مؤكداً على أن المرأة العالمة تمتلك النضج والوعي والرشد
الشيخ اليوسف: السيدة فاطمة الزهراء قامة علمية شامخة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بتاريخ 12 محرم 1438هـ
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بتاريخ 12 محرم 1438هـ

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 12 جمادى الأولى 1438هـ الموافق 10 فبراير 2017م عن سعة العلم عند السيدة فاطمة الزهراء ، فقد عُرفت بالعلم الغزير، والمعرفة العميقة، والثقافة الواسعة، والبصيرة الثاقبة، إذ كانت تتلقى العلوم والمعارف الإسلامية من أبيها رسول الله مباشرة، ومن باب مدينة العلم (زوجها) أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ، فكانت عالمة بالإسلام وأحكامه ومفاهيمه وأخلاقه وآدابه، فهي قامة علمية شامخة.

وأضاف سماحته قائلاً: كانت السيدة الزهراء أعلم نساء زمانها، وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين؛ فمقاماتها السامية، وعلومها الغزيرة، ومعارفها الزاخرة جعلتها الأقدر على القيام بدور المعلم والمرشد والموجه والمربي لنساء عصرها اللاتي كنَّ يتجمعن حولها ويتلقين منها أحكام الإسلام وعلومه.

وأشار سماحته إلى أن السيدة الزهراء كانت من أهل بيت النبوة والإيمان، وقد أعطاهم الله تعالى من العلم ما لم يعطِ أحداً غيرهم، وقد سميت فاطمة بهذا الاسم لأن الله فطمها بالعلم، ولم يكن لها نظير من النساء فسميت بالبتول.

ولفت سماحته إلى أن السيدة فاطمة الزهراء تعد أول امرأة مسلمة ألّفت كتاباً يحتوي على أحداث الحياة وما سيحدث فيها حتى يوم القيامة بإملاء من رسول الله كما ورد في روايات مستفيضة.

وأوضح سماحته أن هذا الكتاب كان يسمى (مصحف فاطمة) وكلمة مصحف لم تكن كلمة اصطلاحية أو خاصة بالقرآن الكريم إلا في القرن الهجري الثاني، أما في القرن الهجري الأول فكانت لفظة (المصحف) تطلق على مجموعة الأوراق إذا جلدت وخيطت وجمعت فيه منعاً من الضياع والاندثار، فالمقصود من (مصحف فاطمة) كتاب فاطمة، وليس بقرآن آخر.

وانتقد سماحة الشيخ اليوسف ترويج أكذوبة أن الشيعة يقولون بأن لديهم قرآناً آخر وهو مصحف فاطمة؛ معتبراً ذلك من الافتراءات الكاذبة ضد شيعة أهل البيت.

وشدد سماحته على أنه ليس لدى الشيعة قرآناً مغايراً لما عند سائر المسلمين كما روج له بعض المؤرخين والخصوم ضد أتباع مدرسة أهل البيت، فليس لدى الشيعة إلا القرآن الكريم الموجود لدى كافة المسلمين، وهو الذي يعتمد عليه أتباع مدرسة أهل البيت في أحكامهم ومسائلهم، ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ويعتبرونه المصدر الأول للتشريع.

وبيّن سماحته أنه رغم قصر عُمر السيدة فاطمة الزهراء إلا أنها روت جمهرة من الأحاديث الشريفة عن أبيها رسول الله ، فقد كانت من أبرز العالمات وأجلهنّ، وأكثرهنَّ فكراً وثقافة وعلماً ومعرفة.

وتابع سماحته بالقول: بالنظر إلى مسند فاطمة نجد أن معظم ما روته السيدة الزهراء عن أبيها يتناول الأخلاق والآداب ومحاسن الصفات والتي تجتمع تحت أخلاق الإسلام وآدابه. وقد روى عنها الأئمة الأطهار كأمير المؤمنين والإمام الحسن المجتبى والإمام الحسين والسيدة زينب الكبرى والسيدة فاطمة بنت الإمام الحسين ، كما روى عنها كبار الصحابة من الرجال والنساء، كابن عباس، وعبدالله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وأم سلمة، وأم رافع، وغيرهم.

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف اهتمام السيدة فاطمة الزهراء بنشر العلوم والمعارف الإسلامية بين النساء، فكان لها مجلس علمي يحضره نساء المهاجرين والأنصار حتى يأخذن منها أحكام الإسلام وأخلاقه ومفاهيمه وأسسه وفلسفته.

وأكد سماحته على أهمية أن تقوم المرأة المسلمة المتعلمة بدور تثقيفي ونشر العلوم والمعارف بين النساء، إذ أن نشر العلم في المجتمع، يساهم في تنمية الوعي العلمي والثقافي مما ينعكس بدوره على التنمية الثقافية والعلمية بين أفراد المجتمع وخصوصاً في الوسط النسائي.

وأشار سماحته إلى أن للثقافة الواعية والمستنيرة دوراً مهماً ومؤثراً في بعث روح الإحياء والنهضة في المجتمع، ويمكن للمرأة المثقفة أن تقوم بدور فاعل في تفعيل المناشط الثقافية والعلمية من خلال التأليف والخطابة وتأسيس نوادي ثقافية وأدبية  تهتم بثقافة المرأة وقضاياها المعاصرة.

وأكد سماحته على أن مجتمعنا المحلي يزخر بالكفاءات النسائية المتميزة في كل الحقول العلمية والعملية، لكن المجتمع بحاجة مستمرة للكفاءات والكوادر المتميزة لذفع المجتمع نحو المزيد من التطور والازدهار العلمي والمدني.

 وشدد سماحته على وجوب امتلاك المرأة الوعي الثقافي لأنه عنصر هام من عناصر نضج المرأة ورشدها، وهذا ما يجب أن يدفعها نحو إنماء وعيها الثقافي كي تستطيع الثبات في ظل الإغراء المادي في الحياة المعاصرة؛ وكي تتمكن من القدرة على التعامل والتفاعل مع قضايا العصر بصورة علمية ومعرفية.

وأشار إلى أن إنماء الوعي الثقافي يتطلب من المرأة التسلّح بالمعرفة والثقافة والعلم؛ وهذا ما يستوجب المطالعة الواعية والقراءة المركّزة، ومتابعة الحركة الثقافية والمعرفية، والتواصل مع النخب الثقافية، والاطلاع على ثقافة العصر.

وتابع سماحته بالقول: كلما كانت المرأة المسلمة أكثر وعياً ورشداً ونضجاً كلما امتلكت القدرة على تجاوز التحديات والصعوبات والمشاكل المتنوعة. كما أن المرأة الواعية تمتلك من الأفق الواسع، والفهم الصائب، والبصيرة الثاقبة، ما يجعلها تتحمل المسؤولية، وتشارك في صناعة التقدم والنهوض الثقافي والمعرفي لمجتمعها وأمتها وحضارتها.

اضف هذا الموضوع الى: