مشدداً على أهمية حضور المجالس الأسرية خصوصاً في شهر رمضان المبارك
الشيخ اليوسف يدعو الشباب إلى ارتياد المجالس والديوانيات المحبوبة والمفيدة والنافعة
سماحة الشيخ عبداللله اليوسف يلقي خطبته على المصلين
سماحة الشيخ عبداللله اليوسف يلقي خطبته على المصلين

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 14 رمضان 1438هـ الموافق 9 يونيو 2017م عن المجالس والديوانيات التي يرتادها الشباب، وعن أنواعها وتأثيرها على شريحة الشباب، فالمجالس إما أن تكون محبوبة كالمجالس التي يذكر فيها اسم الله تعالى ومجالس القرآن والدعاء ومجالس المؤمنين والصالحين ومجالس أهل العلم والرأي ومجالس أهل الحكمة والعقل، ومجالس الثقافة والمثقفين؛ وإما أن تكون محرمة كالمجالس التي يعصى الله فيها، أو مكروهة كمجالس البطالين التي تمتاز بكثرة الضحك العالي والمزاح الثقيل وقتل الوقت من غير فائدة أو منفعة. 

 وأضاف سماحته قائلاً: من القضايا الاجتماعية المهمة وذات التأثير القوي على شريحة الشباب وتؤثر فيهم إيجاباً أو سلباً هي مجالس الشباب المنتشرة، والتي تتنوع اتجاهاتها وأهدافها بحسب القائمين عليها، ويرتاد الكثير من الشباب هذه المجالس (الديوانيات) بحسب ميولهم واتجاهاتهم وشخصياتهم، ويحرصون على حضور ما يتناسب معهم منها، ومجالسة أهلها، والتسامر مع أصدقائهم فيها. 

وأوضح سماحته أن المجالس المحبوبة هي المجالس العامرة بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأدعية المأثورة، وإحياء أمر أهل البيت ، ومجالس العلم والثقافة وغيرها من المجالس النافعة والمفيدة.

وقد ذكر سماحة الشيخ اليوسف مجموعة من الروايات الحاثة على مجالسة الأخيار والصالحين، فقد ورد الحث الأكيد على ارتياد مجالس العلماء والمؤمنين والأخيار، فقد ورد عن الإمام زين العابدين : «مَجالِسُ الصّالِحينَ داعِيَةٌ إلى‏ الصَّلاحِ » . وقال أمير المؤمنين : «جانِبوا الأشْرارَ، وجالِسوا الأخْيارَ » . وعنه أيضاً قال: «علَيكَ بمَجالِسِ الذِّكْرِ».

وتابع سماحته: من المجالس المحبوبة أيضاً مجالس أهل العلم والعلماء، فمجالسة العلماء فيه كسب للفقه والعلم والمعرفة، وذكر للآخرة، وشرف للدارين، فقد روي عن الإمام علي  أنه قال: «جالِسِ العُلَماءَ يَزدَدْ علمُكَ، ويَحسُنْ أدبُكَ، وتَزكُ نَفْسُكَ» . وورد عن الإمام الصادق أنه قال: «مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة».

وقال لُقمانُ : « يا بُنيَّ، جالِسِ العُلَماءَ وزاحِمْهُم برُكْبَتَيْكَ، فإنّ اللَّهَ عزّ وجلّ يُحْيي القُلوبَ بنُورِ الحِكمَةِ كما يُحْيي الأرضَ بِوابِلِ السّماءِ».

وأكد سماحته على أن مجالسة العلماء لا يخلو من فائدة دينية أو علمية أو أخلاقية أو تربوية مما يزيد من ثقافة الإنسان وينمي من معارفه ويحسن من أخلاقه وآدابه.

وشدد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية حضور المجالس الأسرية التي تجتمع فيها كل أعضاء الأسرة والعائلة، فهذه المجالس فيها صلة للرحم، وتفقد لشؤون الأسرة، وزيادة في التلاحم والترابط الأسري، وحل المشاكل والخلافات الأسرية إن وجدت، مما يجعل من الأسرة كياناً متماسكاً وقوياً؛ وحيث تكون الأجواء في شهر رمضان مهيأة لتذويب أي خلاف أسري أو جفاء بين أعضاء الأسرة الواحدة.

