سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء خطبته على المصلين
|
اعتبر سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الرسول الأعظم بتاريخ 12 ربيع الأول 1439هـ الموافق غرة ديسمبر ٢٠١٧م فضيلة (علو الهمة) من أعظم فضائل النفس الإنسانية؛ فبها يستحصل الإنسان على باقي الفضائل والكمالات الروحية والمعنوية، وبها يصنع النجاح والتميز وتحقيق الأهداف، وبها يبني منزلته ومكانته في الدنيا والآخرة.
وأضاف سماحته قائلاً: إن الهمة العالية تدفع بالإنسان إلى العمل والإنجاز والتميز، فالنجاح والتميز في الحياة يحتاج إلى التحلي بفضيلة علو الهمة، كما أن الوصول إلى مراتب عالية في الآخرة يحتاج كذلك إلى همة عالية في العبادة والعمل الصالح والمسارعة في الخيرات.
وقد أشار أمير المؤمنين إلى أن مكانة الرجل وفضله يعتمد على مقدار همته وما لديه من إرادة وعزيمة في قوله : «قَدرُ الرّجُلِ على قَدرِ هِمَّتِهِ».
وقال سماحته أيضاً: لا شك أن النجاح في الحياة والوصول إلى مراتب متقدمة من الإنجاز والتميز يحتاج إلى علو الهمة، فالطالب في المدرسة يحتاج إلى همة عالية لكي يحقق التفوق في دراسته، وكذلك المعلم مع طلابه، والعامل في وظيفته، والتاجر في تجارته وهكذا، وليس المطلوب فقط أن تكون عند الإنسان همة وحسب وإنما المطلوب أن تكون عنده همة عالية كما جاء في قول أمير المؤمنين : «خَيرُ الهِمَمِ أعلاها» .
وتابع: فخير الهمم أن تكون عند الإنسان أعلى همة وإرادة وعزيمة وإصرار تدفعه نحو المزيد من العمل والإنتاج والعطاء والإبداع في جميع جوانب الحياة.
وأشار سماحته إلى ما ورد في سيرة بعض العلماء الكبار الذين سطروا عشرات بل مئات الكتب العلمية لأنه كانت لديهم همة عالية؛ من أمثال العلامة الحلي العالم المعروف، وصاحب التصانيف الكثيرة؛ حيث ينقل عن سيرته: أنه كان في نهاية كل أسبوع يتجه من الحلة إلى كربلاء المقدسة ويركب على دابته وفي أثناء الطريق يكتب وهو فوق الدابة، حتى قيل: أنه لا يعرف خطه إلا ابنه فخر المحققين لسرعة كتابته والاستفادة القصوى من الوقت، وأيضاً كان يفعل الأمر نفسه في أثناء رجوعه من كربلاء إلى الحلة بالعراق.
وقيل: إن العلامة الحلي ألّف ما يقارب الألف كتاب، وبعضها موسوعات علمية كبيرة في الفقه والأصول وسائر العلوم الشرعية، وما كان هذا ليتحقق لولا علو همته وقوة عزيمته وصبره.
وأكد سماحة الشيخ اليوسف على أن الإنجاز وصناعة التميز يحتاج إلى همه عالية، وبذلك يصنع الإنسان لنفسه مكانة متقدمة بين المتميزين.
وأوضح سماحته بعض العوامل التي تدفع بالإنسان ليكون من أصحاب الهمم العالية ومنها:
أولاً: كبر النفس واتساعها، وثانياً: الأهداف الكبيرة والواضحة التي وضعها لنفسه بعكس الإنسان الذي ليس له أهداف محددة، كما ورد في قول أمير المؤمنين : «مَن كَبُرَت هِمَّتُهُ كَبُرَ اهتِمامُهُ». وثالثاً: الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه وأهله ومجتمعه. ورابعاً: العزيمة والإرادة القوية.
مستشهداً بأبيات الشاعر المعروف المتنبي:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
ثم تطرق سماحته إلى العامل الأخير وهو الطموح اللامحدود، فالإنسان الذي يريد أن ينجح في دنياه وآخرته، لابد وأن يكون عنده طموح بلا حدود، حتى يحقق ما تصبوا إليه نفسه؛ وكما قيل: «لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها».
وختم سماحته بالتأكيد على أن يكون الإنسان صاحب همة عالية في جميع مجالات الحياة، وأن يمتلك إرادة وعزيمة قوية من أجل الوصول إلى مبتغاه حتى ينال مرتبة التميز والتفوق بجدارة واستحقاق.