الموسوعة العُمانية تترجم لعالم قطيفي بارز
الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبدالجبار القطيفي: مفخرة علمية
الشيخ عبدالله اليوسف - 17 / 9 / 2014م - 7:41 م

عُرفت منطقة القطيف منذ قديم الزمان بحب العلم، وعشق الأدب والشعر، فتخرج منها فقهاء وعلماء، وأدباء وشعراء، امتلأت المكتبات العربية بكتب ومصنفات كثيرة لهم خطها يراع علمائها وأدبائها على مر السنين والأيام.

ولم يقتصر عطاؤهم العلمي على منطقة القطيف، بل امتد إلى مختلف الآفاق والحواضر العلمية والحضارية، وقد هاجر بعضهم إلى مناطق أخرى من بلاد المسلمين لينشروا العلم والأدب حيثما حلوا واستقروا، إما بسبب حاجة تلك المناطق للعلماء، أو لوجود المناخ العلمي المشجع على توطن العلماء فيها، أو لوجود محفزات ومشجعات متنوعة.

ومن هؤلاء العلماء الفطاحل الذين هاجروا من القطيف واستقروا في مسقط عاصمة عُمان: الفقيه المحقق، الحبر النحرير، العالم الفاضل، العلامة الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ أحمد بن علي بن عبد الجبار القطيفي( ت: 1266هـ / 1849م ).

وقد كان ( رحمه الله ) فقيهاً مجتهداً، وعالماً محققاً، وأصولياً محدثاً؛ ولذلك رجع إليه في التقليد كثير من أهل البحرين، وأهل عُمان وما حولهما من الأطراف، فأصبح مرجعاً من مراجع التقليد في الفقه والأحكام الشرعية.

ويعد الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد  آل عبد الجبار القطيفي مفخرة علمية من مفاخر القطيف، ونادرة من نوادر أهل زمانه، وقد تتلمذ على يديه جمع من فضلاء القطيف والبحرين وعمان.

 

الشيخ في كتب الأعلام والتراجم

لا يكاد يخلو أي كتاب للتراجم عن العلماء والأعلام إلا وتجد فيه ترجمة وافية للشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد القطيفي الذي كان يرجع إليه جمع غفير من أهل الخليج وما حوله من الأطراف، وهذا يدل على مدى تميزه العلمي، وعطائه في العلوم والمعارف الإسلامية....فقد تُرجِم له في العديد من موسوعات وكتب الأعلام والتراجم كالأعيان ومستدركاتها، وأنوار البدرين، ومنتظم الدرين، والذريعة إلى تصانيف الشيعة، والأعلام للزركلي، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحّاله، ومعجم مؤلفي الشيعة، وتاريخ البحرين....وغيرها من كتب الأعلام والتراجم؛ إلا أن ما لفت انتباهي هو ترجمة الموسوعة العُمانية؛ والتي صدرت حديثاً عن وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان، الطبعة الأولى 1434هـ- 2013م، حيث أن الشيخ هاجر من القطيف واستقر في عُمان وتوفي فيها.

وقد امتازت أكثر التراجم للشيخ سليمان آل عبدالجبار القطيفي بترجمة وافية، أثنت فيها على غزارة علمه، ومقامه العلمي الرفيع، وتميزه في علوم الشريعة كالفقه والأصول والكلام والحديث مما جعله محل ثقة الناس؛ فرجعوا إليه في مسائل الأحكام الشرعية وقلدوه في العمل بفتاواه وآرائه الفقهية.

ونشير هنا إلى أبرز ما كُتِب في ترجمته عن حياته وسيرته العلمية في الموسوعات والكتب المهتمة بالأعلام وهي:

1- الموسوعة العُمانية:

 جاء في الموسوعة العمانية، ترجمة للشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد القطيفي باعتباره من الأعلام الذين أقاموا في عمان ما نصه بالحرف: 

الموسوعة العمانية
الموسوعة العمانية - الطبعة الأولى 1434هـ-2013م

(( سليمان بن أحمد بن حسين آل عبد الجبار ( ت: 1266هـ / 1849م ) فقيه وشاعر.

قدم إلى عُمان من القطيف، واستقر في مسقط حتى وفاته. وأخذ منه العلم عدد من الطلاب في عُمان.

له مؤلفات تربو على 20 مؤلفاً ما بين كتاب ورسالة. ومؤلفاته في الفقه والتوحيد والكلام والأصول والمنطق والفلك والنحو، منها: (النجوم الزاهرة في أحكام العترة الطاهرة )، وكتاب (إيضاح الدلائل في أجوبة المسائل) جمع فيه أجوبته الفقهية على مسائل مختلفة. وله ديوان شعر في مراثي أهل البيت، ومنظومة في علم المنطق مطلعها:

     أحمدك اللهم منتهى الرضا        والشكر أبديه على ما قد مضى ))[1] .


