تشير معظم كتب التاريخ والحديث إلى أسبقية الإمام علي للإسلام، فمن مفاخره هو سبقه في الإسلام، وإيمانه بنبوة محمد منذ اليوم الأول لنزول الوحي على رسول الله ، والصلاة خلفه، والوقوف معه في السراء والضراء.
ويشير مفهوم الأولية الذي أشار إليه القرآن الكريم إلى فضل السابقين الأولين في الإسلام في قوله تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ حيث يأتي الإمام علي في طليعة من آمن بالرسول الأكرم ، كما كان الأول والأسبق والمبادر إلى كل خير.
فعندما نتصفح سيرة الإمام علي سنجد أنه كان الأول في كل شيء، فهو أول من أسلم، وأول من صلى مع النبي، وأول إمام في الإسلام، وأول من لقب بأمير المؤمنين، وأول من جمع القرآن وأسس علومه، وأول تلميذ للنبي، وأول من بايع النبي وأعلن مناصرته، وأول كتّاب الوحي، وأول من عقدت له الولاية على المسلمين، وأول من فدى النبي بنفسه، وأول مجاهد في سبيل الله، وأول من حمل راية الإسلام أمام رسول الله، وأول من بلغ عن رسول الله ، وأول قاض في الإسلام، وأول مسلم لم يؤمر النبي عليه أحداً، وأول خليفة هاشمي، وأول من وضع دستوراً كاملاً للدولة الإسلامية، وأول من صنف الكتب في الإسلام، وأول من وضع علم النحو، وأول من أسس علم الكلام في الإسلام، وأول من ولد في مسجد واستشهد في مسجد....والقائمة تطول وتطول!
لذلك كان الإمام علي شخصية فريدة واستثنائية في تاريخ الإسلام؛ بل في تاريخ البشرية، بشهادة كل المنصفين من المؤرخين والكتّاب والمفكرين.
وقد كان الرسول الأعظم كثيراً ما يذكر ويشير إلى مناقب وخصائص وفضائل أمير المؤمنين، وقد أَلَّف العلماء والرواة والمحدثون الكثير من الكتب التي اهتمت بتدوين مناقب وفضائل الإمام علي بشكل مستقل أو موسع، ولم يقتصر ذلك على مذهب معين، بل اهتم بذلك كل علماء المذاهب، ككتاب خصائص أمير المؤمنين للنسائي، والمناقب للخوارزمي، ومناقب علي بن أبي طالب للأصفهاني، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب... وغيرها من المصنفات التي اهتمت بتدوين وتسجيل مناقب الإمام علي بن أبي طالب .
وقد قيض الله سبحانه وتعالى في كل عصر ومصر من المحدثين الحفاظ من ألفوا كتباً ورسائل في مناقب وفضائل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ونشرها بين الناس، بالرغم مما كان يتعرض له هؤلاء الحفاظ من أذى لنشرهم فضائله ومناقبه، وقد دفع بعضهم حياته نتيجة ذلك.
ولم ينجح أعداء الإمام علي في كتمان فضائله ومناقبه، بل إنها ازدادت على مر الأزمان انتشاراً وشيوعاً حتى قال ابن أبي الحديد: (( وما أقول في رجل أقر أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله. وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها)).
وقيل للخليل بن أحمد الفراهيدي:
لما آثرت علياًً على غيره؟
فقال: احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليلٌ أنه إمام الكل.
والحقيقة الناصعة باعتراف جميع المحدثين والحفاظ والمحققين: إنه ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل والمناقب - ويطرق صحيحة ومعتبرة - كما جاء في فضل الإمام علي ومكانته ومقامه.
وتوجد مجموعة مهمة من مناقب وفضائل الإمام علي الذي لم يسبقه إليها سابق ولن يلحق بها لاحق، بل كان هو الأول في الظفر بها، وهي تبرز مكانة وفضل أمير المؤمنين ، وأسبقيته في الأمور المفصلية في مسيرة الإسلام.