الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة في المسجد
|
شدد سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 11 جمادى الآخرة 1435هـ الموافق 11 أبريل 2014م على حرمة التدليس في الزواج، وضرورة أن تُبنى العلاقة الزوجية بين الطرفين على الوضوح والشفافية والصراحة؛ باعتبار أن الزواج من أرقى العلاقات الإنسانية في الحياة، وحتى تستمر الحياة الزوجية ولا تتعرض لأي اهتزاز أو خلل أو اعتلال بما قد يؤدي إلى الانفصال والطلاق.
وأشار سماحته إلى أنه كما لا يجوز الغش في السلع والأشياء والمواد بمختلف أصنافها وأنواعها، كذلك لا يجوز التدليس والخداع في صفات الزوجة أو الزوج بما يؤدي إلى التغرير والضرر من خلال إخفاء عيب موجود أو ادعاء كمال مفقود.
وأكد سماحته على أن المعاملات بين الناس يجب أن تقوم على الصدق والشفافية والوضوح، وأن الغش والتدليس منهي عنه شرعاً، ويؤثر على صحة المعاملات ونفوذها على تفصيل مذكور في كتب الفقه.
وقد ورد في الكثير من النصوص النهي عن الغش والخداع فقد روي عن رسول الله قوله: ((ليس منا من غش مسلماًً، أو ضره، أو ماكره)) وقال الإمام علي : ((شر الناس من يغش الناس)).
وبين سماحة الشيخ عبد الله اليوسف أن هناك ثلاثة موارد للتدليس توجب خيار الفسخ في عقد الزواج وهي:
1- أن تعتبر صفة الكمال أو صفة عدم النقص شرطاً صريحاً في متن عقد الزواج سواء أكان من قبل المرأة أم من قبل الرجل، كاشتراط البكارة في المرأة، واشتراط السلامة من الأمراض مثلاً، وكاشتراط أن يكون الرجل هاشمياً أو طبيباً او عالماً أو رجل أعمال، فيتبين خلاف ذلك بعد العقد، فيجوز فسخ النكاح حينئذ.
2- أن تؤخذ صفة الكمال أو صفة عدم النقص وصفاً لا شرطاً في العقد.
3- أن تذكر صفة كمال أو صفة عدم نقص حين الاتفاق على الزواج وقبل العقد، بحيث أن العقد يُبنى على ما اتفق عليه.
ففي هذه الموارد الثلاثة إذا تبين عكسه جاز للمخدوع والمدلس عليه خيار فسخ الزواج فوراً، أما لو أمضاه ورضي به سقط حقه في الفسخ، وليس له بعد ذلك المطالبة بالفسخ.
واعتبر سماحته أن أي عملية تدليس وخداع وتمويه في الزواج من أجل تحقيق أرباح مالية أو دنيوية أو غيرها تعد من الأمور المحرمة، كما أن ذلك يؤدي إلى حدوث مشاكل أسرية واجتماعية ما كانت لتحدث لو قام الزواج والتزويج على الوضوح والشفافية، واطلاع كل طرف على المعلومات التي يرغب بمعرفتها شريك حياته منذ البداية.
وختم سماحته خطبته بالقول إن الإسلام يركز دائماً على أن تقوم العلاقات الاجتماعية، وبالخصوص العلاقات الزوجية، على الشفافية والصراحة، بما ينفي الجهل والغرر والضرر، ولذلك أجاز الإسلام للرجل أن ينظر للمرأة المراد خطبتها بما ينفي الجهل والغرر، ومعرفته مسبقاً بكافة صفاتها ومواصفاتها، كما يحق للمرأة أن تطلب كافة التفاصيل عن حياة وسيرة زوجها بما ينفي عنها الوقوع في الجهل والضرر، حتى تستمر الحياة الزوجة، ولا تتعرض لأي اعتلال أو اختلال أو اضطراب، وإلا فإن التدليس والخداع يؤدي غالباً إلى الاضطراب والمشاكل في الحياة الزوجية، وأخيراً إلى الانفصال والطلاق.