صلح الإمام الحسن..الدوافع والفوائد
محرر الموقع - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
ألقى سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف ( حفظه الله ) كلمة الجمعة بمسجد الإمام الهادي بالحلة في جموع المصلين يوم الجمعة 7/2/1426هـ الموافق18/3/2005م، تحدث فيها عن صلح الإمام الحسن مع معاوية بن أبي سفيان، حيث ذكرى استشهاد الإمام الحسن في مثل هذا اليوم ، وإليكم ملخص للمحاضرة:
يعد الصلح الذي وقعه الإمام الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان من أبرز المواقف التي ينبغي التركيز عليها عند دراسة السيرة المباركة للإمام الحسن ، إذ أن هذا الحدث الهام يعتبر من أهم الأحداث التاريخية التي يجب دراستها دراسة موضوعية وتحليلية كي يمكن فهم الظروف والملابسات التي ساهمت وأدت إلى توقيع معاهدة الصلح بين الطرفين .
دوافع الصلح
بعد استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب في عام 40 هـ بايع الناس الإمام الحسن بن علي كقيادة شرعية للحكم، إلا أن الظروف والأوضاع السياسية و الاجتماعية التي كانت سائدة لم تسمح للإمام الحسن بالاستمرار في الحكم، وإنما ساهمت تلك الأوضاع في توقيع الصلح مع معاوية، والتنازل عن الحكم .
والسؤال الي يفرض نفسه هنا: ماهي الأسباب والدوافع التي أدت بالإمام الحسن لتوقيع معاهدة الصلح، والتنازل عن الحكم لصالح معاوية؟!
لمعرفة الإجابة الواضحة على هذا التساؤل المشروع نذكر الأسباب التالية:
1ـ تفكك المجتمع :
فور سماع معاوية بن أبي سفيان باستشهاد الإمام علي أَعَدَّ العدة اللازمة، وهيأ جيشاً مكوناً من ستين ألفاً لغزو الكوفة، والسيطرة على كل العالم الإسلامي، حيث كانت الكوفة وقتها عاصمة الخلافة الإسلامية.
وخوض أي حرب مع العدو يحتاج إلى تماسك قوى المجتمع وترابطه، واصطفافه حول ( القيادة الشرعية )، في حين أن الواقع الاجتماعي العام في عهد الإمام الحسن لم يكن في حالة يسمح بالدخول في حرب شرسة مع بني أمية، وذلك نتيجة للتفكك الاجتماعي، وحالة القلق والاضطراب الذي أصاب المجتمع الكوفي بعد شهادة الإمام علي.
2ـ الخطر الخارجي:
عندما يكون هناك تهديد خارجي، وعدو يتحين كل فرصة للانقضاض على بلاد المسلمين، وإلحاق الهزيمة بهم، فمن العبث أن يدخل المسلمون في حرب أهلية، إذ أن ذلك يعني التضحية بكل مقدرات و مكاسب وإنجازات المسلمين، والبحث عن المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة
وقد استعد الروم لغزو بلاد المسلمين عندما وصل إليهم نبأ استعداد جيش الإمام الحسن وجيش معاوية للقتال ضد بعضها البعض
3ـ الخيانات في جيش الإمام الحسن:
إن أي جيش يريد الدخول في معارك مع الأعداء بحاجة ماسة إلى التماسك والتلاحم والانسجام الداخلي بين أفراده، كما أن من الضروري أن يتحلى قادة الجيش بالإخلاص والسمع والطاعة للقيادة العليا، وأن يكونوا على أتم الاستعداد للتضحية والفداء من أجل الدفاع عن الحق والقيم والقيادة الشرعية.
وللأسف فإن كل ذلك لم يتوافر في جيش الإمام الحسن بصورة عامة، إذ كان جيشه مفككاً، بسبب التعددية العقائدية، والتباين الفكري والثقافي، والتناقض بين مكونات المجتمع العراقي مما انعكس على تركيبة الجيش، مما أفقده الانسجام والانضباط الذي لا بد منه في أي جيش يستعد للقتال .
ومما زاد الطين بلة هو انضمام القائد العام لجيش الإمام الحسن عبيد الله بن العباس إلى معاوية ومعه ثمانية آلاف مقاتل!
خيارات الإمام الحسن :
كان أمام الإمام الحسن في ظل هذه التطورات الخطيرة من قبيل : تفكك الجبهة الداخلية، والتهديد الخارجي، وخيانة بعض قيادات و أفراد الجيش، والتثاقل عن الجهاد، ثلاث خيارات لا رابع لها وهي :
1ـ المواجهة المسلحة :
ويعني هذا الخيار أن يدخل الإمام الحسن في مواجهة مسلحة مع الحزب الأموي وجيشه، رغم كل التطورات السلبية التي كان يواجهها الإمام الحسن ، وكل عوامل الضعف في جيشه، وهذا يعني الدخول في معركة غير متكافئة من الناحية العسكرية والنفسية، مما سيؤدي إلى القضاء على البقية المتبقية من جيش الإمام الحسن ، وأصحابه الخلص، وانتصار الحزب الأموي، وهو ما يعني خسارة ثقيلة ستلحق أكبر الضرر بالإسلام وأهله.
2ـ الاستسلام للعدو :
وهذا الخيار يعني الاستسلام للحزب الأموي من دون أية شروط مسبقة، والانسحاب من الميدان السياسي والاجتماعي، وتسليم أمور الحكم لمعاوية بن أبي سفيان من دون أي مقابل، وهذا الخيار لا يمكن للإمام الحسن أن يقبله، لأنه يخالف أخلاقيات و أدبيات الإسلام، كما أنه لا ينسجم مع السيرة المباركة للأئمة الأطهار .
3ـ الصلح بشروط :
ويعني توقيع معاهدة صلح بين الإمام الحسن (القيادة الشرعية )، ومعاوية بن أبي سفيان المتمرد على الحكم الشرعي، وكان اتخاد قرار الصلح المشروط قراراً حكيماً، والخيار الأنسب مع ملاحظة الخيارات الأخرى، إلا أنه لم يكن سهلاً على الإمام الحسن أن يتخذه أيضاً !
لكن عندما نقرأ حقيقة الأوضاع السياسية السائدة في ذلك الوقت، وما يمكن أن تؤدي إليه الخيارات الأخرى من خسائر لا يمكن القبول بها، كان خيار الصلح المشروط هو الخيار الأفضل في التعاطي السياسي مع المستجدات على الساحة الإسلامية التي كان يواجهها الإمام الحسن.
بعد ذلك استعرض سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف (حفظه الله) وثيقة الصلح التي على أساسها أمضى الإمام الحسن معاهدة الصلح.
وفي ختام كلمته تحدث سماحة الشيخ اليوسف عن فوائد الصلح، والتي حددها في النقاط التالية:
1ـ الحفاظ على مبادئ الإسلام.
2ـ الحفاظ على أتباع أهل البيت
3ـ كشف القناع الأموي
4ـ تربية الكوادر.
ملاحظة: يمكنكم الاستماع للمحاضرة من خلال الذهاب لزاوية (محاضرات) أو عبر الوصلة التالية:
http://www.alyousif.org/sound/28.wma
7/2/1426
اضف هذا الموضوع الى: