سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء خطبته في يوم عيد الفطر المبارك 1436هـ (أرشيف)
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في الخطبة الأولى لصلاة عيد الفطر المبارك غرة شهر شوال 1436 هـ الموافق 18 يوليو 2015م على أهمية المحافظة على المكتسبات الإيمانية والروحية والمعنوية التي اكتسبناها طوال شهر رمضان المبارك، وألا نفعل ما يجعلها تذهب هباء منثوراًً.
وأضاف سماحته قائلاً: إن من أهم الأمور التي نستلهمها من شهر رمضان المبارك هو تقوية الإرادة، وتزكية النفس وتهذيبها، والتخلص من العادات السلبية والخاطئة، وتحمل الصعاب، والصبر على الطاعة وعن المعصية.
وبَيَّن سماحته أنه بالصبر يستطيع الإنسان التغلب على المشاكل والمصاعب والمتاعب وتجاوزها، ولذلك يعد الصبر من خلق أهل الإيمان والتقوى والعزيمة والإرادة القوية.
وأوضح سماحته أن الله تعالى قد مدح الصبر في كتابه المجيد، وأثنى على الصابرين، حيث تربو الآيات الشريفة التي تتحدث عن الصبر على سبعين آية شريفة كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ وغيرها من الآيات الشريفة التي تبشر الصابرين وتمدحهم.
وتابع قائلاً: وأما الأحاديث الواردة في فضيلة الصبر وأهميته فمتواترة كقول الرسول الأكرم : (( الصبر رأس الإيمان )) وقوله : (( الصبر كنز من كنوز الجنة )) وقوله : (( في الصبر على ما تكره خير كثير )). وقال أمير المؤمنين : ((الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر عما تحب )).
و دعا سماحة الشيخ اليوسف المؤمنين إلى التحلي بفضيلة الصبر، لأن الإنسان دائماً بحاجة إلى الصبر الجميل: في العمل، في الدراسة، في بناء المستقبل، في مواجهة المشاكل والتحديات، وفي كل شؤون الحياة.
وأشار سماحته إلى أن من يفقد الصبر في حياته يخسر كثيراً، ولا يستطيع ـ غالباً ـ أن يحقق أهدافه وتطلعاته وطموحاته، بينما الصبر والتصبر يجعل الإنسان في النهاية يحقق ما يريد، ونفس الكلام ينطبق على المجتمعات الإنسانية؛ حيث توجد بعض المجتمعات تتحلى بالصبر على مواجهة المشاكل وإنجاز أهدافها ومجتمعات أخرى تستسلم عند أي مشكلة وتفقد القدرة على تحقيق أهدافها وتطلعاتها بسبب الجزع والتعجل وعدم التحلي بالصبر الجميل.
الخطبة الثانية: استثمار طاقات الشباب وإمكانياتهم
أشاد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في الخطبة الثانية بلجان التطوع والسلامة المنتشرة في منطقة القطيف وغيرها من المناطق الأخرى لحماية المساجد والأماكن العامة، معتبراً دور الشباب التطوعي بالحيوي والهام من أجل الحفاظ على السلامة الاجتماعية، وتوفير الطمأنينة والأمان والسلام.
وتحدث سماحته عن طاقات الشباب وإمكانياتهم الهائلة، فمرحلة الشباب هي مرحلة العطاء والقوة والنشاط والحيوية، وهي مرحلة القوة بين ضعفين: ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، كما أشار القرآن الكريم لذلك في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ فمرحلة الطفولة هي مرحلة ضعف حيث يعتمد الطفل على والديه، ومرحلة الشيخوخة مرحلة ضعف أيضاً وعجز عن العمل والنشاط، وبحاجة للاهتمام والرعاية، أما مرحلة الشباب فهي مرحلة القوة والحيوية، والقدرة على العمل والنشاط والعطاء والبذل.
وأكد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية استثمار مرحلة الشباب في الاتجاه الإيجابي، وتفعيل ما لديهم من طاقات وقدرات وإمكانيات، واستثمارها في طريق الخير والصلاح فقد روي عن رسول الله قوله: (( إن لله ملكاً ينزل في كل ليلة ويقول: يا أبناء العشرين، فما فوق، جدوا واجتهدوا )) فهذا النداء خاص بالشباب لتحريضهم على الجد والاجتهاد، والعمل والعطاء والبذل، فمرحلة الشباب هي مرحلة العطاء والإنتاج، والنهوض بالمجتمع وتطويره.
وأوضح سماحته أن المجتمعات المتقدمة حضارياً تفسح المجال للطاقات الشابة بالإبداع والابتكار والإنتاج والعمل التطوعي، وتعطيهم مسؤوليات كبيرة لخدمة مجتمعاتهم وأوطانهم، بينما المجتمعات المتخلفة حضارياً تضع العقبات أمام الاستفادة من طاقات الشباب وإمكانياتهم ومواهبهم وقدراتهم.
وأثنى سماحة الشيخ اليوسف على الشباب المتطوعين لحماية المساجد والأماكن العامة، واستعدادهم للتضحية بأنفسهم؛ وهي قمة التضحية من أجل المحافظة على أماكن العبادة، حيث يتحملون المصاعب وحرارة الشمس والوقوف لساعات طويلة من أجل الحفاظ على أرواح الناس، وبعث الطمأنينة والأمان في نفوسهم.
وفي ختام خطبته دعا سماحته الشباب إلى المزيد من المبادرات التطوعية بما يخدم النهوض بالمجتمع في مختلف المجالات والجوانب وتوظيف طاقاتهم وإمكانياتهم ومواهبهم فيما فيه خدمة الدين والمجتمع.
ودعا سماحته الله سبحانه وتعالى أن يعيد علينا وعلى جميع المسلمين في كل مكان عيد الفطر المبارك باليمن والخير والبركة، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، ونعمة الصحة والسلامة والعافية، وأن يحفظ بلادنا وكافة بلاد المسلمين من شرور الأشرار، وكيد الفجار، وبغي البغاة... إنه سميع مجيب الدعاء.