اعتبر سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف أن الكلمة الطيبة تساهم في بلورة المفاهيم الصحيحة، وتعميق القيم الأخلاقية، وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش والانفتاح. وأن الكلمة الطيبة رسالة ومسؤولية وموقف، وتزداد أهميتها في المنعطفات الكبرى التي تمر بها مسيرة المجتمعات البشرية.
وابتدأ سماحة الشيخ اليوسف خطبته ليوم الجمعة 2 جمادى الآخرة 1432هـ الموافق 6مايو 2011م بمسجد الرسول الأعظم ببلدة الحلة بمحافظة القطيف بقوله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾[1] مبيناً أن هذه الآيات الشريفة توضح أهمية الكلمة الطيبة في بناء المجتمعات، وأن الكلام الطيب يشمل كل كلام طاهر ونظيف، وكل فكر نظيف وطاهر، أما الكلام الخبيث فيشمل كل قول سيىء وبذيء، وكل فكر منحرف.
وقال سماحة الشيخ اليوسف أن التشبيه في هذه الآيات الشريفة إنما هو تصوير رائع وتجسيم جميل للحق والباطل، الإيمان والكفر، الطيب والخبيث، بما يقرب الصورة أكثر إلى عقل الإنسان وتصوره وخياله.
موضحاً سماحته أن الكلمة الطيبة تتحول إلى رسالة مؤثرة في مسيرة بناءالأمة، ومعززة لتماسكها وقوتها، أما الكلمة الخبيثة فهي أشبه بالبالونات المنفوخة التي كلما كبرت سرعان ما تنفتح وتنتهي، والفكر المتطرف هو مثال بارز للكلمة الخبيثة التي نهى عنها القرآن الكريم.
وأشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في خطبته ليوم الجمعة إلى أن للكلمة الطيبة دوراً مهماً في تقوية العلاقات الاجتماعية، ونجاح الحياة الأسرية، وتقوية اللحمة البينية بين أفراد المجتمع الواحد، وزيادة مساحة المحبة والتسامح بين مكونات الوطن الواحد.
معتبراً أن من مصاديق الكلمة الطيبة الدعوة إلى حب الإنسان لأخيه الإنسان الذي كرمه الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [2] واحترام عقائد الآخرين وإن اختلفت معهم، والحوار بالتي هي أحسن، والابتعاد عن التعصب المذموم. أما الكلمة الخبيثة فهي تدمر منظومة النسيج الاجتماعي، وتساهم في اعتلال المفاهيم الإنسانية والأخلاقية.
مبيناً سماحته أن الكلمة الطيبة تنبع من الفطرة الصافية للإنسان، ومن القلب النظيف، أما الكلمة الخبيثة فتصدر من القلب القاسي والنفس الأمارة بالسوء. شارحاً ذلك: بأن الكلمة الطيبة تعبر عن نظافة القلب، وسلامة السلوك والاعتقاد، أما الكلمة الخبيثة فتعبر عن قلب مريض، ومملوء بالأحقاد والضغائن.
وأضاف سماحة الشيخ اليوسف: إن مصدر الإرهاب الثقافي والتطرف الفكري ينبع من قلوب مريضة، وأفكار منحرفة، وكلام خبيث، أما التسامح والوسطية ومحبة الآخرين فهي مصداق للكلمة الطيبة التي تقوم على ركائز الصدق، وضوح الرؤية، والشعور بالمسؤولية.
وفي نهاية حديثه تحدث سماحة الشيخ عبدالله اليوسف عن خصائص ومميزات الكلمة الطيبة والخبيثة والتي لخصها في النقاط التالية:
1- تتميز الكلمة الطيبة بالنمو والانتشار والوصول إلى القلوب، بينما الكلمة الخبيثة لا تلبث أن تنتهي سريعاً.
2- الكلمة الطيبة جذورها عميقة، وفروعها باسقة ومثمرة، بينما الكلمة الخبيثة ليس لها جذور أو أصول أو عروق.
3- إن الكلمة الطيبة تصل آثارها إلى كل مكان، وتتميز بالنظافة والحلاوة في الطعم واللون والشكل، بينما الكلمة الخبيثة محيطها ضيق ومحدود، وطعمها مر كالحنظل.
4- إن الكلمة الطيبة تتجاوز الزمان والمكان، فهي سريعة التأثير، واسعة الأبعاد كالشجرة الطيبة. أما الكلمة الخبيثة فتموت سريعاً، فلا استقرار لها، ولا أصل لها، ولا نمو، ولا ثمار نافعة؛ بل هي كالشجرة الخبيثة.
داعياً سماحته في ختام كلامه الجميع إلى التحلي بصفة الكلمة الطيبة في كل شيء، بأن نعود أنفسنا على الكلام الطيب دائماً، في داخل الأسرة، وفي التعامل مع من حولنا، وفي العلاقة مع أفراد وشرائح المجتمع كافة. وهذا يتطلب منا نظافة اللسان، ونظافة القلب، ونظافة المنطق، ونظافة السلوك، ونظافة الفكر.