على الوحدة الوطنية من التصدع والانقسام.
واختتم سماحة الشيخ اليوسف خطبته بالقول: علينا جميعاً نبذ الخطاب الطائفي والتجييش المذهبي، واتباع الخطاب الإسلامي الجامع، الذي يوحد ولا يفرق، ويجمع ولا يمزق، ويجلب المحبة والتسامح بين مكونات المجتمع الواحد.
دائماً مبدع كلام في غاية الروعة والإبداع
بارك الله فيك وجعله الله في ميزان أعمالك
وموفقين ومثابين إن شاءالله ورفع الله من شأنك ومقدارك في الدنيا والآخرة