سماحة الشيخ د عبدالله اليوسف أثناء إلقاء خطبة عيد الفطر 1433هـ
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في الخطبة الأولى لصلاة عيد الفطر المبارك في مسجد الرسول الأعظم بالحلة غرة شوال 1433هـ الموافق 20 أغسطس 2012م عن أهمية المحافظة على الرصيد الروحي والمعنوي الذي اكتسبه الصائم طوال شهر رمضان المبارك، لأن تبديده خسارة كبيرة يؤثر على المستوى الإيماني الذي وصل إليه من خلال التزود في شهر رمضان الفضيل من المنابع الروحية والمعنوية.
وأضاف سماحته قائلاً: إن التحدي الأكبر أمام المؤمنين بعد شهر رمضان المبارك هو المحافظة على المكتسبات الإيمانية، والعمل على زيادة المنسوب الروحي والمعنوي عند الإنسان. من خلال المداومة على تلاوة القرآن الكريم، وحضور صلاة الجماعة، وقراءة الأدعية المأثورة، والتواجد في مجالس الذكر والدعاء، وعدم الانقطاع عن الأجواء الإيمانية حتى نكون من الذاكرين، وليس من الغافلين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
وأوضح سماحة الشيخ اليوسف أن الأعمال العبادية والمستحبة تزيد من نورانية القلب وهو الأمر الذي ينعكس على نورانية الوجه، فالمؤمن له نور، أما الكافر والفاسق و الشقي فلا نور في وجهه لأنه لا نور في قلبه.
ومن الأعمال الصالحة التي تزيد في المنسوب الروحي عند الإنسان وتزيد من نورانية قلبه تلاوة القرآن الكريم فعن الرسول أنه قال: (( عليكم بتلاوة القرآن وذكر الله كثيراً، فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض )). ومن الأعمال الصالحة التي تزيد من نورانية القلب المحافظة على الصلوات، يقول الرسول الأكرم : ((الصلاة نور )) كما أن الإكثار من الصلاة على النبي وآله تزيد من نور المؤمن فعنه أيضاً قال: ((أكثروا الصلاة علي، فإن الصلاة علي نور في القبر، ونور على الصراط، ونور في الجنة )) كما أن ذكر الله عز وجل يزيد من النور عند المؤمن، يقول الإمام علي : ((عليكم بذكر الله فإنه نور القلوب)) فلنجعل قلوبنا نورانية بإتيان هذه الأعمال الصالحة وغيرها، ولنجتنب الأعمال السيئة لأنها تجعل القلب مظلماً لا نور فيه، وهو الأمر الذي ينعكس على الوجه، فلا ترى فيه أي نور.
وتطرق سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في الخطبة الثانية إلى ضرورة التسامح والمحبة بين مختلف المكونات والشرائح الاجتماعية، داعياً إلى التخلص من الأغلال والأحقاد والضغائن التي تؤدي إلى ضعف المجتمع وتأخره.
واستدل سماحته بالآية الشريفة: ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ فلنملأ قلوبنا بالتسامح والصفح والعفو والمحبة تجاه بعضنا البعض تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾وقوله تعالى: ﴿وََلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
وأضاف سماحته قائلاً: إن طبيعة الإنسان أنه يصيب ويخطئ، والخطأ يمكن أن يقع من الجميع، وفي كل شيء: في العلاقات الاجتماعية، وفي أماكن العمل والوظيفة، في الحياة الزوجية، بين الأصدقاء، بين الجيران، بين التوجهات المختلفة... والمهم أن نفعل مبدأ التسامح والعفو والصفح تجاه أخطاء بعضنا البعض، ولا نحمل في قلوبنا غلاً، ولا حقداً، ولا حسداً، ولا مكراً، ولا نقوم بأذية أي مخلوق محترم... فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالعفو والصفح، يقول تعالى : ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ويقول تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ والعافي أقرب إلى التقوى، يقول تعالى: ﴿ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
وختم سماحة الشيخ اليوسف خطبته بالقول: إن تعاليم الإسلام ووصاياه تأمرنا بأن نجعل يوم العيد يوماً للتراحم والتزاور، ويوماً للتسامح والمحبة والعفو، ويوماً للتوافق الاجتماعي، وإعادة العلاقات الفاترة بيننا، وتجاوز حالة التقاطع والقطيعة والهجران، وحالة الشقاق والخلاف... لنجعل يوم العيد بداية صفحة جديدة في بناء النسيج الاجتماعي، والتلاقي الأخوي، والتسامح الإنساني.