سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف (أرشيف)
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 13 ربيع الأول 1437هـ الموافق 25 ديسمبر 2015م على أهمية التحلي بفضيلة التودد إلى الناس والتحبب إليهم لما في ذلك من فوائد كبيرة في تنمية العلاقات الاجتماعية بين الناس، وإفشاء حالة التآلف والمحبة والمودة بينهم.
وأضاف سماحته قائلاً: إن التودد يعني إظهار المحبة للناس ومعاملتهم معاملة حسنة وجميلة بما ينمي من منسوب الألفة والمحبة والتقارب بين أبناء المجتمع الواحد.
وبيّن سماحته أن (الودود) من أسماء الله تعالى وصفاته، فقد وصف نفسه:﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ ومعنى (الودود) المحب لعباده الصالحين والمؤمنين والمطيعين.
وأشار سماحته إلى أن الروايات الواردة في فضل التودد إلى الناس والتحبب إليهم تشير إلى أن ذلك من كمال الدين، وكمال العقل، فبالتودد والتحبب للناس يعمل الإنسان بوصايا الدين وإرشاداته الأخلاقية، فالدين المعاملة. وهو كمال للعقل لأنه بذلك يكسب قلوب الآخرين ومحبتهم.
فقد ورد عن رسول الله قوله: ((التودد إلى الناس نصف العقل)) وقوله : ((رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس)) وعن الإمام الباقر قال: إن أعرابياً من بني تميم أتى النبي فقال له: أوصني، فكان مما أوصاه: ((تحبب إلى الناس يحبوك)).
وقد وردت روايات أخرى تفيد نفس المعنى وتوصل إلى نفس الهدف كالمجاملة والمداراة وإن كان هناك اختلف في بعض التفاصيل. ففي الحث على المجاملة ورد عن الإمام الصادق أنه قال: ((مجاملة الناس ثلث العقل)) والمجاملة تعني المعاملة بالجميل، وهي لا تستلزم التودد، بينما التودد يستلزم المجاملة.
وأوضح سماحة الشيخ اليوسف أن المداراة تتحقق بحسن مصاحبة الناس، وتحمل أذاهم وعدم مجابهتهم بما يكرهون والحرص على عدم تجريح مشاعرهم واحترام شخصياتهم، وهذا ليس من النفاق في شيء كما قد يزعمه من لا معرفة له بعلم الأخلاق؛ بيد أن النفاق هو أن يكون الإنسان ذا وجهين: يلقى صاحبه بوجه ويغيب عنه بوجه، أما المداراة والمجاملة فالمقصود هو حسن التعامل مع الناس بالرفق واللين والملاطفة، والتعامل بأخلاق راقية وجميلة.
وتابع قائلاً: لذلك نرى الإسلام يحث على التحلي بهذه الصفة الجميلة، فعن رسول الله قال: ((مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش)) وقال : ((أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض)).
وأشار سماحة الشيخ عبدالله اليوسف إلى أن فضيلة التودد إلى الناس والتحبب إليهم بمداراتهم ومجاملتهم والإحسان إليهم يجب أن تشمل جميع الناس، بدءاً من العائلة، مروراً بالأقرباء والأرحام، ثم الجيران والأصدقاء وكافة أفراد المجتمع، فكسب قلوب الناس ومحبتهم شيء مفيد ونافع، وهو دليل على كمال الدين والعقل.
وختم سماحته الخطبة بالقول: إن الحاجة اليوم ماسة إلى تفعيل هذه الفضيلة الأخلاقية ليست على الصعيد الفردي فقط، وإنما على الصعيد الاجتماعي العام، وبين المجتمعات بعضها بالبعض الآخر، فنحن أحوج ما نكون في عصرنا إلى صناعة المحبة والمودة بين الناس بدلاً من صناعة الكراهة والبغضاء والأحقاد.