تناول سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف الجهود الكبيرة التي بذلها الإمام محمد الباقر - خامس أئمة أهل البيت - في نشر الفقه الإسلامي، وبسط المعارف والعلوم الإسلامية، وتعليم الآلاف من طلاب العلم والمعرفة، والتشجيع على كسب العلم وحيازته، ولذلك فإن الإمام الباقر أسس لنهضة علمية كبرى لا تزال بصماتها واضحة في تاريخ العلوم ومسار النهضة العلمية التي شهدتها البشرية.
وأشار سماحة الشيخ اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 7 ذو الحجة 1432هـ الموافق 4 نوفمبر 2011م بمسجد الرسول الأعظم بالحلة في محافظة القطيف إلى أن الإمام الباقر هو الذي وضع الأساس لجامعة أهل البيت، وكان يتعلم فيها الآلاف من العلماء الذين كانوا يتوافدون عليها للنهل من نمير علوم الإمام الباقر والتتلمذ على يديه، والاستفادة من علمه الغزير في مختلف العلوم الإسلامية. وكانت الجامعة مفتوحة لجميع طلاب العلم والمعرفة من مختلف المذاهب والمشارب والاتجاهات المذهبية، فالإمام الباقر كان يستوعب الجميع من أجل نشر العلم من غير تمييز بين طلاب جامعة أهل اليبت.
وأضاف سماحته قائلاً: إن الإمام الباقر كان يشجع كثيراً أصحابه ومن حوله على طلب العلم؛ فقد ورد عنه قوله: ((العلم منار الجنة)) وقوله : ((تذاكر العلم دراسة، والدراسة صلاة حسنة)) فمذاكرة العلم وتباحثه يساعد على فتح آفاق جديدة في حقول العلم والمعرفة. كما أن العالم الذي ينتفع بعلمه يفيد المجتمع والأمة، ولذلك قال الإمام الباقر : ((عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد)) لأن العابد أجر عبادته له أما العالم العامل فإنه ينفع الناس كلهم.
وحذر سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف من التجرؤ على الفتيا بغير علم، أو المسارعة لإصدار فتاوى طبقاً للاستحسان الذوقي بعداً عن التخصص العلمي، إذ قال الإمام الباقر : (( من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه)) فالعالم الحقيقي عندما يسأل عن مسألة لا يعلمها يقول: (لله أعلم) أما الجاهل أو المعجب بنفسه فإنه يفتي الناس ومن غير علم في كل شيء!!
وفي ختام خطبته دعا سماحة الشيخ اليوسف الشباب إلى الاهتمام بكسب العلوم والمعارف المختلفة، والالتحاق بالتخصصات العلمية الراقية، والصبر في طريق التعلم، والتواضع من أجل كسب العلم والمعرفة، لأن من يتواضع للعلم يفوز بناصيته، يقول تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾، ومن يتكبر على التعلم أو طلب العلم يبقى من دون رصيد علمي، مشدداً سماحته على أن كسب العلوم يجب أن تكون عملية متواصلة وليس حصراً على مرحلة عمرية معينة، وكما ورد في الأثر المعروف (( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد)).