ثقافة التطوع في مجتمعنا
الشيخ عبدالله اليوسف - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
إن حيوية أي مجتمع أو ركوده منوط بمستوى الثقافة الـــــسائدة لديه ، فإذا كان المجتمع تسوده ثقافة منتجة ومتحركة وواعية فإنه يكون مجتمعاً حيوياً ومتــحركاً ومتقدماً، أما إذا كانت الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة سلبية ومتخلفة فان المجتمع سيصــــاب بالركود وانعدام الفاعلية .
وثقافة التطوع هي جزء لا يتجزأ من مفهوم الثقافة بالمعني العام ، وتساهم انتشار هذه الثقافة في أي مجتمع في تحريكه ودفعه نحو المزيد من الإنجاز والإنتاج في مياديــــــــن ومجالات العمل التطوعي ؛ أما عندما تكون ثقافة التطوع غائبة من الساحة الاجتماعية ، أو سائدة لدى نخبة من أبناء المجتمع فقط فان النتيجة لن تكون في صالح تقدم وتطور العمـــل التطوعي .
وفي الثقافة الإسلامية حظي العمل التطــــوعي بمكانة عالية من الاهتمام إذ نجد الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث علـــــــــى كفالة الأيتام ، ومساعدة المحتاجين والمعوزين والفقراء ، ومد يد المساعدة للعاجزين والمعــــــــــوقين ، والمساهمة في التعليم ونشر العلم ، والحفاظ على البيئة ، والمشاركة في العــــــــــمران والتطوير... إلى آخر ما هنالك من مجالات متعددة ومتنوعة للعمل الخيري والتطوعي .
ولا تكتفي ثقافة العمل التطوعي في الإسلام بالحث والتحريض على ذلك ، بل تجعل من عمل الخير مصداقاً من مصاديق العبادة ، كما تجعل من الساعي في قــــــضاء حاجات إخوانه المؤمنين كالمتشحط بدمه في سبيل الله تعالى‍ . ‍‍‍‍‍‍‍‍
ومع كل ما تمتلكه ثقافة التطوع في الإسلام من مخزون ثقافي وقيمي محفز ودافع للانخراط في مجالات العمل التطوعي إلا أن الملاحظ في مجتمعنا هو تدني الـــــتفاعل مع مجالات العمل التطوعي ومؤسساته ولجانه. ويعود السبب في ذلك لأسبـــــــاب عديدة من أبرزها :
1ـ غياب ثقافة التطوع لدى الكثير من الناس ، وعدم إدراك المضامين النبيـــــلة لأهداف الأعمال التطوعية ، وعدم وضوح فوائد ومكتسبات العمل الخيري والتطوعي

2ـ اهتمام الأفراد بالقضايا الخاصة ، وعدم إعطاء أية أهمية لقضايا المجتمـــــــع والمصلحة العامة للأمة .
3ـ وجود معوقات ومشاكل تعترض طريق العاملين في الأعمال التطوعية مما يدفع بالكثير إلى الابتعاد عن المشاركة في الأعمال التطوعية .
4ـ اختلاف الأولويات حيث يتجلى ذلك في التركيز على قضــايا تقليدية للعمل التطوعي وإهمال جوانب مهمة تحتاج إلى المزيد من الرعاية والاهتمام .
5ـ تقليدية بعض قيادات العمل التطوعي وعدم قدرتها على إنتاج خطاب ثقافي تطوعي قادر على التجديد والفاعلية والتجاوب مع متغيرات العصر .
ولكي نستطيع تجاوز ذلك ، لابد من تفعيل ثقافة التطوع على المستويين النظري التأصيلي والعملي التطبيقي في البنية الاجتماعية وهذا يتطلب مايلي :
1ـ صياغة خطاب ثقافة التطوع بأسلوب جديد قادر على التأثير في الأجــــــيال المعاصرة .
2ـ التركيز على فوائد ومكتسبات العمل التطوعي للأفراد المتطوعين ، كي تزداد القناعة بأهمية المشاركة في الأعمال التطوعية .
3ـ ترتيب الأولويات في العمل التطوعي بما يناسب كل مجتمع وأمة ، وبما يساهم في تلبية الحاجات الجديدة للمجتمع ، وعدم الاكتفاء بالأعمال التقليدية كدعم الفقـــراء والمحتاجين؛ وإن كان هذا من صلب الأعمال التطوعية ، إلا إنه توجدالآن أيضــــاً قضايا مهمة ورئيسة كدعم المتفوقين دراسياً ، والمساهمة في تشغيل العــــــاطلين عن العمل ، ودعم الإنتاج الفكري والثقافي ... إلخ .
4ـ استقطاب عناصر جديدة للأعمال التطوعية لبعث روح جديدة فـيها ، وإنتاج الأفكار الجديدة ، والبرامج الجديدة ، وهذا يتطلب منح الفرصة لقيادات جديدة مــؤهلة لقيادة المشاريع التطوعية .
5ـ العمل على تجاوز العقبات والمشاكل التي تعترض طــــــــريق العمل الخيري والتطوعي ، وتشجيع المتطوعين ودعهم معنوياً ومادياً لكي يزدادوا نشاطاً و إنتاجاً .
وبهذه الخطوات يمكن دفع العمل التطوعي في مجتمعنا إلى المزيد من الإنجـــــاز والعطاء والفاعلية .



10/11/1423هـ
13/1/2003م

10/11/1423
اضف هذا الموضوع الى: