سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة على المصلين (أرشيف)
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 16 صفر 1435هـ الموافق 20 ديسمبر 2013م عن أهمية الاستفادة من كل الفرص المتاحة لتنمية المجتمع وتطويره وازدهاره والرقي به، مؤكداً على أن الفرص لا تأتي دائماً، وأن على الأفراد، وكذلك المجتمع، الاستفادة الإيجابية من كل الفرص الممكنة والمتاحة على مختلف الأصعدة والجوانب.
وأضاف سماحته قائلاً: كما يوجد أفراد في المجتمع يغتنمون كل فرصة متاحة لتحقيق النجاح وصناعة التغيير في حياتهم الفردية وتطوير ذواتهم، كذلك توجد بعض المجتمعات الواعية التي تغتنم كل فرصة متاحة واستثمارها في تطوير مجتمعها والنهوض به نحو الأفضل، كما يوجد العكس؛ وهو الذين يضيعون الفرص المتاحة ثم يندبون حظهم العاثر!
وبيّن سماحة الشيخ اليوسف جوانب من استفادة الإمام الرضا للفرص المتاحة في زمانه، واستثمارها في نشر العلوم والمعارف الإسلامية، وبيان فكر وثقافة ومنهج أهل البيت للنخبة المثقفة من العلماء والأدباء والفقهاء، وتبيين معالم مدرسة أهل البيت لخواص الناس وعامتهم.
وأكد سماحته على أنه أتيحت للإمام الرضا بعض الفرص الذهبية التي اغتنمها الإمام في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، ونشر وتدوين أحاديث وروايات الرسول الأعظم الواردة عن طريق الأئمة الأطهار، وبيان الثقافة الإسلامية، وتربية مجموعة من الكوادر العلمية وتأهيلها قيادياً وعلمياً لنشر الإسلام الأصيل في مختلف الأقطار والأمصار.
وأشار سماحة الشيخ عبدالله اليوسف إلى بعض الفرص الذهبية التي أتيحت للإمام الرضا ، واستفاد منها بصورة كبيرة؛ ومنها:
1- استثمار فرصة المناظرات العلمية مع كبار علماء الأديان والمذاهب، فعندما تولى الإمام الرضا ولاية العهد سعى المأمون العباسي لعقد الكثير من المناظرات بين الإمام الرضا وكبار العلماء من مختلف الأديان والمذاهب، وكان هدفه من ذلك هو الحط من قدر الإمام وفضله، وليس إظهار علم الإمام أو فضله أو مكانته المتميزة كما كان يدعي ذلك زوراً! وبالرغم من ذلك، فقد استفاد الإمام الرضا من ذلك أيما استفادة؛ إذ أن ذلك أعطى الإمام الفرصة لنشر عقائد ومفاهيم وأفكار أهل البيت إلى كبار العلماء حتى أسلم البعض منهم وأَثَّرَ ذلك على أتباعهم. وقد احتوت هذه المناظرات على دلالات علمية وعَقَدية وفكرية معمقة، وبقيت هذه المناظرات إلى يومنا هذا مصدر إشعاع لمن يبحث عن الحق والحقيقة، ومن يرغب في التمسك بمنهج أهل البيت في العقائد والمعارف والعلوم الدينية.
2- استفاد الإمام الرضا من انشغال الأمين بالحرب مع أخيه المأمون، والتي استمرت خمس سنوات متواصلة ( 193-198هـ) وتعتبر هذه السنوات الخمس فترة الحرية النسبية للإمام الرضا لممارسة أنشطته الدينية والثقافية والعلمية، كما استثمرها الإمام في تبيين مبادىء الإسلام وآدابه ومفاهيمه، ونشرها بين الناس، فقد تمتع الإمام بحرية نسبية في ظل حكم الأمين لانشغاله بالصراع الداخلي في البيت العباسي، ولذلك لم نرَ في كتب التاريخ أي إشارة إلى قيام الأمين بالإساءة للإمام الرضا أو محاولة اغتياله أثناء فترة حكمه.
3- استثمار الإمام الرضا فرصة تعيينه لولاية العهد، حيث أنه أوضح منهج مدرسة أهل البيت في العقائد والأحكام والمفاهيم للنخبة المثقفة والطبقة السياسية الحاكمة، ونشر فضائل أهل البيت ومناقبهم بين الوزراء والخواص ورجال الدولة وقادة الجيش وكبار الشعراء والأدباء والعلماء، وما كان للإمام أن يصل لهذه النخبة ويخاطبهم ويؤثر فيهم لولا هذه الفرصة السانحة، وبالرغم من أنه قبل ولاية العهد تحت التهديد والإكراه؛ إلا أن هذا لا ينفي أنه استفاد من هذا المنصب المهم جداً، إذ لا تعارض بين إكراهية القبول، والاستفادة منه؛ إذ لا تلازم بين الأمرين.
وختم سماحته خطبته بالتشديد على ضرورة أن نتعلم من الإمام الرضا الاستفادة من كل الفرص المتاحة والممكنة، وعدم تضييعها، فإن (( إضاعة الفرصة غصة )) كما ورد عن الإمام علي ، لذلك علينا اغتنام فرص الخير، والمبادرة إلى استثمارها، وعدم إضاعة الوقت أو التسويف أو المماطلة، بل يجب التحلي بالتسابق في فعل الخيرات فهي من الصفات الحميدة التي بها نستطيع تحقيق الأهداف النبيلة، فالحياة عبارة عن مجموعة فرص يجب الحرص على اغتنامها وعدم تضييعها تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.