سماحة الشيخ اليوسف يلقي الخطبة أمام المصلين (أرشيف)
|
أوضح سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في خطبته يوم الجمعة 20 محرم 1436هـ الموافق 14 نوفمبر 2014م الأسباب والدوافع التي ولدت ظاهرة التكفير، محذراً من انتشار هذه الظاهرة، وتزايد مخاطرها وآثارها السلبية على المجتمعات المسلمة، ومشيراً إلى أن رمي المسلم بالكفر والشرك مع إقراره بالشهادتين واعتقاده بالأصول الاعتقادية الأساسية، وعدم نكران شيء من ضروريات الدين هو من الأعمال المنكرة والمحرمة التي يقوم بها التكفيريون ضد كل من يختلفون معهم في المذهب أو الرأي أو المنهج أو الفكر.
وأضاف سماحته قائلاً: إن الجماعات التكفيرية اليوم تستهدف المسلمين في البلاد الإسلامية، وتغض الطرف عن أعداء المسلمين كالصهاينة وإسرائيل عدوة المسلمين جميعاً.
وبين سماحته أن من أسباب التكفير هو الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، إذ أدى التمسك بالفهم الخاطىء لبعض المفاهيم الدينية، أو التأويل غير الصحيح للنصوص الدينية، أو الأخذ بنصوص ضعيفة أو موضوعة، أو التمسك بآراء اجتهادية شاذة إلى بروز الفكر التكفيري، وهو ما أدى إلى تأسيس تيارات وجماعات تكفيرية، وتمتاز بذهنية صدامية تكفيرية، وهي لا تؤمن بالرأي الآخر، ولا تعترف بإسلام أحد سواها، والحكم بكفر وردة كل من يخالف فهمها للنصوص أو للمفاهيم الدينية.
ثم تطرق الشيخ اليوسف إلى السبب الثاني في انتشار ظاهرة التكفير وهي عدم الأهلية العلمية عند موزعي فتاوى التكفير، فهم يتميزون بقلة العلم والمعرفة، والسطحية في فهم الدين، مما دفعهم إلى تكفير المسلمين بالجملة، وإخراج المسلمين من دين الإسلام لمجرد خلاف في بعض المسائل العقائدية أو الفقهية أو التاريخية.
وقال الشيخ اليوسف أن السبب الثالث لظاهرة التكفير هو التعصب المذموم والتشدد بما يخرج المسلم عن مسار الاعتدال والاتزان، فيكفرون كل من يختلف معهم ولو في شيء جزئي من دون اتباع الضوابط والقيود في حكم التكفير.
واستطرد قائلاً: إن المصيبة في الجماعات التكفيرية أنهم لم يقتصروا في التشدد والتعصب على أنفسهم، بل يريدون أن يفرضوا نمط تفكيرهم المتشدد على الآخرين، ويرون أن كل من لا يقبل بأفكارهم المتعصبة مهدور الدم والمال والعرض.
واعتبر سماحة الشيخ اليوسف أن الغلو في الدين أحد الأسباب التي تدفع إلى التكفير، فالغلو له مراتب ودرجات مختلفة، فقد يكون الإعجاب بشخص معين سبباً للتكفير، فيرفعونه لدرجة الغلو فيه، وينبهرون بأفكاره، ويأخذون بكل ما يقوله من أفكار شاذة ومتطرفة وتكفيرية، ولا يعبأون بآراء كبار الفقهاء والعلماء.
وقد اعتبر الإمام علي الغلو من دعائم الكفر، فقد قال : ((بُني الكفر على أربع دعائم: الفسق، والغلو، والشك، والشبهة)).
وبيّن سماحته أن الجماعات التكفيرية على أنواعها لديهم غلو ساذج في علمائهم ومنظريهم، فيقدمون أقوالهم على ما تسالم عليه العلماء قديماً وحديثاً، فيتبنون ثقافة التكفيريين وفكرهم ومنهجهم.
واعتبر سماحته أن الأمة الإسلامية قد ابتليت بالتكفيريين، وقد تحولوا إلى ابتلاء لهذه الأمة، التي أصبحت تعاني من أفكارهم الشاذة، وجرائمهم البشعة ضد الإنسانية.
ومن جهة أخرى أبدى سماحة الشيخ اليوسف أسفه لما يحصل في بعض الأحيان وخصوصاً في شهر محرم الحرام بين بعض المؤمنين من تراشق الاتهامات، واستخدام ألفاظ وكلمات نابية وجارحة بسبب الاختلاف تجاه بعض المسائل الخلافية بين الفقهاء والمراجع، داعياً إلى عمل كل مكلف برأي مرجعه، والابتعاد عن التجريح والتشنيع والتفسيق بسبب اختلاف وجهات النظر تجاه بعض المسائل الخلافية؛ لأن ذلك يوغر الصدور، ويشحن النفوس، ويولد الأحقاد والضغائن بين المؤمنين، وهو ما لا يجب أن يحدث بين أفراد المجتمع المسلم الواحد.