سماحة الشيخ عبدالله اليوسف متحدثاً للحضور (أرشيف)
|
تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف في خطبة يوم الجمعة 13شعبان 1437هـ الموافق 20 مايو 2016م عن تزايد انتشار الفكر الإلحادي في أوساط الشباب الجامعي، وضرورة صياغة خطاب ديني معاصر قادر على التأثير في عقول وقلوب الجيل الجديد لتحصينهم من الوقوع في التيارات الإلحادية والمنحرفة.
وأضاف سماحته قائلاً: تظهر بين الفينة والأخرة في أوساط الشباب دعوات تنادي بالإلحاد، واتخاذه مذهباً في الحياة، والانطلاق منه في بناء تصور فلسفي حول الكون والوجود!
وتابع بالقول: والإلحاد يقوم على فكرة (إنكار وجود الخالق) وأن المادة أزلية ولا خالق لها، أو أن المادة هي الخالق والمخلوق. ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾.
وأوضح سماحته أن فكرة الإلحاد ليست بالشيء الجديد، فقد كانت موجودة منذ العهد الإسلامي الأول، بل قبل الإسلام، واستمرت في كل العصور وإن بنسب متفاوتة، فقد عرف عن بعض الناس إنكارهم لوجود الله عز وجل، ويطلق على هؤلاء الملاحدة أو الزنادقة.
وذكر سماحة الشيخ اليوسف بعض أسباب ودوافع الإلحاد عند الشباب، وأهمها: ملاءمة الإلحاد لهوى النفس، فالإلحاد يعني عدم القيام بأية واجبات شرعية أو الالتزام بأية تكاليف كالصلاة والصوم والحج ... وغيرها. ومن جهة أخرى الانغماس في الشهوات والملذات المحرمة وهذا الأمر يتلاءم وطبيعة النفس البشرية الأمارة بالسوء. يقول تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾.
وأشار سماحته إلى أن شعور بعض الشباب بالغرور العلمي، والتأثر بالحضارة المادية الغربية الحديثة، وتفاوت ذلك مع واقع المسلمين يدفع بهم نحو اعتناق الإلحاد كردة فعل على الواقع السيء للمسلمين.
ولفت سماحته إلى أن ذلك ناتج من السطحية العلمية، فالعلم يدعو إلى الدين، والإيمان بالخالق، وقد أعلن هذه الحقيقة بعض كبار علماء الغرب.
أما السبب الثالث للإلحاد عند الجيل الجديد فهو عدم الإيمان بغير المحسوس، إذ يصر الملحدون على إنكار كل شيء غير محسوس، وكل شيء غيبي، وذلك لتمسكهم بأن ما لا تدركه الحواس فليس بموجود!
وشدد سماحته على أن الفطرة والعقل والعلم يدعو الإنسان إلى الإيمان بالله تعالى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾.
وقال سماحة الشيخ اليوسف إن إصرار الملحدين على إلحادهم ناتج من غروهم وتعسفهم وتكبرهم، إذ ينكرون كل شيء غير محسوس، وما ذلك إلا من أجل الهروب من المسؤوليات الدينية، والتحلي بالأخلاقيات والضوابط الإنسانية؛ إنهم يبحثون عن إشباع غرائزهم، وملء جيوبهم، وتحقيق نزواتهم الشيطانية.
وأوضح سماحته أن الإيمان بوجود الخالق لا يرتضيه المادي الملحد لأنه لا يريد قيوداً ولا حدوداً لتصرفاته الشهوانية، وإنما يحب أن يتصرف بدون ضوابط، وأن يشبع غرائزه بدون حدود، وأن يفعل ما يريد بدون التزامات أو أخلاقيات!
وأشار سماحته إلى أن الملحدين بفكرهم الإلحادي يخالفون الفطرة الإنسانية السليمة، إذ أن فطرة الإنسان تدعوه إلى الإيمان بالله تعالى، وعقله كذلك يدعوه إلى الإيمان بالله تعالى، وروحه التي لا يراها، ولكنه يؤمن بها، تدعوه هي الأخرى إلى الاعتقاد بواجب الوجود.
ودعا سماحته علماء الدين إلى محاورة ومناظرة الشباب الملحد، كما كان يفعل أئمة أهل البيت الأطهار الذين كانوا يناظرون الملاحدة والزنادقة، ويردون على شبهاتهم وإشكالياتهم بصورة علمية عميقة.
وشدد سماحته على ضرورة تصدي العلماء إلى تفنيد شبهات وإشكاليات الفكر الإلحادي بصورة علمية ورصينة وموضوعية ومنهجية.
وأكد في نهاية خطبته على أهمية صياغة خطاب ديني معاصر قادر على مخاطبة الجيل الجديد من الشباب، إذ ليس من الصحيح أن نخاطب شبابنا اليوم بنفس الخطاب الذي كان قبل مئة سنة، فالشباب قد تغيروا، وتفكيرهم قد تغير، ونظرتهم للأمور قد تغيرت، وعلينا صياغة خطاب ديني قوي وأصيل ولكن بلغة معاصرة مؤثرة في عقول الشباب وقلوبهم.