وحذر سماحة الشيخ اليوسف الشباب من ارتياد المجالس المبغوضة والمحرمة لأنها لا تخلو من ارتكاب إثم ومعصية، وقد تؤدي بالإنسان إلى الهلاك، فقد روي عن رسول الله قوله: «المَجالِسُ ثلاثةٌ: غانِمٌ وسالِمٌ وشاحِبٌ‏ [وشاجب] ، فأمّا الغانمُ فالّذي يُذكَرُ اللَّهُ تعالى‏ فيهِ، وأمّا السّالمُ فالسّاكِتُ، وأمّا الشّاحِبُ فالّذي يَخوضُ في الباطلِ».

وأشار سماحته إلى أن المجالس الممقوتة والمحرمة تشمل كل مجلس يستهزئ فيه بالدين، أو يفعل فيه المنكرات والموبقات مثل: شرب الخمور، وتناول المخدرات، واستماع الأغاني والمجون، والتلذذ بالغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور.

وأوضح سماحته أن من أكثر الآفات المنتشرة في المجالس الممقوتة والمحرمة آفة الغيبة حيث يأكلون أعراض الناس بالغيبة والقيل والقال كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ.

وعن المجالس المكروهة التي كره الشارع المقدس ارتيادها قال سماحة الشيخ اليوسف: إنها مثل مجالس البطالين التي لا فائدة منها، ولكن لا يرتكب فيها ما يصل إلى درجة الحرام، كمجالس اللهو غير المحرم والزائد عن حده، من قبيل: المراح الثقيل، والضحك العالي، وشرب التدخين والمعسل وما أشبه ذلك.

ولفت سماحته إلى أن مثل هذه المجالس المكروهة قد انتشرت بكثرة بالمجتمع، والتي لا فائدة علمية أو دينية أو أخلاقية فيها، وإنما تضييع للوقت، وفرفشة زائدة عن الحد، وعدم تحمل أية مسؤولية دينية أو اجتماعية أو أسرية أو تربوية.

وتابع سماحته بالقول: ولا شده أن ارتياد مثل هذه المجالس المكروهة باستمرار وإدمان قد يجعل الإنسان يحوم حول الشبهات، ويعيش بلا هدف ولا رؤية ولا طموح كما هو حال بعض الشباب والفتيات الذين يعيشون بلا هدف في حياتهم.

واستطرد سماحته قائلاً: إن الذهاب للمجالس المباحة لمسامرة الأصدقاء والترويح عن النفس أمر مطلوب في الحدود الطبيعية لكن يجب الحذر من كثرة التردد على مجالس البطالين ومجالس الفضوليين، ومجالس الشباب غير النافعة.

يقول الإمامُ زينُ العابدينَ عليه السلام - في الدّعاءِ-: «أوْ لَعلَّكَ فَقَدْتَني مِن مجالسِ العُلماءِ فخَذَلْتَني، أو لَعلّكَ رأيْتَني في الغافِلينَ فمِن رحمَتِكَ آيَسْتَني، أو لَعلّكَ رأيتَني آلِفَ مَجالِسِ البَطّالينَ فبَيْني وبَيْنَهُم خَلَّيْتَني » . فالإدمان على ارتياد مجالس البطالين ينتج الألفة النفسية معها مما يؤدي إلى الابتعاد عن ذكر الله تعالى، والعزوف عن الأجواء الإيمانية والعبادية.

وختم سماحة الشيخ اليوسف الخطبة بدعوة الشباب إلى ارتياد المجالس المحبوبة والنافعة والمفيدة في الدنيا والآخرة كمجالس الذكر والعبادة، ومجالس العلم والعلماء، ومجالس الحكمة والحكماء، ومجالس العقل والعقلاء، فطوبى ثم طوبى لرواد مثل هذه المجالس المحبوبة والمفيدة، والحذر ثم الحذر من ارتياد المجالس المحرمة والممقوتة والمبغوضة فإنها تؤدي بالإنسان في نهاية الأمر إلى خسارة دنياه وآخرته وذلك هو الخسران المبين!

اضف هذا الموضوع الى: