الشيخ د عبدالله اليوسف يلقي كلمته في عيدالغدير بجامع الرسول الأعظم بصفوى
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في جامع الرسول الأعظم بصفوى ليلة الجمعة 17/12/1433هـ الموافق 1/11/2012م عن مفهومي الأسبقية والأولية وأهميتهما في الرؤية الإسلامية، وانطباقهما على أمير المؤمنين مستدلاً على المفهوم الأول بقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾إذ تشير هذه الآية الكريمة أن للسبق في الإسلام مكانة وقيمة ومنزلة عظيمة، كما نجد في القرآن الكريم إشارة إلى أفضلية من آمنوا وأسلموا قبل فتح مكة وجاهدوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله تعالى، من الذين آمنوا وجاهدوا بعد الفتح كما في قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾، فكيف بالذين آمنوا وأسلموا قبل الهجرة وفي الأيام الأولى لظهور الإسلام، كالإمام علي .
مضيفاً سماحته إن معظم كتب التاريخ والحديث تشير إلى أسبقية الإمام علي للإسلام، فمن مفاخر الإمام علي هو سبقه في الإسلام، وإيمانه بنبوة محمد منذ اليوم الأول لنزول الوحي على رسول الله والصلاة خلفه والوقوف معه في السراء والضراء.
واستدل سماحة الشيخ اليوسف بالمفهوم الثاني الذي هو مفهوم الأولية بما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ حيث يأتي الإمام علي في طليعة من آمن بالرسول الأكرم ، فعندما نتصفح سيرة الإمام علي سنجد أنه كان الأول في كل شيء، فهو أول من أسلم، وأول من صلى مع النبي ، وأول إمام في الإسلام، وأول من لقب بأمير المؤمنين، وأول من جمع القرآن وأسس علومه، وأول تلميذ للنبي ، وأول من بايع النبي وأعلن مناصرته، وأول كتّاب الوحي ، وأول من عقدت له الولاية على المسلمين، وأول من فدى النبي بنفسه، وأول مجاهد في سبيل الله، وأول من حمل راية الإسلام أمام رسول الله ، وأول من بلغ عن رسول الله ، وأول قاض في الإسلام، وأول مسلم لم يؤمر النبي عليه أحداً، وأول خليفة هاشمي، وأول من وضع دستوراً كاملاً للدولة الإسلامية، وأول من صنف الكتب في الإسلام، وأول من وضع علم النحو، وأول من أسس علم الكلام في الإسلام، وأول من ولد في مسجد وقتل في مسجد....والقائمة تطول وتطول! لذلك كان الإمام علي شخصية فريدة واستثنائية في تاريخ الإسلام بشهادة كل المنصفين من المؤرخين والكتّاب والمفكرين.
معتبراً أنه لذلك وغيره من الأسباب اختير الإمام علي ليكون الوصي والخليفة من بعد رسول الله بأمر من الله تعالى، كما في محكم كتابه العزيز ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ ولأنه كان يمتلك مؤهلات القيادة والإمامة، وتتوافر فيه صفات الإمام المفترض الطاعة، والتي أبرزها: العصمة، والعلم، والكمال...أوضح الرسول الكريم الوصي من بعده في واقعة الغدير المشهورة.
وبيّن سماحة الشيخ د. عبدالله اليوسف إننا إذ نستذكر صفات وأوليات الإمام علي ، وأسبقيته في كل شيء، علينا أن نقتدي بسيرته المباركة، فنكون من الأوائل في كل شيء، فعلى الطالب أن يكون الأول في دراسته ومتفوقاً على أقرانه، والموظف يكون الأول في إتقانه وإخلاصه للعمل، والتاجر يكون الأول في بناء المؤسسات المفيدة لتقدم المجتمع، وعالم الدين الأول في الأخلاق والسلوك، والشاب الأول في التدين والالتزام...وقس على ذلك بقية الأمثلة.
وأضاف سماحته قائلاً: كما ينبغي للإفراد أن يكونوا من الأوائل والسباقين في كل شيء، كذلك المجتمع، فبعض المجتمعات تكون سباقة إلى فعل الخير، وبناء المؤسسات والمشاريع المختلفة، وبعضها تأتي في المؤخرة. وعلينا أن نجعل مجتمعنا من السباقين في فعل الخيرات، وبناء المؤسسات، وتشييد المراكز العلمية والثقافية، من أجل بناء كفاءات علمية وثقافية متقدمة قادرة على إدارة المجتمع والرقي به نحو سلالم الكمال والتقدم والازدهار.