2- أنوار البدرين:

كتب الشيخ علي البلادي ( 1274 – 1340هـ) في ترجمته للشيخ سليمان القطيفي ما نصه:

((كان (رحمه الله) من العلماء الأبرار الكبار، والفقهاء الأخيار، وكان على غاية من الإنصاف ومحاسن الأوصاف، وكثير من أهل البحرين لا سيما العلماء والمتعلمين، وأهل عمان ومسقط وتلك الأطراف مقلدوه، وكانت ترد عليه المسائل الكثيرة من أهل الأطراف كثيراً وأجوبته في غاية من البسط والتحقيق، وقد تلمذ على جماعة من فضلاء القطيف كالشيخ مبارك آل حميدان والمحقق الشيخ محمد بن عبد الجبار، وينقل بعض فتاويه في بعض مصنفاته، وانتقل من القطيف وسكن بلاد مسقط، فشرفها الله به غاية التشريف، وسما قدرها وعلا فخرها، وكانت حينئذ عامرة بأهل البحرين، تجار وساكنين، وصنف فيها وألف، وقرط الأسماع بدرر حكمه وشنف، وقصدته الفضلاء والأماثل، لتحقيق الحقائق وتنقيح الدلائل ))[2] .

3- طبقات أعلام الشيعة:

وممن ترجم له المحقق آغا برزك الطهراني حيث أثنى عليه ثناء جميلاً قائلاً: ((كان في مسقط مرجعاً عاماً في الفتيا ونشر الأحكام، يلوذ به الخواص والعوام في مشاكلهم ومسائلهم، وهو عالم نحرير وحبر ضليع، فقد كانت له يد طولى في الفقه وأصوله والكلام والحكمة والتاريخ والأدب وغيرها، وله فيها آثار تدل على مكانته وبراعته، ويظهر أنه كان من تلاميذ السيد مهدي بحر العلوم النجفي))[3] .

وقد ذكر آغا بزرك الطهراني له مجموعة من مؤلفاته ومصنفاته في موسوعته المعروفة ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة ).

4- أعيان الشيعة:

وترجم له السيد محسن الأمين في كتاب المعروف (أعيان الشيعة) حيث كتب عنه ما يلي: ((عالم فاضل محقق فقيه محدث، كانت إليه الرحلة في طلب العلم لطلبة تلك البلاد - أي عُمان- وإليه المرجع في المسائل والمعضلات وتحقيق الحقائق))[4] .

5- منتظم الدرين:

وممن ترجم للشيخ سليمان آل عبد الجبار القطيفي أيضاً مؤلف كتاب (منتظم الدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين )، فقد كتب في ترجمته ما نصه:

((العالم العامل، البحر النحرير، الفاضل المحقق، المدقق الكامل، نادرة الزمان الأوحد: الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين ابن الشيخ أحمد بن علي بن عبد الجبار القطيفي. كان من بيت عريق في العلم والفضيلة.

 أخذ العلم عن فضلاء عصره ومصره، وغيرهم من العلماء الفحول كأبيه وأعمامه ))[5] .

وتدل ترجمته وسيرته ومؤلفاته على مكانته العلمية الشامخة، وفضله ومقامه الرفيع، ووصوله لأعلي مراتب الفضل والشرف.

  

مؤلفاته

للشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي العديد من المؤلفات والمصنفات، وهي:

1- النجوم الزاهرة في فقه العترة الطاهرة.
2- شرح مفاتيح الشرائع للكاشاني في مجلدين ضخمين.
3- الأنوار المشرقية في شرح اللمعة الدمشقية. برز منه مجلدان.
4- إرشاد البشر في شرح الباب الحادي عشر.
5- شرح الإيساغوجي.
6- شرح الشمسية في المنطق.
7- شرح تهذيب المنطق للتفتازاني
8- رسالة في مناسك الحج... كبير، وآخر صغير.
9- رسالة في الجزء الذي لا يتجزأ.
10- رسالة في الرجعة.
11- رسالة في المعارف الخمس.
12- رسالة في الرد على النصارى.
13- منظومة في المنطق سماها جواهر  الأفكار.
14- أرجوزة في أصول الفقه.... إلى غير ذلك[6] .
15- شرح الفصول في أصول الدين لنصير الدين الطوسي.
16- حاشية على مدارك الأحكام للسيد محمد بن علي العاملي.
17- حاشية أو شرح على مراح النفوس.
18- إيضاح الدلائل في أجوبة المسائل.
19- الدرة في أحكام الحج والعمرة.
20- منظومة في أجوبة مسائل في أصول الفقه وعلاج اختلاف الأخبار.
21- رسالة في أجوبة مسائل في نفي التفويض[7] .

وتدل هذه المؤلفات والمصنفات التي خطها يراع الشيخ سليمان القطيفي على غزارة علمه، وسعة معارفه، وتضلعه في علوم مختلفة، وإلمامه الكبير بفنون الأدب والشعر واللغة.       
 

وفاته

اتفق  مترجمو سيرة الشيخ سليمان آل عبد الجبار القطيفي على أنه توفي في مسقط  سنة ست وستين ومائتين وألف للهجرة، وقد رثاه علماء وأدباء وشعراء أهل زمانه بقصائد تضمنت الإشادة بسجاياه ومزاياه الأخلاقية، ومنزلته ومكانته العلمية المتميزة.

     

[1]  الموسوعة العمانية، ج5، ص 1841.
[2]  أنوار البدرين، ج2، ص 172.
[3]  طبقات أعلام الشيعة، آغا برزك الطهراني، ج2، ص 606.
[4]  أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج11، ص 288، رقم الترجمة 7463.
[5]  منتظم الدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين، محمد علي التاجر، ج2، ص 86، رقم الترجمة 405/2.
[6]  أعيان الشيعة، ج11، ص 288. أنوار البدرين، ج2، ص 172 – 173. مستدركات أعيان الشيعة،ج1، ص 56.
[7]  منتظم الدرين، ج 2، ص 89. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 13، ص 289.
اضف هذا الموضوع الى: