أكد سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف على أهمية التحلي بالحكمة والتعقل في معالجة جميع المشاكل الموجودة في المجتمع، وأن المنهج السليم لمعالجة الإشكاليات هو معرفة الأسباب والعلل المنتجة للمشكلات، أما الوقوف عند النتائج دون معالجة الأسباب فهو بدل على رؤية سطحية ولا يمكن أن تقدم علاجاَ حقيقياً لأي مشكلة.
وابتدأ سماحة الشيخ اليوسف خطبته ليوم الجمعة غرة شهر ربيع الثاني 1433هـ الموافق 24 فبراير 2012م بالآية الكريمة: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾ حيث تشير هذه الآية الشريفة إلى أهمية الحكمة، وأن آثارها الخير الكثير ﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ وهذا الخير الكثير ينعكس على مسيرة المجتمع واستقراره.
وأوضح سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف إلى أنه أمام وجود المشكلات التي لا يخلو منها أي مجتمع إنساني هناك ثلاثة خيارات في التعامل معها:
الخيار الأول: تجاهل المشكلات، وعدم الاعتراف بوجودها، وهذا يشبه الإنسان المريض الذي يعاني من مرض معين كالسكري أو ضغط الدم أو أمراض القلب لكنه يكابر ولا يعترف بوجود مرض عنده، مما يؤدي إلى تفاقم المرض، وفي نهاية الأمر يقضي عليه. كذلك القول بأن مجتمعنا ليس فيه أي مشاكل، وتصويره وكأنه مجتمع ملائكي مختلف عن كل المجتمعات الأخرى، وكل شيء فيه تمام، يؤدي إلى تفاقم المشاكل، وتعقيد إمكانية الحل بعد ذلك.
والخيار الثاني: التأخر في إيجاد الحلول للمشاكل، والمماطلة في إيجاد المعالجات السريعة، وهذا يؤدي أيضاً إلى تراكم المشاكل وتفاقمها، وصعوبة التوصل إلى معالجات فعالة بعد ذلك.
والخيار الثالث والصائب: معالجة المشاكل المختلفة بسرعة، وحكمة وتعقل، وضرورة الاطلاع على الأسباب المؤدية لوجود تلك المشاكل، ثم العمل بسرعة على إيجاد معالجات واقعية لحلها، وهذا هو الخيار الصحيح والسليم.
وبيّن سماحة الشيخ اليوسف أهمية التجلي بالحكمة والتعقل للجميع، وأن كل شخص، ومهما كان طبيعة عمله وموقعيته يحتاج إلى الحكمة، لكن أصحاب القرار في أي موقع أكثر الناس حاجة لممارسة الحكمة في عملهم.
وحذر سماحته من الانسياق وراء أفكار خاطئة بدون التأمل في صحة تلك الأفكار أو سقمها، مبيناً أن الحكيم هو من يفكر ويتأمل في كل فكرة قبل التسرع في تبنيها، أوالترويج لها من دون وعي وبصيرة.
وأشار سماحة الشيخ اليوسف إلى موانع الحكمة والتي لخصها في: ارتكاب المعاصي والذنوب، والعوامل النفسية السلبية، وعدم التفكير في النتائج والعواقب، والنظرة إلى الأمور بسطحية متناهية، والتعامل بفوقية واستعلاء.
وأضاف سماحته قائلاً: إن في عالم اليوم من التصرفات الحمقاء ما تزيد الأمور سوءاً، والمشاكل تفاقماً، وآخرها ما قام به بعض من القوات الأمريكية في أفغانستان بحرق القرآن الكريم في بلد مسلم، وهو أقدس المقدسات عند المسلمين؛ مما أثار حفيظة المسلمين وغضبهم في كل مكان احتجاجاً على هذا التصرف الأحمق، والبعيد كل البعد عن الحكمة والتعقل؛ مديناً سماحته هذا التصرف المسيىء لمشاعر المسلمين بأشد عبارات الإدانة والاستنكار.
وختم سماحة الشيخ عبدالله اليوسف خطبته بالقول: يجب معالجة الأمور والمشاكل بالرفق واللين كما كان يفعل الرسول الأعظم حتى مع الأعداء والخصوم، كما أشارت لذلك السيرة النبوية العطرة. وهو القائل : (( إن الرفق رأس الحكمة)) فبالرفق واللين والتعامل بالحكمة يمكن حل المشاكل، والتوصل إلى نتائج إيجابية ومثمرة.