الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء كلمته (أرشيف)
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف في خطبته يوم الجمعة 26 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 28 مارس 2014م عن أهمية معرفة الشروط السائغة في عقد الزواج لإلزام أحد الزوجين أو كل منهما تجاه الآخر بالتزامات إضافية غير ما يجب عليه بمقتضى عقد النكاح وطبيعته، أو للتخلي والتنصل عن أمر مطلوب منه بطبيعة العقد ومقتضاه.
وأضاف سماحته قائلاً: إن بعض المشاكل الزوجية أو التنازع في أمور الحياة الزوجية يمكن تلافيها مستقيلاً إذا ما تم وضع بعض الشروط السائغة والجائزة في عقد الزواج، إذ يجب الوفاء بكل شرط صحيح وجائز، ما دام غير منافٍ لطبيعة العقد، أو للشرع، وقبل به الطرف الآخر، فيجب الوفاء به، لقول الرسول الأكرم : ((المؤمنون عند شرطتهم)) وعن الإمام علي قال: ((من شرط لامرأته شرطاً فليفِ به، فإن المسلمين عند شروطهم)).
وبيّن سماحته أهمية معرفة (ثقافة العقود وأحكامه) وخصوصاً عقد الزواج، لما له من تأثير طويل المدى على حياة الطرفين، بل وحياة أطفالهما؛ وأي خلل أو اضطراب في الحياة الزوجية يؤثر نفسياً وسلوكياً عليهم جميعاً.
وأوضح سماحة الشيخ عبد الله اليوسف جهل بعض الفتيات بما يجوز لهن اشتراطه في عقد الزواج، ولا ينتبهن لأهميتها إلا حين حدوث المشاكل الزوجية مستقبلاً، أو وجود تنازعات بينهما، ودعاوى قضائية؛ كان بالإمكان حلها بسهولة لو تم تضمين عقد الزواج بعض الشروط الضرورية.
ولفت سماحته إلى تعسف بعض الأزواج في استخدام الحق، فمثلاً إذا كرهت الزوجة زوجها وأرادت الطلاق، فقد يلجأ بعض الأزواج إلى مطالبة المرأة بأموال كبيرة جداً يفوق قدرتها مقابل أن يطلقها طلاقاً خلعياً، وبالإمكان حل هذا الأمر -الذي يحدث كثيراً في حالة رغبة الزوجة الانفصال عن زوجها - من خلال اشتراط الزوجة أنه في حالة عدم رغبة الزوجة في استمرار حياتها الزوجية وطلبها الانفصال ألا يطلب الزوج أكثر من المهر الذي أعطاه إياها.
وشدد سماحته على أهمية اشتراط الزوجة أن يسمح الزوج لها بالعمل في حالة رغبتها بذلك، وإلا فيحق للزوج منعها من الخروج للعمل. كما أن الحفاظ على الذمة المالية للمرأة وإن كان ثابتاً في الشريعة الإسلامية إلا أنه و لمزيد تأكيد وحفظ حقوقها المالية يحق للمرأة أن تشترط الحفاظ على ذمتها المالية بما يمنع الزوج من التصرف بأموالها من غير رضاها.
ولفت سماحته إلى أن أكثر الفقهاء المعاصرين يجيزون أن تشترط الزوجة على زوجها أن لا يتزوج عليها زوجة أخرى، ويجب عليه الالتزام بهذا الشرط ما دام قد قبل به أثناء العقد، ولو خالف وتزوج فإنه يكون قد ارتكب معصية بمخالفته الشرط ويأثم على ذلك؛ وإن كان زواجه من الثانية صحيحاً.
كما بيّن سماحته جواز أن يشترط الرجل على زوجته أثناء العقد بعض الشروط الجائزة كأن يشترط عليها الخدمة المنزلية، أو خدمة والديه، أو تربية ابنائه من زوجة أخرى، حيث أن هذه الأمور ليست واجبة على الزوجة القيام بها، ولكن يجب عليها القيام بها في حال الاشتراط عليها ذلك من باب الوفاء بالشرط.
وختم سماحته خطبته بالقول: من المهم أن تعرف الفتاة المخطوبة وكذلك الشاب الخاطب، أحكام ونوعية الشروط السائغة التي يجوز اشتراطها في عقد الزواج، وهي كثيرة إذ يجوز وضع أي شرط سائغ وجائز، ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود. وذلك لتلاقي المشاكل الزوجية المتزايدة في هذا العصر، أو لتقليل المنازعات التي تحدث بين الزوجين في حال وجود خلافات زوجية، أو رغبة أحدهما في الانفصال والطلاق عن شريك حياته.